الأمن العامّ يحبط مخطّطاً إرهـ.ـابياً: تفجـ.ـير مستشفى الرسول بِمُسَيَّرَة مفخّخة هجوم على كنيسة… وأهداف في جبل محسن

Share to:

الأخبار – وفيق قانصوه

عام 2017، قضت عملية فجر الجرود التي نفّذها الجيش اللبناني من جهة الجرود اللبنانية في السلسلة الشرقية، والمقاومة والجيش السوري من جهة الحدود السورية، على آمال تنظيم «داعش» الإرهابي بإقامة إمارة في شمال لبنان. جرى ذلك بالتزامن مع تحرير الحشد الشعبي والجيش العراقي مدن العراق التي سيطر عليها التنظيم بالحديد والنار. سقطت «دولة الخلافة» جغرافياً، إلا أن التنظيم الإرهابي لا يزال قادراً على استقطاب الشبان طائفياً، خصوصاً في لبنان، مستثمراً الانقسامَ العميق والأزمة المعيشية المتفاقمة و«مظلومية السُّنّة» المستجدّة.

في السابع والثامن والتاسع من كانون الأول الماضي، أوقف الأمن العام خمسة لبنانيين في منطقة الشمال يشتبه في تأليفهم خليةً تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي. الخمسة، جميعهم، من سكان منطقة المنكوبين (طرابلس) التي شهدت نهاية عام 2021، إضافة إلى مناطق شعبية فقيرة أخرى كالقبة والتبانة، «اختفاء» عشرات الشبان فجأة قبل أن يظهروا في العراق، ويعود بعضهم قتلى.
لا تزال التحقيقات مع الموقوفين الخمسة في بدايتها، لكن ما رشح عنها حتى الآن يشير إلى إحباط مخطّط إرهابي ذي خلفيات طائفية واضحة. فقد اعترف أحد الموقوفين بأنه كان يعدّ لتنفيذ هجوم إرهابي بإطلاق النار على كنيسة في شارع عزمي في طرابلس، ليلة عيد الميلاد الماضي، أثناء توجّه المصلّين لحضور قدّاس الميلاد، إضافة إلى إحراق شجرة الميلاد في «ساحة النور» في المدينة لـ«إخافة المسيحيين». كما اعترف بأنّ مشغّليه اقترحوا أهدافاً أخرى لاستهدافها، من بينها مستشفى الرسول الأعظم في ضاحية بيروت الجنوبية وحسينية في منطقة بيروت بواسطة مُسيّرة مفخّخة، إضافة إلى أهداف أخرى في منطقة جبل محسن.

اللافت أن معظم الموقوفين من عائلات لها «تاريخ» طويل من التورّط مع الجماعات الإرهابية، وبعضهم قاتل في سوريا، وأمضى سنوات من السجن في لبنان بتهم الانتماء إلى الجماعات الإرهابية، باستثناء المتّهم الرئيسي الذي يبدو – حتى الآن – خارج هذا التصنيف. واللافت أيضاً أن هؤلاء جميعاً يؤكدون – بما يشبه التنسيق في ما بينهم – أن علاقتهم بالمتهم الرئيسي سطحية، رغم تأكيده أنهم هم من جنّدوه، وأنهم مطّلعون على كل تفاصيل المخطّط، ما يشير ربما إلى أن التنظيم الإرهابي يعتمد على «مخضرميه» لتجنيد أشخاص غير «محروقين» أمنياً، حتى إذا ما وقعوا في قبضة الأجهزة الأمنية تمّ إنكارهم.

حتى نهاية الشهر الماضي، لم تكن كل الأدلة والأجهزة المنوي استعمالها في المخطط الإرهابي قد ضُبطت، غير أن مفوّض الحكومة بالإنابة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي أشار، بتاريخ 19/12/2022، إلى إبقاء الخمسة موقوفين، وهم: فاروق ر. (مواليد 2002)، علي د. (1995)، وائل ش. (2006)، عربي إ. (1995)، بجرم التخطيط لتنفيذ أعمال أمنية داخل الأراضي اللبنانية، ويحيى. ح. د. (1993) بجرم التجارة في الأسلحة الحربية. كما كُلّفت دائرة الاتصالات في الأمن العام بدرس اتصالاتهم المشتركة وتزامنهم الجغرافي وتحديد العلاقة في ما بينهم عبر الربط التقني والفني. وفي ما يأتي بعض ما جاء في الاعترافات الأولية للموقوفين:

فاروق ر.: اختبار في الكنيسة وثأر مع جبل محسن

أبرز الخمسة، والوحيد الذي اعترف بالعمليات التي كُلّف بها هو فاروق ر. (يعمل في مجال الكهرباء) الذي أدلى بإفادات متناقضة. في التحقيق الأولي معه، أفاد بأنه قبل سنتين تعرّف إلى الموقوف وائل ش. وأنس ج. وآخرين أثناء تعاطيهم حشيشة الكيف في مجمع يوسف غمراوي المعروف باسم الجبور في محلة تربل. قبل تسعة أشهر، توقّف أنس عن تعاطي المخدّرات والكحول، وصار ينصحهم بأن يحذوا حذوه ويؤدوا الفروض الدينية. وبدأ أنس يتقرّب من فاروق الذي توقّف عن تعاطي المخدّرات والمسكّرات، ويحدّثه عن «الجهاد في سبيل الله»، وحاول إقناعه بالسفر معه إلى العراق للالتحاق بتنظيم «داعش» و«نيل الشهادة». إلا أن الموقوف ادّعى أنه رفض العرض، «إلى أن انتشر في المنكوبين بعد حوالى شهر أن أنس وعادل ش. (ابن عم الموقوف وائل ش.) وآخرين غادروا إلى العراق».

بعدها، عاد فاروق إلى تعاطي حشيشة الكيف والكحول. وقبل ثلاثة أشهر، بدأ وائل ش. بالتقرّب منه والتحدّث إليه عن ضرورة «الابتعاد عن هذه الحياة واللجوء إلى الجهاد في سبيل الله»، فأقلع مجدّداً عن التعاطي. ونزولاً عند إلحاح وائل وحديثه الدائم عن الجهاد، وافقه فاروق على ذلك. بعدها، أنشأ له وائل حساباً على «فيسبوك» بِاسم Si tu veux (إذا أردت)، وبحث، عبر الماسنجر، عن حساب باسم «يوسف يوسف»، على بروفيله صورة أسد، وأرسل إلى صاحب الحساب رسالة تضمّنت حرف X، فردّ الأخير بحرف B. عندها، أرسل وائل ما مضمونه أنه «يمكنك التحدث مع صاحب هذا الحساب».

بعدها، بدأ «يوسف يوسف» يرسل «سلامات» بين يوم وآخر، وأحياناً في حضور وائل. وأكّد فاروق أن أحد الموقوفين الخمسة، علي د.، كان على اطّلاع على تواصله مع «يوسف»، وشجّعه على الانضمام إلى تنظيم «داعش»، وقدّم له هدية عبارة عن عباءة دينية يرتديها عناصر التنظيم. لكنه أشار إلى أنه بعد توقيفه لدى مخابرات الجيش قبل 20 يوماً، وقبل إطلاقه، تخلّص والده من العباءة خشية أن تَدهم المخابرات المنزل.

توطّدت العلاقة بين فاروق و«يوسف» الذي كان يحدّثه عن «الجهاد» و«نصرة المسلمين» وأقنعه بإرسال نسخة عن جواز سفره اللبناني عبر تطبيق «تلغرام» بهدف ترتيب أمر التحاقه بـ«المجاهدين» في العراق، مشيراً إلى أن لدى «يوسف» حساباً على «تلغرام» باسم «غريب الديار». بعدها أرسل له «يوسف» رابطاً لحساب على فيسبوك باسم «أبو دجانة» للتواصل معه بعد إرسال كلمة سر (رقم 50) عبر الماسنجر. وهو ما قام به وائل، بواسطة هاتف فاروق، فردّ «أبو دجانة» بإرسال كلمة سر أخرى (رقم 100).

وأقرّ فاروق بأنّه بعد فترة من التواصل، عرض على «أبو دجانة» تأليف مجموعة مسلحة، وطلب منه أموالاً لشراء أسلحة، فطلب منه الأخير إرسال صور للموقع الذي ستجري التدريبات فيه. بعد انتهاء المحادثة قام وائل بمسحها عن الماسنجر، وعمل فاروق على التقاط صور لموقع في منطقة جبل الأربعين، وإرسالها إلى «أبو دجانة» الذي أبلغه أنه سيرسل المال لاحقاً عبر شركة OMT باسم وائل ش. وأكّد فاروق أن الموقوف علي د. كان يعلم أيضاً بأمر التدريبات والمجموعة التي ينوي تشكيلها بعد تسلّم المال من «أبو دجانة»، مشيراً إلى أنه كان ينوي شراء الأسلحة للمجموعة من الموقوف يحيى ح. د. (الملقّب بـ«يحيى الصوفي») المعروف بعمله في تجارة الأسلحة. وتأكّد من خلال رسالة صوتية وُجدت على هاتف الموقوف سؤال «أبو دجانة» له عن تشكيل المجموعة، وجواب فاروق بأنّه يحتاج إلى المال قبل المباشرة بأيّ عمل أمني.

في جلسة تحقيق ثانية، غيّر فاروق إفادته مدّعياً بأنّ عربي إ. – وليس وائل ش. كما جاء في إفادته الأولى – بدأ منذ حوالى شهرين (قبل الاعتقال) التقرّب منه ونصحه بـ«الابتعاد عن المحرّمات والجهاد في سبيل الله»، وأن عليه أن يفجّر نفسه «كي يقبله الله شهيداً». وزعم أن عربي، وهو من سكان المنكوبين أيضاً، هو من طلب منه التواصل مع «يوسف يوسف» وأنشأ له حساب فيسبوك باسم Si tu veux وقام باختيار الصور والمعلومات الشخصية، وأكّد له أن «يوسف» موجود في سوريا. وأشار إلى أن عربي أنشأ له حساباً آخر بالاسم نفسه بعد حظر الأول بسبب نشره فيديوات «جهادية». وكرّر الموقوف التفاصيل نفسها حول كيفية بدء التواصل مع «يوسف» ومضمون المحادثات كما جاء في الإفادة الأولى، باستثناء إحلال اسم عربي بدل وائل. ولدى سؤاله عن سبب تغيير إفادته الأولى، زعم أنه كان يخشى من انتقام عربي من والده، مشيراً إلى أن عربي كان قد أطلق النار على منزل عائلة فاروق قبل شهرين. ووصف عربي بأنّه «حذر جداً»، و«يستخدم تابليت وعدّة هواتف خلوية من نوع آيفون»، وقد «عمل على تكسير كل الكاميرات الموجودة في الحارة ومنع أي شخص من وضع كاميرات مراقبة». وأشار إلى أن والد عربي اصطحب عام 2014 زوجته وأولاده الستة إلى سوريا حيث التحقوا بتنظيم «داعش»، وإلى أن اثنين من إخوة عربي (خالد وأسامة) قُتلا في صفوف التنظيم. وبعد توقيف عربي غادر والده والعائلة سوريا عائدين إلى الدنمارك.

وعمّا دفعه إلى قبول تأليف خلية وتنفيذ أعمال إرهابية، أشار إلى أن له «ثأراً» مع «أهالي جبل محسن» لأن خاله قُتل في المنطقة وأُطلق سراح قاتله.

وبعد التوسّع في التحقيق معه لناحية التخطيط للعمليات وكيفية تنفيذها، أفاد بأنّه استمر في التواصل مع «أبو دجانة» على تطبيق «تلغرام»، وأنه قبل نحو 25 يوماً من تاريخ 4 كانون الأول الماضي، فاتحه «أبو دجانة» بتنفيذ «عملية استشهادية» بواسطة حزام ناسف، إلا أنه رفض الأمر كونه وحيد والديه. كما ادّعى بأنه رفض طلب «أبو دجانة» زرع عبوة هي عبارة عن حقيبة ظهر في مكان يحدّده له لاحقاً، خشية أن يقوم مشغّله بتفجير العبوة فيه عن بُعد. عندها، عرض عليه المشغّل أن يسلمه مُسيّرة مفخّخة بعبوة يقوم بالتدرب عليها في مكان محدد، على أن يستخدمها في تنفيذ هجوم على حسينية في بيروت أو مستشفى الرسول الأعظم في الضاحية الجنوبية. وأرسل له رابطاً حول كيفية إعداد عبوات «تي أن تي» ناسفة (ادّعى أنه لم يفتح الرابط)، وأبلغه أنه في حال واجه صعوبة، فإنه سيتكفّل بإرسال عبوة جاهزة في حقيبة عبر منطقة الهيشة في وادي خالد على الحدود السورية.

«مسيّرة» وحقائب مفخخة في وادي خالد ومشغّل يعمل بين عين الحلوة وإدلب

غير أن فاروق، كما أبلغ محقّقي الأمن العام، أصرّ على أن يكون الهجوم في جبل محسن بسبب دوافعه الشخصية. عندها حدّد له «أبو دجانة» ثلاثة أهداف هي: مستوصف علي عيد في محلة جبل محسن من جهة المنكوبين، ومحل لبيع المشروبات الروحية قرب المستوصف، ومنزل رفعت عيد في جبل محسن. وأفاد فاروق بأنه، قبل نحو ثلاثة أسابيع من توقيفه، استطلع الأهداف وحدّد نقطة انطلاق المُسيّرة من مبنى الحاج صبيح (وهو أعلى مبنى في منطقة المنكوبين يطل على جبل محسن ويبعد نحو 500 متر عنه).

وأفاد الموقوف بأن «أبو دجانة» أرسل إليه صوراً للمُسيّرة عبر تطبيق «تلغرام»، وهي ذات أربع مراوح، متوسطة الحجم لونها أبيض، وتحمل عبوة أسفلها رُبطت برباطين أسودين طلب منه أن يفكّهما أثناء التدريب عليها، على أن يعيد ربطهما عند التنفيذ. وأرسل إليه تعليمات حول كيفية ربط المُسيّرة إلكترونياً بهاتفه الخلوي للتحكّم بها عن بعد وإيصالها إلى الهدف حيث تنفجر بمجرد الاصطدام به. غير أنه أنكر أن تكون المُسيّرة في حوزته لأن المشغّل طلب منه التوجه إلى وادي خالد – خط البترول واجتياز الحدود (النهر) ليتسلّمها من أحد الأشخاص، مدّعياً أنه لم يفعل خشية تعرّضه للقتل أو الخيانة.

وأقرّ فاروق بأنّه، قبل توقيفه، كان يتحضّر للقيام بـ«اختبار» بهدف كسب ثقة مشغّله، موضحاً أنه كان ينوي تنفيذ هجوم على كنيسة في شارع عزمي، في طرابلس، قبيل قدّاس ليلة الميلاد. وأشار إلى أن الخطة كانت تقضي بمروره مُقنّعاً، فوق دراجة نارية، وإطلاق النار على الكنيسة أثناء توجّه المصلّين إليها، إضافة إلى إحراق شجرة الميلاد في «ساحة النور» في المدينة بواسطة زجاجة مولوتوف، مشيراً إلى أن «أبو دجانة» علّمه كيفية تصنيعها باستخدام حجر الكربير والمياه، وأنه قام بتجربة على ذلك. وأفاد بأنّه كان ينوي الحصول على السلاح لتنفيذ العملية أمام الكنيسة من الموقوف يحيى ح. د. كذلك أكّد أن الموقوف، علي د.، كان أيضاً على علم بالعملية التي كان ينوي تنفيذها ليلة الميلاد. وقال إنه قبل نحو شهرين طلب من علي د. إعطاءه رقم صهر الأخير، واسمه عبد الرحمن محمد زعيتر (سوري)، لمساعدته على دخول سوريا، إلا أن علي لم يفعل.

الدنماركي عربي إ.: كوبنهاغن – إدلب – المنكوبين

يبدو عربي إ. (مواليد 1995) الشخصية الأكثر غموضاً بين الموقوفين الخمسة. الشاب ذو الخلفية المتطرفة والذي أمضى في سجن رومية ثلاث سنوات سجناً بتهمة الانتماء إلى تنظيمات إرهابية والقتال في صفوفها في سوريا، نفى أي علاقة له بـ«أي أحد ممن يحملون أفكاراً جهادية». كما أنكر أي علاقة له بالموقوف فاروق ر.، مشيراً إلى أن معرفته بالأخير لا تتعدى كونه «ابن منطقتي، ولا تربطني به أي علاقة أو صداقة، ولا أعرف عنه سوى أنه صاحب مشاكل»، مشيراً إلى أنه يلتقيه أحياناً أثناء توجهه لصلاة الجمعة في مسجد المنكوبين ويدعوه لمرافقته، إلا أن فاروق يرفض ذلك.

وُلد عربي ونشأ في الدنمارك، حيث هاجر والده مع العائلة. تأثّر بمحيط شديد التطرّف. عمّاه صدام وعثمان انتسبا إلى تنظيم «جند الإسلام» وشاركا في القتال ضد الجيش اللبناني، فقُتل الأول وحُكم على الثاني بالسجن 12 عاماً، كما أُوقف عمه الثالث، يوسف، لمشاركته في الإعداد لمحاولة تفجير قطارين في مدينة دوسلدورف الألمانية عام 2006.

في الدنمارك، تلقّى علومه حتى الصف العاشر، وترك الدراسة عام 2013. في ذلك العام، كانت الحرب في سوريا في أوجها، و«كنت أشاهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيديوات التي تعرضها الثورة عن مجازر النظام ضد الشعب السوري، ودعوات المعارضة للمسلمين إلى نصرة المظلومين»، مشيراً إلى أن والده «كان ولا يزال مؤيداً للثورة السورية ضد النظام السوري الذي يعتبره ظالماً ضد المسلمين السُّنة».

تأثراً بـ«الدعوات إلى الجهاد»، قرّر التوجه إلى سوريا برفقة الدنماركي من أصل باكستاني محمد جنيد الذي كان تعرّف إليه في مسجد طيباتي في كوبنهاغن، حيث كان يتردّد، ونصحهما السوري «أبو محمد الكردي»، الذي كان يتردّد إلى المسجد نفسه، بأن يتوجّها إلى أنطاكيا القريبة من الحدود السورية. هناك، تعرّفا في أحد المساجد إلى السوري نبيه علي باشا الذي سهّل إدخالهما إلى إدلب والتحاقهما بتنظيم «أحرار الشام» حيث أمضى حوالى ستة أشهر وشارك في أعمال قتالية ونصب كمائن. ثم التحق بـ «جبهة النصرة» في إدلب بعدما «اقتنعت بأفكارهم لجهة إقامة دولة إسلامية تحكم بالقرآن الكريم»، وأمضى في صفوف «النصرة» ثلاثة أشهر. بعدها، وسّط والده السوري نبيه علي باشا لإخراجه من إدلب إلى تركيا، ومن هناك عاد برفقة والده إلى منزل العائلة في المنكوبين. بعد شهرين أوقفه الجيش اللبناني واعترف بانتمائه إلى «أحرار الشام» و«جبهة النصرة» والقتال في صفوفهما، وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن ثلاث سنوات أمضاها في المبنى «ب» المخصَّص للإسلاميين في رومية، وكان معه عمه عثمان وعدد من أبناء المنكوبين من المحكومين أيضاً بجرائم إرهاب، من بينهم حسن مشرف وعبدالله الحنتور وبسام النابوش وخالد السفرجلاني وبلال إبراهيم. أُطلق سراحه أواخر عام 2016. وقال إنه أثناء سجنه، كان يتواصل هاتفياً مع والده في الدنمارك، وعلم أن شقيقيه خالد وأسامة التحقا بتنظيم «داعش» في سوريا وبعد فترة قُتلا في منطقة دير الزور. وأكّد أنه بعد خروجه من السجن، عاد للسكن في منزل ذويه في المنكوبين وقرّر البدء بحياة جديدة، والابتعاد عن التفكير بأي تنظيم إسلامي أو أي عمل يؤدي إلى سجنه أو توقيفه. وأشار إلى أنه استُدعي عام 2021 للتحقيق معه حول معلومات عن علاقته بأشخاص غادروا إلى سوريا للالتحاق بتنظيمات إرهابية، وأُخلي سبيله بعد حوالى عشرة أيام. وأكّد أنه يحاول تسوية وضعه مع المحكمة العسكرية في موضوع إطلاق نار ليتمكن من المغادرة مع عائلته إلى الدنمارك.

الهجوم على الكنيسة كان مقرراً ليلة الميلاد مع «مولوتوف» على شجرة الميلاد في «ساحة النور»

ولدى سؤاله عن سبب دعوته فاروق لمرافقته إلى صلاة الجمعة، أجاب بأنّه كان يسعى إلى «هدايته دينياً ونصحه بالتوجه إلى الإسلام الصحيح». وعمّا إذا كان عرّفه إلى أي شخص «مطّلع دينياً»، نفى أيّ صلة له بالأمر، كما أنكر معرفته بـ«يوسف يوسف» وما إذا كان الأخير موجوداً في سجن رومية ويعدّ لعمل أمني، وأجاب بأنّه منذ خروجه من السجن «لم يعد لديّ أي تكليف أو عمل في هذا المجال». وعن صفحته على تطبيق فيسبوك، قال إنه مسح التطبيق عن هاتفه قبل خمسة أشهر قبل بيعه، وإنه عندما حمّل التطبيق على الهاتف الجديد نسي كلمة المرور ولم يتمكّن من إعادة فتح الصفحة. وأشار إلى أن هاتفه من نوع «آيفون 7» وموجود في حوزة شقيقه صدام في المنزل وأنه باع الـ«تابليت» الذي كان يستخدمه. غير أن التحقيقات أظهرت امتلاك الموقوف بين 2 أيلول 2022 و30 تشرين الثاني 2022 «عدة هواتف خلوية من نوع آيفون، أحدها آيفون 7». واستنتج المحقّقون من إحدى محادثاته التي تم استرجاعها على فيسبوك أنه تلقّى تدريباً أمنياً أثناء وجوده في رومية، إذ يقول فيها: «كنا برا (خارج السجن) ما منعرف شي. الله يثبّتنا وما نزحط مرة تانية».

Exit mobile version