نضال العضايلة
ما قاله الأردن ضمناً وعملياً في الإدارة اللوجستية لحزمة المساعدات التي توجهت لسوريا، أكثر بكثير من تلك التي تم توجيهها إلى تركيا، فالاردن في المسألة الإنسانية وفي مسألة الجوار، يريد أن يسبق الجميع في كسر حواجز الصمت وتحطيم “النمط” وحواجز التردد بعيداً عن قانون قيصر الأمريكي، وبعيداً عن المنظمات بطابعها الدولي.
طائرات إغاثية محملة بمعدات إنقاذ وخيام ومواد لوجستية وطبية ومساعدات إغاثية وغذائية ومنقذين أردنيين من فريق البحث والإنقاذ الدولي، وأطباء من الخدمات الطبية الملكية.
لقد تجاوز الأردن الجدل الدولي والمنظماتي حول الفارق ما بين توجيه مساعدات إلى المناطق والمدن التي تخضع للنظام السوري، وتلك المنكوبه التي لا تخضع للنظام خلافاً للحديث الفصائلي.
الأردن فتح معابره مع سوريا بنفسه وبدون انتظار إذن أحد نصرة لمنكوبي زلزال سوريا، واعلن انه لن يقف مكتوف اليدين بينما اهلنا في الشمال السوري يرزحون تحت الانقاض ومنهم من قضى ومنهم من ينتظر، لذلك كان عليه ان يتخذ موفقاً جريئاً يضمن فيه الوصول الى اولئك المكلومين.
ويبدو ان الإتصال الهاتفي الطويل بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس السوري بشار الاسد قد وضع البلدين في مسافة اقرب مما كانت عليه قبل الزلزال فقانون قيصر الأميركي، يشكل تحديا أمام التنسيق والعمل المشترك مع سورية.
والأردن يدرك ضرورة بدء مسار لعودة سورية إلى محيطها، فلا بد من وجود مجالات تفتح الباب للعمل المشترك مع سورية، مشددا ولكن بقاء قانون قيصر، يجعل المسار في غاية الصعوبة.
لم يقف القانون عائقًا أمام الأردن، بل أقدم، على تقديم المساعدات لمواجهة آثار كارثة الزلزال في الشمال السوري، متحدياً بذلك قانون قيصر.
على الجانب الآخر شرّع الزلزال الذي تعرّضت له سوريا وتركيا الأبواب أمام لبنان الرسمي لتجاوز الاعتبارات المتعلقة بـ”قانون قيصر” وقرّر فتح المرافق الجوية والبرية والبحرية أمام وصول المساعدات إلى الشعب السوري.
أكثر من ذلك، توجه وفد وزاري هو الأول من نوعه بناء على تكليف حكومة تصريف الأعمال للتضامن مع سوريا في نكبتها وإبداء الاستعداد للمساعدة ولو متواضعة بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعانيها لبنان.
وتزامنت الخطوة اللبنانية مع العديد من المواقف السياسية والحزبية التي دعت إلى مساعدة سوريا بغض النظر عن الموقف من النظام، ولفتت تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التي قال فيها : ساعدوا الشعب السوري المنكوب في محنته من كل الجهات واضغطوا لفتح ممرات آمنة للجهات الدولية بعيداً عن ابتزاز النظام وأصدقائه.
الأردن ولبنان يعودون إلى سورية، ويقفون في خندقها، ويهاتفون رئيسها، ويتعاطفون مع ضحاياها، ويقفون إلى جانب شعبها المكلوم مواسين، ومؤكدين في الوقت نفسه، وإن تأخروا، على روابط الدّم والعرق والعقيدة بل والإنسانية أيضاً.