أكدت مصادر رئاسية أن الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس يكلف بتشكيل الحكومة العتيدة هي في موعدها بعد غد الخميس، مع مؤشرات قاطعة بأن التكليف سيكون لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، رغم شروط التيار الحر التي تنهال عليه من كل حدب وصوب، وأبرزها الحصول على وزارتي الخارجية لجبران باسيل رئيس التيار، والطاقة للنائب ندى بستاني، فضلا عن شرط إقالة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ولكنها شروط رفضها ميقاتي بالشكل وبالمضمون.
وعلى الرغم من الغموض المحيط بمواقف بعض الكتل النيابية، التغييرية منها أو المعارضة، فإن كفة نجيب ميقاتي ما زالت راجحة، خصوصا بعد جرعة الدعم التي سيتلقاها من اجتماع قريب منتظر للنواب السنة السبعة والعشرين برعاية مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان الذي كشف عن حماسته لميقاتي كرجل المرحلة المناسب.
وفي معلومات «الأنباء» أن المجتمعين سيتداولون في مواصفات رئيس الحكومة المكلف دون الدخول بالأسماء، على أن يكون المرشح لهذا المنصب قريبا ومقبولا من جميع الأطراف، مع تفضيل ألا يكون نائبا، ويتمتع بخبرة سياسية ومالية تساعد في إنقاذ الوطن، في خلال الأشهر الأربعة المتبقية من ولاية الرئيس ميشال عون ومن ثم في إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية.
وضمن أهداف هذا اللقاء النيابي الإسلامي لملمة الصف السني وتعزيز حضوره على الساحة اللبنانية بعد التشتت الذي أسفرت عنه الانتخابات النيابية الأخيرة مع الأخذ بعين الاعتبار حرية إبداء الرأي والاختيار.
واستبق المفتي الاجتماع بدعوة النواب اللبنانيين إلى توحيد الصف والكلمة لتمرير تسمية رئيس مكلف لتشكل الحكومة التي يكون على عاتقها متابعة تحقيق الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتوجه إلى النواب بالقول: عززوا وحدتكم وتضامنوا وتكاتفوا واجعلوا مصلحة لبنان نصب أعينكم وأول أهدافكم.
وأكد خلال لقاءاته العديدة مع النواب ان الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة هي أمانة لاختيار من لديه حكمة ومعرفة ولديه رؤية واضحة لمعالجة الوضع الصعب الذي يمر به لبنان، وشدد على ان دار الفتوى هي حاضنة لكل اللبنانيين، ولا تفرق بين أحد من أبنائها وتتعامل معهم على أساس الأخوة والمحبة والاحترام والإرشاد والتوجيه لتأكيد ما تسعى إليه دار الفتوى من احتضان مختلف الطاقات والقدرات والكفاءات اللبنانية المميزة في سبيل النهوض بلبنان من كبوته وأزماته التي نسأل الله تعالى أن يجعل لها فرجا ومخرجا عما قريب.
وبالمناسبة، فقد زار سفير إيران محمد جلال فيروزنيا المفتي دريان في دار الفتوى أمس مودعا بمناسبة انتهاء مهامه في لبنان.
نائب عكار وليد البعريني قال بعد لقائه المفتي دريان، هو الآخر، ان رئاسة مجلس الوزراء ليست مكسر عصا لأحد، مستغربا استسهال طرح بعض الأسماء، ناقلا عن المفتي دريان وقوفه على مسافة واحدة من جميع الأسماء المتداولة على هذا الصعيد، مشيرا إلى الحاجة إلى رجل وازن له تاريخه في العطاء والمتابعة لمصلحة الدولة والوطن. وواضح أن هذه المواصفات تنطبق على الرئيس ميقاتي.
النائب البعريني كشف عن توجه نواب الشمال إلى التكتل تحت عنوان «اللقاء النيابي الشمالي» ويضم كلا من النواب: وليد البعريني، محمد سليمان، أحمد الخير، عبدالعزيز الصمد، وكريم كبارة (سنة)، سجيع عطية (أرثوذكس)، وأحمد رستم (علوي).
وزار البعريني أمس سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري الذي كان التقى كلا من نائب طرابلس أشرف ريفي ونائب صيدا د.عبدالرحمن البزري، وشارك نواب شماليون في اجتماع لنواب سنة في منزل النائب نبيل بدر في بيروت، وخلصوا إلى دعم ترشيح ميقاتي.
وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي دعا إلى حكومة بالمواصفات التي تطرحها دار الفتوى تتمتع بصفة تمثيلية وطنية محررة من الشروط الخارجة عن الدستور والميثاق والأعراف، فلا يكون فيها حقائب وزارية وراثية ولا حقائب ملك طائفة ولا حقائب ملك مذهب، ولا حقائب ملك حزب، ولا حقائب رقابية على إحدى هذه الحقائب.
نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم دعا من جهته إلى حكومة جامعة، متمنيا ألا يعمل البعض لحكومة مغالبة وحكومة استئثار وحكومة تصفية حسابات «فنحن أمام أشهر أربعة إلى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، نستطيع خلال هذه الأشهر الأربعة من إنجاز خطة التعافي وبعض القوانين في المجلس النيابي، وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».
رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل شدد على أن لموقف الكتل النيابية يوم الخميس تداعيات مصيرية، داعيا كل نائب أن يتحلى بضمير وطني للالتفاف حول شخصية واحدة قادرة على تشكيل هكذا حكومة، وكتب عبر حسابه على تويتر قائلا: «انه لا يمكن للبنان أن يتحمل المزيد من تضييع الوقت وقلة المسؤولية، فإما أن يكون للبلد حكومة متحررة من مصالح المافيا ومن هيمنة حزب الله وإما الفوضى».
في هذه الأثناء، يتواصل بعض الأطراف مجددا مع د.صالح النصولي الذي حضر إلى لبنان ومع الاقتصادي د.عامر البساط على أمل طرح اسميهما في التداول لرئاسة الحكومة، وإليهما دخل على الخط وزير الاقتصاد أمين سلام المقرب من رئيس التيار الحر جبران باسيل، مبديا استعداده لتحمل أي مسؤولية في خدمة وطنه، بما في ذلك رئاسة الحكومة.
ويقول سلام لقناة «الجديد»: «لقد بنيت جسور التواصل مع جميع الأطراف»، لكنه لم يستطع بناء موقف مشترك مع اتحاد نقابات الأفران، الذي يقول انهم يحاربونه، لأنه أعطى أرقاما دقيقة لمصرف لبنان حول دخول أكثر من 35 ألف طن من القمح إلى لبنان وإخفائها من قبل تجار الأزمات الذين رفع دعوى ضدهم أمام النيابة العامة بجرم استغلال المواطن وسرقة أموال الدولة.