“إنرجين” تؤجّل العمل في حقل “كاريش” الى أواخر تشرين و “المحاولة التجريبيّة” ذريعة للإنتاج!!

Share to:

الديار – دوللي بشعلاني

تتسارع الأمور في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي.. ففي الوقت الذي ينتظر فيه الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين آموس هوكشتاين ردّ لبنان على المقترح «الإسرائيلي» الأخير، يجري الحديث عن محاولة تجريبية لربط حقل «كاريش» بشبكة الأنابيب «الإسرائيلية» تمهيداً لتشغيل المنصة وإنتاج الغاز الطبيعي، ويقوم رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي» أفيف كوخافي هذا الأسبوع بزيارة الى فرنسا.. وتهدف هذه الزيارة التي يلتقي خلالها مستشار الرئاسة الفرنسية لشؤون الأمن القومي، الى البحث في النزاع على حقل «كاريش» والتحديات على الحدود البحرية، في ظلّ إصرار شركة «إنرجين» على بدء عملها فيه، والذي أجّلته من أيلول الجاري الى تشرين الأول المقبل.

وفي المقلب اللبناني، كرّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تهديداته للعدو الإسرائيلي، مشدّداً على أنّ «عيننا ومعلوماتنا وصواريخنا على كاريش»، مشيراً الى أنّه «ما في داعي نرجع نهدّد ونعلّي الصوت لأنّ «الإسرائيلي» والأميركي لديهما المعطيات الكافية على جدية موقف المقاومة». ويدخل «الإستخراج التجريبي» ضمن هذه التهديدات، إذ أرسل الحزب رسالة الى العدو الإسرائيلي بعيداً عن الإعلام تفيد بأنّ «بدء الإستخراج يعني بدء المشكل».

إذاً فالخط الأحمر اليوم، على ما حدّده السيد نصرالله هو «بدء استخراج الغاز من كاريش»، فيما بدء مدّ الأنابيب بِحُجَّة «الإستخراج التجريبي»، يبدو بوضوح أنّه محاولة لسحب بعض الإنتاج الذي يحتاجه «الإسرائيلي» لكي يُظهر للدول المتعاقد معها على تصدير الغاز لها بأنّه قادر على الإيفاء بوعوده رغم تهديدات حزب الله. غير أنّ الأمر ليس بهذه السهولة، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة، وإلّا لما كان رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي»، يزور فرنسا خلال هذا الأسبوع، على أن يلتقي هناك برئيس أركان الجيش الفرنسي ومستشار الأمن القومي لدى ماكرون، لمناقشة ملف ترسيم الحدود البحرية، وللتفتيش عن حلّ للنزاع على حقل «كاريش»، وللحصول ربّما على بعض الضمانات الأمنية التي تخوّله بدء الإستخراج منه من دون أي مواجهة عسكرية مع حزب الله ، كون فرنسا تتعامل مع الحزب على أنّه شريك في الحياة السياسية في لبنان. وهذا يعني بأنّ التفاوض غير المباشر سيُستكمل قبل أن تبدأ «إنرجين» عملها في «كاريش» في أواخر تشرين الاول المقبل.

ويأخذ «الاسرائيلي» كلام السيد نصرالله على محمل الجدّ، على ما عقّبت الاوساط، ولهذا يحاول التفتيش عن حلّ لدى الفرنسيين، لا أن يذهب الى مواجهة عسكرية لا تفيده في هذه الفترة، بل تخيف شركة «إنرجين» التي وعدها بالعمل في منطقة آمنة بعيداً عن أي توترات أمنية، وقد جاءت الى المياه الإقليمية لأنّها تثق به وبقدراته، على ما سبق وأن أعلنت. كما أنّ «الإسرائيلي» يريد الإنتاج والتصدير من حقل «كاريش» لسببين مهمّين: أولهما إقتصادي بحت لتصدير الغاز واستثمار الثروة النفطية. وثانيهما، لأنّه يريد تحقيق الشراكة في الغاز، واستخدامها كورقة استراتيجية مع أوروبا، ولهذا يجد أنّه من الضروري تأمين الظروف المناسبة لأن تستخرج سفينة «إنرجين» الغاز من «كاريش» في أقرب وقت ممكن.

وصحيح بأنّ العدو الإسرائيلي مستعجل لتوقيع اتفاقية الترسيم البحري مع لبنان، بما يُناسب مصالحه، ولكي يبدأ بإنتاج الغاز وتصديره الى الدول الأوروبية التي تحتاج اليه بصورة كبيرة بعد وقف استيراد الغاز الروسي بسبب الحرب على أوكرانيا والعقوبات الأوروبية على روسيا، غير أن الأميركي، على ما أضافت الأوساط نفسها، يقوم بتقطيع المرحلة الراهنة الى حين وضوح المشهد المقبل. وهذا الأمر دفع السيد نصرالله الى الحديث في خطاباته الأخيرة عن محاذير وتوقيت، والى معادلة «لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا»، أوُقّع الإتفاق أم لم يُوقّع، خصوصاً وأنّه غير معني بالتفاوض بل يواكب الدولة في المفاوضات التي تجريها بوساطة أميركية.

وأشارت الاوساط الى أنّ لبنان لا يستطيع أن ينتظر أكثر، لأنّ هناك فرصة تاريخية سانحة أمامه عليه أن يستغلّها، سيما وأنّ أوروبا تحتاج الى استيراد الغاز للسنوات المقبلة لتعويض الغاز الروسي. وإذا بدأ منذ اليوم عمليات الاستكشاف والتنقيب في البلوك 9 يُمكنه خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة أن يُصدّر الغاز الى أوروبا. ومن هنا، يريد لبنان الاستفادة من الفرصة المتاحة لسببين مهمّين: أولهما، ترسيم الحدود البحرية. وثانيهما، رفع «الفيتو» الأميركي عن التنقيب في البلوكات الللبنانية. وعليه يُمكن تأجيل اتفاقية الترسيم، ولكن لا يُمكن تأجيل رفع الحظر عن الشركات الدولية للمجيء الى لبنان واستئناف عملها في بلوكاته البحرية. علماً أنّ «توتال» الفرنسية لن تعود الى لبنان دون اتفاقية ترسيم، لأنّها غير مستعدة للخسارة مجدّداً، على غرار ما حصل معها عندما بدأت بعمليات التنقيب في البلوك 4 في العام 2020، ومن ثم مُنعت من استكمال أعمالها.

وتتساءل الأوساط عينها لماذا يعمل الأميركي و»الإسرائيلي» على منع لبنان من الاستخراج والتنقيب عن الغاز والنفط، فيما يسبقه العدوالإسرائيلي بسنوات في هذا المجال؟ ومن أي منافسة يخشى بالتالي ما دام الطلب على هذه المواد مطلوب من دول عدّة في العالم على مدى السنوات المقبلة؟! وذكرت الاوساط بأن العقد الموقّع بين شركة «توتال» والدولة اللبنانية فيما يتعلّق بالبلوك 9 ينصّ على أنّ مرحلة الإستكشاف الأولى مدّتها ثلاث سنوات تبدأ بعد موافقة وزارة الطاقة على خطتها. وقد سبق للوزارة أن وافقت على خطة الاستكشاف في أيّار من العام 2018، والتي انتهت في أيّار من العام الماضي (2021) من دون أن تبدأ «توتال» بحفر أي بئر في البلوك المذكور، بل راحت تؤجّل المهل وكان آخرها إرجاء عملها فيه الى أيّار 2025، وذلك قبل أن تبدأ المفاوضات معها على أكثر من مستوى لكي تعود الى لبنان في أقرب فرصة ممكنة.

Exit mobile version