إكتشاف جزيئات بلاستيكيّة دقيقة في اللحوم والبروتينات الحيوانيّة والنباتيّة

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

على الرغم من التقدم التكنولوجي في العصر الحديث، والتطور الحاصل في المجال الطبي والمعيشي والمهني والبيئي، الا ان هذا التقدم يقابله انتشار للأوبئة وتفشٍ للأمراض المزمنة بشكل مخيف. صحيح ان لكل شيء سلبياته وايجابياته، لكن الثابت ان الانسان قبل بداية الحقبة الصناعية كان لا يشكو من الاسقام كما يحدث اليوم. لا شك ان ازدهار التكنولوجيا الحضارية أحدث طفرة راقية في وسائل الاتصال الحديثة كما في شتى المجالات، ولكن بعض التكنولوجيا استخدمت بطرق خاطئة فألحقت اضرارا بالغة بالإنسان والطبيعة والحيوان.

البلاستيك خطر فتّاك!

فوق ذلك، ان اغلبية المواد التي نستعملها في حياتنا اليومية مصنوعة مئة بالمئة من البلاستيك، وهذه المواد تسربت الى الأطعمة الأساسية والضرورية لا سيما البروتينات، وهذا الامر خطر جدا على البشرية، ان صدقت الدراسات التي أجريت مؤخرا على بعض أنواع اللحوم والأسماك وغيرها.

وفي التفاصيل توصلت دراسة جديدة اجراها باحثون من منظمة “Ocean Conservancy” غير الربحية وجامعة تورنتو، الى وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة وجزيئات صغيرة يتراوح حجمها من ماكروميتر واحد (واحد بالألف من المليمتر) الى نصف سنتيمتر فيما يقرب من 90%  في عينات الأغذية البروتينية التي تم فحصها، وبيّنت الدراسة التي أجريت على أكثر من اثني عشر نوعاً من البروتين، بما في ذلك لحم البقر والتوفو والروبيان المخبوز، وجود جسيمات بلاستيكية، بحسب “واشنطن بوست”.

وانتهت الأبحاث إلى أنّه من الممكن ابتلاع مئات القطع الصغيرة من البلاستيك كلّ عام، اثناء تناول الفرد لأطعمة غنية بالبروتين. الى جانب ذلك، أشار أحد مؤلّفي الدراسة وكبير العلماء في منظمة “Ocean Conservancy” جورج ليونارد الى”أنّ معظم المكوّنات تشتمل على هذه الجزيئات ولا هروب منها، وتقدم نتائج الدراسة دليلاً إضافياً على وجود جزيئات بلاستيكية صغيرة في كلّ مكان، وقد وثّقت الأبحاث وجود المواد البلاستيكية في الفواكه والخضروات وكذلك المنتجات الغذائية الأخرى مثل الملح والسكّر والأرزّ والحليب، لكن لا ينبغي للناس أن يشعروا بالذعر بشأن تركيز المواد البلاستيكية في طعامهم”.

وقال: “لا تزال الآثار المحتملة للجسيمات البلاستيكية على صحة الإنسان قيد الدراسة، وقد سمّى تقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية المخاطر الصحية المحتملة للتلوّث بالجسيمات البلاستيكية، بما في ذلك التعرّض للمواد البلاستيكية النانوية، وحتى الجزيئات الأصغر التي يبلغ قياسها أقلّ من مايكرومتر واحد” . وتشير المنظمة إلى “أنّه لا يوجد حتّى الآن ما يكفي من الأبحاث التي تربط هذه الجسيمات بالآثار الصحية الضارّة على البشر”.

إشارة، الى انه يمكن العثور على المواد البلاستيكية في الجهاز الهضمي للأسماك والمحاريات، لكنّ البحث الجديد يسلّط الضوء على احتمال وجود القطع البلاستيكية في أجزاء من المأكولات البحرية التي يتمّ تناولها عادة، مثل شرائح السمك وكذلك المأكولات الشعبية، والبروتينات الأرضية مثل لحم البقر والدجاج ولحم الخنزير.

وقد رأى الباحثون أنّ بعض منتجات البروتين مثل الجمبري والسمك المقليّ وشرائح الدجاج، تحتوي على عدد كبير من جزيئات بلاستيكية دقيقة “أكثر بكثير” من غير عيّنات.

 الدراسة مختصرة.. لكن!

وفي الإطار، حذّر ليونارد وخبراء آخرين من استخدام النتائج لاستخلاص استنتاجات نهائية، حول كيفية تلوث المواد البلاستيكية للطعام وكمية البلاستيك التي يمكن أن تكون كامنة في البروتينات، إذ إنّ حجم عيّنة الدراسة كان محدوداً. وأدرك الباحثون أنّ هناك تبايناً في تركيزات المواد البلاستيكية في العيّنات، لذلك قاموا بعدّ تلك التي يزيد حجمها عن 45 مايكرومتر أو تساويها. وخلص الخبراء الى إنّ حقيقة اكتشاف المواد البلاستيكية في العديد من مصادر الغذاء، يجب أن تحفّز الجهود المبذولة لكبح هذا النوع من المشكلات.

وفي السياق، لفتت عالمة الأغذية بيانكا داتا إلى أنّ “هذه الدراسة تسلّط الضوء على الحاجة الماسّة لإجراء مزيد من الابحاث لفهم كيفية تأثير مصدر البروتين على كمية التلوث بالبلاستيك، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة لمعالجة الأغذية”.

من جهته، أشار مدير مركز الكيمياء الخضراء والهندسة الخضراء في جامعة “ييل” بول أناستاس، إلى أنّه سيُعثر دائماً على الموادّ البلاستيكيّة طالما استمرّ الناس في استخدامها.

نتأقلم ام نغير عاداتنا!

بالموازاة، قال الاختصاصي بأمراض الدم والتورّم الخبيث في مستشفى اللبناني الجعيتاوي الدكتور احمد خليل لـ “الديار” ان “هذه الجزيئات في البروتينات وفق ما جاء في الدراسة التي أجرتها جامعة تورنتو ومن قبلها جامعة كولومبيا ، أجريت بهدف تسليط الضوء على جزيئات البلاستيك الكائنة في الأطعمة التي نستهلكها. ولكن من اين تأتي هذه المواد وما هو ضررها، لا أحد يعرف حتى اللحظة. وتعتبر هذه الأبحاث أولية في هذا المجال، والتي كشفت عن وجود أجزاء من البلاستيك في الاغذية. أيضا لا نعلم إذا كانت هذه المواد موجودة في الأصل ام تولّدت جراء استخدام مواد صناعية لإطعام الحيوانات والري، لذلك لا يمكننا حتى تخصيص الضرر الذي قد ينتج منها”.

وتابع: “لكن بشكل عام الأذى الموضعي قائم، لان هذا البروتين الذي يحتوي على البلاستيك يدخل الى المصران والمعدة، وقد تترسّب هذه المواد بالمصران والامعاء وتؤثر سلبا في عملية الامتصاص. أيضا ليس لدينا أي تصور حتى الآن عن عواقب ذلك على صحة الانسان، في حال تم امتصاص الجسم لهذه المواد، والتي قد تؤثر سلبا في عملية تجلط الدم والامراض السرطانية والجهاز العصبي. ومن المؤكد ان كل ما هو غير طبيعي سيء، ولكن هذا النفوذ قد يكون انعكاسه ضئيلا جدا او له مفعول وسطي وربما كبير. لذلك ليس بمقدورنا حصر هذه التفاصيل، او إذا كانت الفاعلية مرتبطة بكمية البروتين التي يستهلكها الفرد”

وختم خليل “تبقى النتائج التي توصلت اليها هذه الدراسات أولية، ولكن سلطت الضوء على الجانب المتعلق بالأمراض السرطانية. لذلك عندما نتأكد من صحة وجود هذه المواد ومدى ضررها، ساعتئذ قد تتغير تقاليد حياتنا، وهذا يحدث في حال تم تحديد المخاطر وقد لا يكون الضرر كبيرا، فعلى سبيل المثال استخدام بعض المبيدات الحشرية بكميات قليلة جدا لا يؤذي”.

Exit mobile version