إعادة تدوير «الكاوتشوك» المطاط او الإطارات التالفة، هو بمثابة «منجم من الذهب» تعود بعوائد مادية كبيرة على المستثمرين، ولهذا سميت «بالكنز الأسود». ويعدّ هذا القطاع من المشاريع المهمة التي ستزيد في السنوات المقبلة، لما لها من تأثير إيجابي ماديا وصحيا وبيئيا. كما ان إعادة تدوير الإطارات عن طريق استخراج حبيبات المطاط من المشاريع الإنتاجية الفريدة لما تقدمه من صناعات متعددة ومختلفة.
استخداماته، كيفية تصنيعه، مصادر الحصول على هذه المواد، المعدات والماكينات اللازمة، تحدث عنها بالتفاصيل السيد علي عيسى أحد شركاء معمل PETRO RUBBER CO لإعادة التدوير: «يقدم المشروع في الأساس قطع المطاط والكاوتشوك في صناعة قاعدات مولدات الكهرباء والسيلاندرات ودعسات السيارات والمرادات أضف الى كعوب الأحذية واستخدامات أـخرى لا حصر لها. هذه المنتوجات مصنوعة من الكاوتشوك وهو الأساس الذي يقوم عليه مصنعنا».
واشار الى انه «في العام 2012 أطلقنا فكرة RECYCLING للدواليب ولكل ما ذكرته سابقا وهو مصنوع من مادة الكاوتشوك بحيث يمكننا إعادة تصنيعه بما فيها النفايات التي نستخرجها في صناعة الكاوتشوك او أي STOCK غير دقيق يعاد تدويره. بداية هذا العمل كان مع والدي وعمي رحمه الله ولهم الفضل في خلق فكرة إعادة تدوير الكاوتشوك او الدواليب وفي الأصل كان عبارة عن تلبيس الدواليب. ولسوء الحظ الدولة في الفترة المنصرمة اهملت «الصناعة» ولم تقدم أي نوع من المساعدة للاستمرار على امل ان تقوم بما يتوجب عليها في المستقبل لا الغلبة بالتأكيد هو لهذا النوع من الصناعات وتحديدا إعادة التدوير، أضف الى سوء خيارات الدولة والذي أٌجبرنا على اغلاق مصنعنا في العام 1997 وهي طريقة من ثلاث في إعادة تدوير الإطارات وتلبيسها تمهيدا لإعادة استخدامها».
تقسيم…
ولفت الى ان «الدولاب او الإطار ينقسم لأكثر من جزء هم الأساس في صناعته، من هذه الأجزاء المطاط، والحديد الذي يحتوي على نوع من أنواع الكتان الممزوج بمادة من النيلون، كما يوجد في داخل الإطار جزئين معظم الناس لا تلقي لهما بالا، يحتويان على مادتي الزيت والكاربون. المطاط يحتاج الى مادة تجعله متينا أي «الكاربون» الذي يعطيه القساوة والقوة والاستمرار، كما انه بحاجة الى شيء يعطيه روح أي «الزيت» وشيء آخر يجعله متماسكا وهو «الحديد» او «الكتان»او الاثنين معا. على مقلب آخر يوجد بعض الإطارات مصنوعة من الحديد واخرى من الكتان فقط، واطارات أخرى خليط من الاثنين في وقتنا هذا معظمها عبارة عن خليط ما بين الكتان والحديد».
اضاف: «وعند إعادة التدوير يتم فصل اول ثلاثة أجزاء أي الكاوتشوك والحديد والنيلون ويتم ارسال الحديد الى المعامل المختصة للقيام بإعادة تدويره كالمعدن والنيلون. كما يمكن استخدامه في الاعمال الزراعية لأنه يساعد التربة على التكييف لذا تعد مادة محسنة للأرض ويستخدم في المحارق لأنه يعطي طاقة حرارية عالية جدا. فإلى أولئك الذين يستخدمون الحرق لإدارة مصانعهم يمكنهم الاستفادة منه. اما المطاط فيستخدم في تغطية ارضيات الملاعب الصناعية «النجيل الصناعي» والنوادي وارضيات ملاعب الأطفال».
معدات إعادة تدوير
الكاوتشوك والمطاط
ولفت الى ان «المعدات هي عبارة عن نوع من أنواع «الفرّامات» معدّة لطحن الكاوتشوك والطريقة التي يتم اتباعها لتنفيذ إعادة التدوير تسمى «الطريقة الباردة»، أي تقطيع الدولاب، ويوجد نوعان من «الفرّامات» نوع من «الصحون» وهي تستخدم في التقطيع الرئيسي، ومن بعدها يتم استخدام «الفرّامة» المكونة من شفرات مثل «المقص» ودورها التنعيم.
– يتم تقطيع الإطارات الى قطع صغيرة ليسهل العمل معها.
– فرم قطع الكاوتشوك لتصبح ذات احجام مختلفة للتحكم في حجم المنتج عن طريق ضبط «الفرّامات».
– تصفية حبيبات المطاط عن طريق منخل ميكانيكي مخصص للتأكد من نظافة وجودة المنتج.
– بعد عملية النخل يصار الى فصلها وتعبئتها في عبوات مخصصة وتخزينها في أماكن ملائمة اما لتوريدها او العمل بها.
أضف الى انه يوجد العديد من المراحل التي يمر بها الإطار ليصبح قطعة كاوتشوك نظيفة وخالية من اية شوائب وبالطبع يجب الحرص على ان يكون هذا العمل جيد من اجل استمراريته والحفاظ على الثقة فيما نقوم به».
واكد ان «الهدف الأساسي هدف بيئي بحت في الدرجة الأولى، وما نقوم به في عملنا يخدم البيئة قبل تحقيق الأرباح المادية مع الإشارة انه يوجد اعمال أخرى غير الـ RECYCLING تحقق أرباحا أكبر الا ان الطابع البيئي له تأثيرات كبيرة جدا في هذه المصلحة. كما ان الإطارات غير قابلة للتحلل والتخلص منها عمل صعب ووضعها في التربة او النفايات هو عمل مؤقت لا بل هي طريقة تقليدية غير مجدية وربما تكون فعالة في المدى القصير. ومن هنا فإن إعادة التدوير يساعد في الحد من الافراط في التلوث كما ان عملية إعادة التدوير تتم عبر عمليات آمنة وأفضل بكثير من عمليات الحرق التي يعتمدها البعض للتخلص منها».
إعادة تدوير»الكاوتشوك»
و«البلاستيك» مُشابهة ولكن؟
يقول عيسى «ان إعادة تدوير الكاوتشوك هي قريبة جدا من إعادة تدوير البلاستيك، وتنفيذ المراحل مشترك الى حد ما في استخدام بعض الآليات، بحيث ان «الفرّامات» يمكن استخدامها في البلاستيك ولكن كخط انتاج من غير الممكن استخدامه في العمليتين او النوعين اذا صح التعبيرلاسباب تقنية لان بعض بقايا البلاستيك من الممكن ان تبقى عالقة داخل الماكينة او «الفرّامة» او فضلات الكاوتشوك مما قد يؤدي الى تضارب ما بين المادتين، بمعنى آخر اذا كنا نقوم بتدوير الكاوتشوك وظهر بعض بقايا البلاستيك سينتج مادة غير نظيفة والامر كذلك في البلاستيك مما سيؤدي الى ضرب الصناعة برمتها او تلف المادة». ولفت الى ان «التشابه ما بين العمليتين كبير الا انه يجب فصلهما في عملية إعادة التدوير ليكون المنتج نقيا ونظيفا وخاليا من أية شوائب قد تظهر في إعادة التدوير. فلا يستحب ولا يجوز استخدامهما سويا لان المنتج النهائي هو عبارة عن «الحبيبات المطاطية» التي يتم استخدامها داخل الملاعب «العشب الاصطناعي» أي البلاط الذي يتم وضعه في المحيط والنوادي الرياضية وارضيات ملاعب الأطفال. لذا يجب الاهتمام بمرحلة تنظيف وفرز الكاوتشوك قبل تنفيذ العمليات الإنتاجية لضمان جودة المنتج ونظافته وخلوّه من الشوائب».
وقال : «هذا ويوجد شيء اسمه RECLEAN RUBBER عبارة عن PROCESS أخرى من بعد تحويله الى بودرة لتخرج ليس على شكل «جزئيات» او «حبيبات» وانما بودرة ناعمة جدا نقية وهذا يتم إعادة معالجته مرة ثانية وثالثة لنحصل على ما يسمى RECLAIMED RUBBER وهو ما يدخل في انتاج قطع المطاط الجديدة».
نبش النفايات…
اضاف : «التنكيش في النفايات لاستخراج أي من هذه المواد التي تستخدم في إعادة التدوير نحن لا نستلم أي شيء منها، فالدولاب اذا كان مغطّى بعصارة او مواد لزجة او اتربة والى ما هنالك لا يمكننا وضعه في «الفرّامة» لما سيتركه من شوائب الا ما يمكن نزعه يدويا من مواد ملتصقة على الاطار كالورق على سبيل المثال، والا سيفسد المنتج النهائي لجهة نظافته وجودته لان أي من هذه العصارات اذا بقي داخل الحبيبات فسينتج منه روائح كريهة في الملاعب والنوادي وهذه الروائح كما يقال لها في العامية «روائح تعشق بعضها» بمعنى هذه الروائح الكريهة لا تذهب وعليه اذا الإطارات لم تكن مفروزة في الأساس كل نوع على حدى لا يمكن إعادة التدوير او التصنيع، كذلك الامر في النفايات البلاستيكية العمل فيها يبقى اسلس فيمكن غسله وتجفيفه على عكس الإطارات، كما انه لا يوجد ماكينة لغسل الكاوتشوك على عكس البلاستيك الذي يعد اصلب وبالتالي لا يمكن ان يمتصه الماء اثناء غسله وتنظيفه على عكس المطاط الذي يبقى رطبا فيما لو لجأنا الى غسله ما ينتج عنه العفونة والرائحة النتنة والكريهة».
«لا تحرقوا…
لا تطمروا…
نحنا منفرموا»
يتوجه عيسى الى كل مواطن ومالك محال إطارات، وكل شركة تقوم بالاستيراد بعدم السماح لأي فرد القيام بحرقها «فهؤلاء جميعا لا يقومون بحرق الدواليب، وانما المواطن الذي يقوم بتغيير إطارات سيارته هو بنفسه يقوم بحرقها. كما انه في السنتين الأخيرتين استخدم حرق الإطارات في الاحتجاجات الشعبية التي حدثت في ثورة 17 تشرين وما تلاها من احداث واحتجاجات وتسكير الطرقات بها. كما يتم حرق الإطارات للاستفادة من المحتوى الحديدي وهذه الظاهرة موازية لظاهرة «النكاشة» بحيث تقوم مجموعات بنبش النفايات في المكبات والمطامر وحتى المحلات التي يتم تصليح الإطارات لديها او بالمعنى الاصح سرقتها وتجميعها لحرقها ونزع القوالب الحديدية التي بداخلها تمهيدا لبيعها».
ودعا المعنين «الى عدم تسليم أي من هذه الإطارات قبل ابراز أوراق تثبت الغاية من اخذها، نحن لدينا ما يثبت مهنيتنا فيما يختص بإعادة تدوير الإطارات ومن هنا مسؤوليتنا جميعا التنبه الى هذه المجموعات فكل مواطن مسؤول عن صحة البيئة التي يعيش فيها وتدارك هذه المسألة سيضمن بيئة خالية من التلوث والامراض لا ان يتشيطن في الأسباب للحصول عليها. ويبقى شعارنا أولا واخير « لا تحرقوا، لا تطمروا، نحنا بنفرموا» هذا شعارنا الذي من خلاله بدأنا عملنا وهو يمنع اللجوء الى حرق كل ما هو كاوتشوك او إطارات كما ان الدولاب يجب ان لا يطمر، بل إعادة تدويره او تخبئه بطريقة لا تضر بالبيئة او الصحة وحضاريا بالتأكيد أرقي».
مسؤولية الدولة…
وتابع : «تقع بالتأكيد مسؤوليات كبيرة ومهمة على الدولة، وعدم قدرتها في القيام بما يلزم لا يجب ان يجعلها تتوانى عن تقديم الدعم للصناعيين بطرق أخرى ليست مادية مثل:
– فرض قوانين وأنظمة صارمة في هذا القطاع.
– حماية البيئة عن طريق منع أولئك الذين يقومون بحرق الإطارات والنفايات.
– حماية الصناعيين بشكل خاص عن طريق تخفيف الأعباء الضريبية.
– تسهيل الأمور والمعاملات.
– منع استيراد أي مواد تكون في أساسها عبارة عن نفايات، لأننا نحن من نقوم بصناعة هذه الـ GRANULES أي المنتجات التي يعاود بعض الأشخاص استيرادها وهو ما نحاول تخليص او تنظيف البيئة منه فلا يجب السماح باستيراد كل ما هو في أساسه نفايات لما فيه تهديد وضرر بيئي وصحي. كما ان التخفيف من استيراد هذه المواد يتم عن طريق ضبط استيراد كل ما من شأنه ان يسبب الضرر علينا. وطالما لدينا هذه الصناعة بغض النظر اننا نحن من نقوم بالتصنيع تبقى هذه المنتجات في أساسها نفايات لا يمكن إعادة استهلاكها او تدويرها أكثر من مرة أي يمكن إعادة التدوير مرة او مرتين كحد اقصى».
وقال: «من هنا تأتي مسؤولية الدولة في حماية البيئة والصناعيين وتجدر الإشارة اننا نتعاون مع وزير البيئة د. ناصر ياسين ويقدم لنا كل الدعم ويقوم بمواكبتنا ومراقبة الأمور وتقديم كل ما يمكن قدر المستطاع ان كان من خلال وزارته او الوزارات الأخرى المعنية والمحافظات وقوى الامن الداخلي والجيش. كما أصدر تعاميم تمنع السيارات التي تجول لجمع الدواليب او اخذها من المحلات إذا لم يكن هدفها إعادة التدوير، ومراقبة من يجمعون الإطارات ما إذا كانوا سيقومون بحرقها لردعهم وتغريمهم».
تنسيق ما بين وزارتي البيئة والصناعة
ماذا يقول وزير البيئة ناصر ياسين لـ «الديار» عن دعمه لمعامل إعادة تدوير الإطارات؟ اشار الى انه يوجد العديد من التعاميم التي تم إصدارها والتي تتناول الحد من التلوث البيئي الناتج عن حرق الإطارات والبلاستيك وغيرها من المواد وتقديم كل الدعم للصناعيين الذين يقومون بإعادة تدوير الإطارات والكاوتشوك ومن هذه التعاميم تلقّت الديار نسخة منه.
وعمّا إذا كان يوجد تنسيق ما بين وزارتي البيئة والصناعة؟ يجيب ياسين: نعم بالتأكيد يوجد تنسيق ما بين الوزارتين ومع البلديات والسلطات المحلية لتحويل الدواليب المستعملة للمعامل التي تنتج ارضيات وغيرها من الصناعات،.
وفيما يتعلق بعتب الصناعيين على الدولة لجهة اهمالها هذا القطاع والتراخي بالسماح في استيراد منتجات في أصلها نفايات؟ يقول هذا صحيح، وانا ادرس تطبيق رسوم إضافية على هذه المنتجات وبانتظار الحصول على اذن مسبق لتنفيذها.
تشجيع كلّ من يقوم بإعادة التدوير
اما وزير الصناعة جورج بوشيكيان فقال: ان موضوع «النكاشة» وإعادة الفرز والتدوير الدولة وضعت يدها عليه منذ حوالي الثلاثة أشهر تقريبا، وتم اصدار مرسوم من مجلس الوزراء ليصبح هذا القطاع برمته تحت نظر وزارة الصناعة وانا المفوض في هذا الموضوع لاعتبار هذه المواد هي أولية تستخدم في الصناعة.
وكشف بوشيكيان لـ «الديار» ان الدولة بصدد تنظيم ادق لهذه الصناعة ووضع آلية كاملة متكاملة بالتنسيق مع البلديات ووزارة البيئة أضافة الى التعاون مع وزارة الصحة بشكل غير مباشر لما لهذا الامر من اضرار صحية ناتجة عن عملية حرق الإطارات والكاوتشوك. والهدف من هذا المشروع لنصل الى صفر هدر في هذا القطاع الذي يعتبر بمثابة مناجم من الذهب للبنان كما ان كل دول العالم تستفيد من نفاياتها.
واكد ان الدولة والحكومة بصدد وضع آلية لتنظيمه وتطويره وبدأنا بتنفيذها لا بل انفاذ هذا المشروع سيكون من خلال التنسيق فيما بيني وبين وزير البيئة، وهناك تقدم كبير ويوجد الكثير من المعامل، ونحن نحبذها ونشجع كل من يقوم بإعادة التدوير ومنذ حوالي الأسبوعين أطلقنا عمل جديد يتضمن قشور وبذور وعناقيد العنب بالتنسيق مع الجامعة اليسوعية ووزارة الصناعة يتضمن إعادة تدوير هذه الفاكهة لاستخراج كريمات مغذية للبشرة والتي تعد من اهم المنتجات المضادة للأكسدة ومحاربة التجاعيد ومقاومة التقدم في العمر.
ويضيف بوشيكيان، الحكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بصدد وضع منهجية تنظيمية، وهذا بطبيعة الحال يحتاج الى الوقت لأنه كان في الماضي قطاعا مهملا واليوم نقوم بمتابعته ونطالب البلديات المشاركة لما لها من دور أساسي في الفرز من المصدر.