تندفع الحركة السياسية الداخلية على إيقاع أكثر من اتجاه إقليمي ودولي، باعتبار أن ما يجري في المنطقة من تطورات ونزاعات، لا سيّما في العراق وسوريا، لا يمكن فصله عن لبنان الذي يتلقى تداعياته وانعكاساته، وهذه مسألة واضحة بحسب ما تكشف معلومات مصادر ديبلوماسية، والتي تتحدث عن تطورات كبيرة مرتقبة في عدة ساحات إقليمية، وستنعكس على الساحة المحلية سياسياً وأمنياً واقتصادياً، دون إغفال الحرب الروسية – الأوكرانية التي ترخي بظلالها على العالم، وما أزمة الطحين والحبوب الحالية سوى المؤشر على أن لبنان، الذي يشارف على الانهيار، قد يــشهد أزمات غذائية وحياتية صعبة، وستترك ارتدادات بالطبع على كل العناوين الداخلية فيه، وفي مقدمها عملية التعافي والإستحقاق الرئاسي، والذي بات يطغى على غيره من الإستحقاقات على الساحة الداخلية.
ومن هنا، تتوقع المصادر الديبلوماسية، أن يكون لبنان أمام تصاعد تدريجي للأزمات بفعل التحولات والأحداث، ولذلك فإن الجميع يلاحظ أن الكلام عن الوضع الحكومي تلاشى، فيما ارتفع منسوب الحديث حول الإنتخابات الرئاسية في الداخل والخارج، وبالتالي ووفق الأجواء المستقاة من عدة دوائر ديبلوماسية غربية، تؤكد المصادر نفسها، أن هذا الإستحقاق حاضرٌ بقوة، في بعض المواقف العربية والدولية، لأن الجميع يدرك ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، من شأنه أن يكون مدخلاً وطريقاً سالكاً حول الحوار مع صندوق النقد الدولي، من خلال تشكيل حكومة تعمل للإصلاح بالدرجة الأولى، من أجل تغيير الصورة السياسية السائدة اليوم، وربما التوصل إلى تسوية تؤدي إلى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة ومباشرة الإصلاحات والإنقاذ.
وتشير المصادر نفسها، إلى أن ما يجري الحديث عنه في المجتمع الدولي، يوحي بوجود ثوابت لديه بانعدام الحلول والدعم، إلاّ من خلال الرزمة من الإستحقاقات التي تشكل المدخل إلى إنقاذ البلد من أزماته ومعضلاته، ولكن ثمة في لبنان، وممّن لديهم الخبرة السياسية والتجربة، الذين يبدون مخاوفهم من أن يُصار إلى إقحام لبنان في ما يجري في الإقليم، على خلفية التطورات الآخذة بالتفاعل والتصعيد، وذلك سيرتدّ سلباً على كلّ المسارات المحلية والسياسية، بما فيها الإستحقاق الرئاسي، الذي يكون غالباً رهن توافق دولي وتسوية، وإن كان من المبكر حسم أي خيار، على الرغم من كلّ ما يقال ويشاع ويطرح، بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في ضوء وجود ترقب على الصعيد الدولي، للمساعي الجارية لإعادة الإتصالات الديبلوماسية بين السعودية وإيران، في موازاة التحركات التي تشهدها باريس، حيث أن لبنان يحضر في كل هذه اللقاءات وعندئذ سيُبنى على الشيء مقتضاه، لجهة التوافق على رئيس جديد للجمهورية.
إنما المخاوف تبقى قائمة في الداخل، كما تكشف المصادر نفسها، من استغلال أي حدث أو تطور ما لإشعال الشارع، على خلفية الأزمة الإجتماعية، وتصفية الحسابات السياسية عبر استثمار الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وإدخال لبنان في الفوضى خلال الوقت الضائع داخلياً وإقليمياً.