إتفاقيّة الترسيم البحريّة أُنجزت منذ أكثر من شهرين… فمتى يتم رفع الحصار عن لبنان؟!

Share to:

لديار: دوللي بشعلاني

لا شيء يشير الى تغيّر الوضع الداخلي في ظلّ الشغور الرئاسي الذي يستمر منذ 31 تشرين الأول الفائت، وعدم معالجة الأزمات التي يتخبّط فيها الشعب اللبناني منذ سنوات. غير أنّ الأمل لا يزال ينصبّ على الثروة البحرية التي وعدت شركة «توتال» الفرنسية ببدء عمليات الإستخراج والتنقيب عن الغاز في بداية العام الحالي في البلوك 9، أي في حقل «قانا» الواعد بالنسبة للبعض، و«المكمن المحتمل»، على ما جرى وصفه في اتفاقية ترسيم الحدود التي وُقّعت بين لبنان والعدو الإسرائيلي. علماً بأنّه لا بدّ من أن يكون للبنان رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات وفاعلة، لكي يتمكّن من الإستفادة من عائدات الثروة النفطية مع العام الثالث من بدء عمليات الحفر.

غير أنّ أوساطاً ديبلوماسية مطّلعة تساءلت عن توقيت تنفيذ الوعود من قبل الإدارة الأميركية، التي اعتبرت توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و»إسرائيل»، إنجازاً بالنسبة لسياستها الخارجية وتحديداً في الشرق الأوسط؟ فقد وافق المسؤولون اللبنانيون على التنازل عن الخط 29 الذي كان سيُنشىء صداماً كبيراً بينهم وبين العدو الإسرائيلي، وقبلوا الخط 23 كخط حدود لبنان البحرية، مقابل أن يستعيد لبنان الوضع الذي كان عليه قبل انتفاضة 17 تشرين، وما نتج منها من انهيار مالي واقتصادي ومعيشي وإستشفائي وغير ذلك. لكن أي من الوعود لم تحصل حتى الساعة، والدليل استمرار الأزمات وانخفاض القيمة الشرائية لليرة اللبنانية الى أدنى مستوياتها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي تنتظره الإدارة الأميركية بعد موافقة الأطراف اللبنانية على توقيع إتفاقية الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، فقد كان المطلوب أن تقوم برفع الحصار الإقتصادي والمالي عن لبنان الذي تنكر أنّها فرضته عليه، لكي يتنفّس الصعداء مجدّداً. إلّا أنّ هذا لم يحصل بعد مضي أكثر من شهرين على توقيع الإتفاقية، كما أنّ «توتال» لم تبدأ عملها بعد لكي يتفاءل لبنان خيراً.

والمعلوم، أنّ فرنسا تدخّلت لتسهيل إنجاز هذه الإتفاقية، على ما أضافت الاوساط، كما دولة قطر التي أصبحت شريكة في «كونسورتيوم» الشركات، إذ حلّت شركة «قطر للطاقة» محل «نوفاتيك» الروسية التي انسحبت منه، وحازت هذه الأخيرة  5% من حصّة «توتال»، و5% من حصّة «إيني» الإيطالية، فضلاً عن حصولها على حصّة «نوفاتيك» البالغة 20%. وبذلك أصبحت الحصص 35 % لشركة «توتال إنرجي» و35 % لشركة «إيني» و30 % للشركة القطرية. الأمر الذي يطرح هنا تساؤلاً عمّا سيجنيه لبنان من تنازله لدولة قطر عن الحصّة التي آلت الى الحكومة اللبنانية بعد انسحاب «نوفاتيك» من التحالف؟ فهل قبض أو سيقبض ثمنها؟ أم أنّه يأمل في الحصول مقابل تنازله لها عن هذه الحصّة، على استثمارات قطرية في قطاعات عدّة في لبنان تُساعده على تأمين الكهرباء والقيام بمشاريع ملحّة أخرى لتحسين الوضع بشكل عام؟

وترى الأوساط نفسها أنّ فرنسا وقطر سيكون لكلّ منهما دور في مسألة التنقيب عن الغاز في البلوك 9، كما في إنتاج وبيع الثروة النفطية. وقد بدأ السعي الى مدّ أنبوب الغاز العربي الذي يبدأ من دول المنطقة وصولاً الى تركيا ومنها الى الدول الأوروبية. والأهمّ أن تأتي نتائج التنقيب إيجابية، على ما يُتوقّع، أي أن يكون هناك مخزون وفير للغاز، لا أن تقوم «توتال» باعمال الحفر، وأن تُعلن بعدها عن عدم وجود كميات غاز تجارية، على غرار ما فعلت في البلوك 4، وألا يُعيق أحد عمل «توتال» في البلوك 9، بحسب الخطة الشاملة التي وضعتها لعملها فيه.

ورأت الاوساط بأنّ العدو الإسرائيلي الذي ينتظر أن تدفع له «توتال» تعويضاً مالياً من «حصّته» في البلوك 9 لن يكون متسامحاً معها، كما لبنان الذي وافق على تأجيلها بدء عملها في البلوك المذكور لسنوات بسبب حجج غير مقنعة. ولهذا قد لا يمكنها من التسويف معه أو عدم توضيح الأمور، لا سيما بعد إنهائها عمليات الحفر في عمق حقل «قانا». على ألّا تقتصر أعمالها هذه جنوب هذا الحقل أي في القسم الواقع خارج الخط 23 الذي أصبح حدود لبنان البحرية.

أمّا تنفيذ خطّة «توتال» فيحتاج الى حكومة فاعلة تُواكب عملها في الحدود اللبنانية الجنوبية، على ما عقّبت الاوساط، ولهذا تستعجل فرنسا انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة، لكي يصبح هناك مؤسسات شرعية ودستورية قادرة على التعاطي مع هذا الملف. فقد أدّت فرنسا خدمة الى الإدارة الأميركية في مسألة ترسيم الحدود، وأدّى المسؤولون اللبنانيون خدمة لها من أجل رفع الحصار عن لبنان. فهل علينا انتظار الرئيس الجديد للجمهورية لكي يطالبها بتنفيذ هذا الأمر؟ ومتى سيُرفع بالتالي القرار الأميركي عن المصارف في لبنان لكي يعود العمل فيها الى طبيعته؟!

وأكّدت الأوساط عينها أنه عندما يتمّ رفع الحصار، يصبح تحقيق الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي أسهل، ما يؤدّي الى تحسين الوضع الإقتصادي وعودته تدريجاً الى طبيعته. ولفتت الاوساط الى أنّه صحيح أنّ العائدات المالية من أي حقول نفطية لا يمكن للبنان أن يحصل عليها قبل 7 سنوات من موعد بدء أعمال الحفر، غير أنّ الآبار الواعدة من شأنها أن تُكسبه الأموال بدءاً من السنة الثالثة. لهذا يمكن التعويل منذ الآن على أعمال «توتال» في الإستخراج والتنقيب، شرط ألّا يجري عرقلة عملها أو منعها من بدء عملها في البلوك 9 لسبب أو لآخر من هذه الجهة أو من تلك.

كذلك، فإنّ بدء أعمال التنقيب فيه من شأنها إعادة الثقة الدولية فيه كبلد صالح للإستثمار فيه، إن في البنى التحتية أو في قطاع النقل والإتصالات والكهرباء أو في إعادة وترميم مرفا بيروت لا سيما بعد انفجار 4 آب 2020. فكلّها مشاريع بحاجة الى دول تستثمرها بهدف تحسين الوضع الاقتصادي وإعادة انطلاق البلد من جديد.  

Exit mobile version