بولا أسطيح – الشرق الأوسط
رغم مضي نحو شهرين ونصف الشهر على حادثة غرق مركب كان على متنه نحو 80 شخصاً في رحلة هجرة غير شرعية من مدينة طرابلس شمال لبنان إلى شواطئ إيطاليا، لا يزال أهالي الضحايا ينتظرون وصول غواصة تبرع أفراد من الجالية اللبنانية في أستراليا بتأمين تمويل شحنها إلى طرابلس للعمل على انتشال المركب الغارق على عمق 400 متر وعليه نحو 30 جثة.
وواجهت الغواصة التي كان يفترض أن تصل قبل أكثر من شهر، عوائق كثيرة، خصوصاً أن من يتولى عملية شحنها أفراد مغتربون موجودون في أستراليا وليس الدولة اللبنانية أو الجيش اللبناني اللذين أكدا أنهما لا يمتلكان الآليات والتقنيات التي تسمح بانتشال المركب الغارق.
ويتحدث الدكتور جمال ريفي، اللبناني المقيم في أستراليا والمشرف على عملية إرسال الغواصة، عن مجموعة تحديات واجهتهم أخّرت وصول الغواصة، «خصوصاً أنه ليس لدينا خبرة في الموضوع وليس مجال عملنا»، مضيفاً أنه «عادة تقوم الدول بترتيب عمليات مماثلة. ولكننا ونزولاً عند رغبة الأهالي وبمسعى لبلسمة جراحهم قمنا بكل جهدنا لتأمين وصول الغواصة»، لافتاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «تمويل المشروع كان الأسهل بين كل التحديات التي واجهتنا، إذ تمكنا من تأمين 380 ألف دولار أسترالي بشكل سريع».
ويضيف: «بعدها طُلب منا تأمين سلامة الغواصة وحراستها خلال عملها في طرابلس وقد تكفل الجيش بذلك وكان متجاوباً بسرعة. أما آخر المشكلات التي واجهناها فكانت مرتبطة بقوانين صادرة عن الاتحاد الأوروبي تمنع شحن أي مواد وتكنولوجيا تستخدم لأغراض عسكرية وحتى ولو كانت بمهمة سلمية، وقد حصلنا مؤخراً على تصريح خاص يأذن بإرسالها».
ويشير ريفي إلى أنه «خلال عمل الغواصة في البحر ستكون بحاجة لمركب إسناد ورافعة وكهرباء وغيرها من المتطلبات التي تكفلت البحرية اللبنانية بتأمينها»، لافتاً إلى أنه «تم شحن الغواصة من جزر الكناري وهي بطريقها إلى برشلونة ويتم العمل على حجز مكان لها على أسرع باخرة متوجهة إلى بيروت».
ويدرك أهالي الضحايا أن جثث أحبائهم لم تعد موجودة والأرجح تحللت، إلا أنهم ينشدون الحصول ولو على قطع من ملابسهم أو أحذية لهم أو لعبة من ألعاب أطفالهم، وهو ما يتوق إليه عميد دندشي، الوالد الذي خسر أولاده الثلاثة في حادثة غرق المركب في 23 أبريل (نيسان) الماضي. هو يواكب عن كثب عملية شحن الغواصة وينتظر وصولها، مرجحاً أن يحصل ذلك مطلع شهر أغسطس (آب).
وبالتوازي يتابع التحقيقات التي يتولاها الجيش لتحديد سبب غرق المركب، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التحقيق مستمر وجدي وأنه تم الاستماع لعدد من الشهود مرتين».
من جهتها، تؤكد مصادر عسكرية أن «الجيش متعاون إلى أقصى درجة لضمان وصول الغواصة وأنه يقوم بكل الاتصالات والجهود اللازمة لتذليل أي عقبات». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن قبل أي طرف آخر نريد التوصل إلى نتيجة… التحقيقات مستمرة وننتظر انتشال المركب لتفعيلها».
وفيما ينتظر بعض الأهالي إخراج المركب من عمق البحر لتثبيت ما يقولون إن عناصر الجيش الذين تصدوا للزورق اصطدموا به عن قصد ما أدى لغرقه، لا يعتبر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أنه سيكون لذلك أثر كبير على التحقيقات، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «ما حصل واضح تماماً لجهة أن المركب كان متهالكاً ويحمل 3 أضعاف الحمولة التي يمكنه نقلها ما أدى لغرقه».