يظهر جلياً أن الاستحقاق الرئاسي في إجازة طويلة قد تمتد إلى الربيع المقبل، وفق المعلومات والمعطيات التي تشير إليها أكثر من جهة سياسية مطلعة على تفاصيل الوضعين الداخلي والدولي، مؤكدةً بأن الوضع الأمني سيكون ممسوكاً في فترة الفراغ من قبل الجيش اللبناني تحديداً، والقوى الأمنية بكل أجهزتها، بدليل القبض على خلايا إرهابية من قبل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. أما القلق والخوف فإنهما يكمنان في الأوضاع الحياتية والمعيشية، وذلك آخذ بالتفاقم من خلال ما جرى في الساعات الماضية من تدهور للعملة الوطنية وارتفاع أسعار المحروقات.
ويكشف أحد المراجع السياسية عن التدهور المريب في الإدارات والمؤسّسات الرسمية طوال فترة السنوات الماضية، حيث غابت أجهزة الرقابة والتفتيش والمحاسبة، وطغى الفساد والهدر والإرتكابات، وكان القضاء استنسابياً، واليوم تبدلت الصورة ويمكن الشروع في تحريك القضاء لأجهزته، ويتوقّع وفق المعطيات والمعلومات أن تُفتح ملفات كان من الصعوبة بمكان كشفها، وما يجري اليوم في دوائر الميكانيك وبعض المؤسّسات والإدارات الرسمية، لدليل على هذا التوجّه، دون أي تدخلات سياسية ومن أي طرف كان.
في السياق، تشير مصادر سياسية متابعة لمسار الوضع الحالي، إلى أن الجميع استسلم على خط الجبهة الرئاسية، فكل الكتل النيابية متمترسة خلف مواقفها، لأنها تدرك ما لديها من أجواء بأن المرشحين الطبيعيين والمعروفين، أي النائب ميشال معوض أو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ليس لديهما أي حظوظ في الوصول إلى الرئاسة، ولن يتجاوز سقف أي منهما ال55 صوتاً، وعندئذ ستكون هناك خيارات أخرى.
وإلى ذاك الوقت، ستستمر المناورات السياسية إلى حين التوافق على اسم معيّن، والذي لن يأتي في وقت قريب، الأمر الذي تكشفه المصادر، والتي أكدت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على هامش قمة المناخ في شرم الشيخ، جرى عرض تفصيلي للوضع اللبناني، وتحديداً الاستحقاق الرئاسي في ظل رغبة فرنسية جامحة لانتخاب الرئيس العتيد في أسرع وقت ممكن، ولكن الذين وصلتهم بعض المعطيات، يشيرون إلى أنه ليس هناك أي مؤشّرات على أن الرئيس سيُنتخب في المدى القريب، ما يعني أن التوافق الدولي لم يتبلور بعد. ومن هنا، القلق والمخاوف من أن يؤدي ذلك إلى “خربطات” أمنية واستمرار التدهور الاقتصادي الذي بدأ ينذر بعواقب وخيمة، في حال لم ينتخب الرئيس، أو تصل المساعدات العاجلة إلى لبنان في وقت قريب.
وعلى خط موازٍ، فإن هذه الأجواء أكان نيابياً أو على مستوى الملفات الأخرى، قد تؤدي أيضاً إلى اشتعال الجبهة السياسية، ومن هذا المنطلق، يدرك رئيس المجلس النيابي نبيه بري خطورة الوضع في ضوء الإنقسامات والخلافات وكل ما يعانيه البلد، ولهذه الغاية كان هناك إصرار لديه إثر لقائه الأخير مع رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، بأن يعاوَد الحوار، وربما بأشكال أخرى، أي أن تتم الاستعاضة عن طاولة الحوار بلقاءات ثنائية وثلاثية، أو حصول تشاور مع كل المكوّنات لتدوير الزوايا ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وفي المحصلة استمزاج رأي القوى السياسية والنيابية حول مرشح توافقي، بعدما بات الجميع، ومن كافة الأطراف، يرفضون ما يسمى بمرشح التحدّي أو الإستفزازي.
لذا، فإن جلسة اليوم هي صورة عن الوضع العام في البلد، بمعنى أنها لن تغيِّر أو تبدِّل في المشهد السياسي، وليس ثمة مفاجآت أو متغيّرات، بل ما سيحصل إنما يصب في إطار تسجيل المواقف السياسية والشعبوية.