الجمهورية
هل بدأ رفع الدعم عن الدواء بالمواربة من خلال ابتكار آلية مبهمة تؤدي عملياً الى رفض الشركات المستوردة تسليم البضائع الى الصيدليات سوى بسعر غير مدعوم بانتظار وضوح الرؤية؟
كشفت مصادر مطّلعة على ملف الدواء عن قرار لعدد من الشركات المستوردة للأدوية وقف تزويد الصيدليات بالبضائع، متخوّفةً من نقص في عدد من الأصناف في الأسواق نتيجة ذلك، إذ قَنّنت الصيدليات بيع الدواء وحصرته في زبائنها في انتظار حل المشكلة.
في المقابل، أعلنت نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية أن «الشركات ستضطر للتصرف بالبضائع الواصلة حديثاً على أنها غير مدعومة بسبب عدم قبول العديد من المصارف الملفات الجديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان بموجب آلية لم تتضح معالمها وآليتها بعد ضمان قبول الملف». فهل ينطبق الأمر نفسه على الدواء، ويكون السبب الكامن خلف وقف التسليم؟
نقيب مستوردي الأدوية الطبية كريم جبارة شرح حقيقة ما يحصل لـ»المركزية»، موضحاً أن «مصرف لبنان أعلن أمس اعتماد آلية جديدة لتقديم طلبات استيراد البضائع المدعومة، وترتبط بالموافقات المسبقة للملفّات الجديدة المقدّمة من المستوردين، ما دفع عدداً منهم إلى وقف التسليم لتعديل نظام عملهم بما يتماشى والآلية هذه، وسيعودون إلى التسليم في غضون ساعات فور الانتهاء من التعديلات، حتّى أن بعضهم استعاد نشاطه. أي أن الموضوع تقني لكنه خلق بلبلة خلال 24 ساعة»، لافتاً إلى أن «القرار الجديد للمصارف الذي تطرّقت إليه نقابة مستوردي المستلزمات الطبية هو نفسه الذي دفع بالمستوردين إلى تغيير نظامهم».
أضاف: «بعض المصارف لا يوافق على الملفّات، لكن في المقابل البعض الآخر يفعل. ومستمرّون في المخاطرة عبر البيع بالسعر المدعوم قبل دعم مصرف لبنان لها، ومتّكلون على ضمير المعنيين وحسّ مسؤوليتهم وإلا نفلّس».
وفي ما خصّ شحّ الأدوية، أشار جبارة إلى أن «المخزون في لبنان قليل ويتفاوت تبعاً لصنف الأدوية بين الصفر إلى الشهرين. الشركات المصدّرة تتخوّف وتتشدد أكثر فأكثر في إرسال كميات من الأدوية إلى لبنان، في ظلّ تأخير الدفع لأن الملفات عالقة في مصرف لبنان إلى جانب الحديث يومياً عن وقف الدعم نهاية أيار الجاري. أما المستورد فلا يمكنه طلب شحنات جديدة ما لم يوافق مصرف لبنان على ملفّاته لتحوّل الأموال إلى الخارج. وأول أيام هذا الشهر كان الوضع غير طبيعي، حيث بدأ التداول بالأسعار الممكن أن تصل إليها الأدوية مع رفع الدعم، ما أدّى إلى تهافت أكبر من قبل المواطنين للحصول على حاجاتهم من الأدوية لتخزينها»، معتبراً أن «عدم الاستقرار النفسي بلغ أقصى درجاته ولم نصل إليه من قبل في تاريخ عملنا. باختصار، المخزون تراجع، المصدّر متخوّف ويريد ضمان حقّه قبل البيع، والمواطن في حالة هلع. كلّها عوامل أدّت إلى الوضع الراهن. وبقاء الأمور على حالها، لا سيّما لجهة الخوف المسيطر ومن الممكن أن يؤدّي إلى تدهور الوضع في الأسابيع المقبلة».
وختم جبارة: «المطلوب إعطاء رؤية واضحة للأطراف الثلاثة هذه وللصيدليات عمّا سيحصل في موضوع الدّعم. لا أحد يعرف إلى أين نتّجه، حتّى جواب المسؤولين غير موحّد ويبقينا في المجهول. وأملنا إعلان المسؤولين عن قرار واضح مهما كان، سواء الالتصاق بخطّة ترشيد الدعم أو حتّى الإعلان عن عدم وقفه أو تأمين مصدر تمويل في حال وصلنا إلى الاحتياطي الإلزامي…».