لم تتوقّف خدع أصحاب المولّدات الخاصة، على التلاعب بسعر الكيلواط ودولرة الفاتورة وتزويرها، بل تعدّتها إلى بدع جديدة، تصطلح تسميتها “سرقة موصوفة”.
جديد أصحاب المولّدات الخاصة: فرض غرامات مالية في حال تأخّر المشترك عن تسديد الفاتورة بعد اليوم الخامس من أوّل كلّ شهر، 60 سنتا على كل كيلواط ساعة، و400 إلى 500 ألف ليرة، أو فصل الكهرباء حتى يتّم تسديد الفاتورة.
وكانت وزارة الطاقة والمياه، قد أصدرت تعرفات المولدات الكهربائية الخاصة عن شـهر أيلول، وهي “للمشتركين بالعدادات في المدن أو التجمعات المكتظة أو على ارتفاع أقل من 700 متر: – قدرة 5 أمبير: 120.000 ل.ل. + المقطوعية الشهرية x16.350 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة.
قدرة 10 أمبير: 240.000 ل.ل. + المقطوعية الشهرية x 16.350 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة. 17.985 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة”.
وتابعت الوزارة في بيانها: للمشتركين بالعدادات في القرى أو المناطق المتباعدة أو على ارتفاع اكثر من 700 متر: – قدرة 5 أمبير : 120.000 ل.ل. (ثابت) + المقطوعية الشهرية x 17.985 ل.ل. عن كل كيلوواط/ساعة. قدرة 10 أمبير : 240.000 ل.ل. (ثابت) + المقطوعية الشهرية x 17.985 ل.ل. عن كل كيلوواط/ساعة، تضاف 120.000 ل.ل. على الشطر الثابت من تسعيرة العدادات لكل 5 أمبير إضافي”.
ولكن على ما يبدو أنّ التسعيرة المحدّدة من قبل وزارة الطاقة والمياه، سواء في ما خص الرسوم الثابتة أو سعر الكيلواط، والتي ترسل كذلك إلى وزارتي الداخلية والإقتصاد، تُضرب بعرض الحائط في كلّ تفاصيلها من قبل بعض أصحاب المولّدات الخاصة، في ظلّ عدم فعاليّة الإجرءات الرقابية والقضائية المتّخذة بحقّهم، وأكثر من ذلك، كلّما زاد الضغط على أصحاب المولّدات، زادت حدّة الإجرءات الإنتقاميّة من قبلهم تجاه المشتركين.
رسم عدّاد ومقطوعة بالدولار!
تسكن هدى (35 عاما) في منطقة الغبيري، وهي مشتركة بنظام مقطوعة ( 2.5 أمبير)، تدفع مليوني ليرة شهريا، تتوزّع بين رسم إشتراك ثابت يبلغ 8 دولارات شهريا، يحتسب وفق سعر السوق السوداء، ومبلغ مقطوعة تحدّده البلدية كلّ شهر تبعا لسعر صرف الدولار وسعر المحروقات وعدد ساعات التشغيل، على أنّ المقطوعة تزيد كلّ شهر نحو 200 ألف ليرة.
لذلك، ووفق ما أشارت لـ”الديار” قررت هدى أن تركّب عدّادا لتخفف عن كاهلها عبء الفاتورة الكبيرة، خصوصا أنّها لا تستهلك كهرباء بقدر ما تدفع، لتتفاجأ بسلّة من المطالب من قبل صاحب الإشتراك، منها تأمين بقيمة مليون ليرة، رسم إشتراك ثابت يبلغ 12 دولارا، شراء عدّاد على حسابها الخاص، ليضاف كلّ ذلك بالمحصلة إلى المبلغ الذي ستدفعه مقابل إستهلاكها الشهري من الكهرباء، عدا عن سعر الكيلواط الذي يتم التلاعب به هو الآخر.
وعند مراجعة هدى لصاحب المولّد، أجابها بأنّ هذه الزيادات هي نتيجة إتفاق حصل بينه وبين المشتركين، وأنّه ضرورة نظرا لارتفع سعر الدولار، ولتعويض خسائره عند ارتفاع سعر المازوت، أو انقطاعه أحيانا واضطراره لشرائه من السوق السوداء، وبالتالي كي يستمر في تشغيل المولد، علما أنّ معظم مشتركي الحي -وفق هدى- يشتكون دائما هذه الزيادات، ويتّهمون صاحب المولد بالإحتيال والكذب فهو لم يتفق مع أحد ويخبر كلّ مشترك أنّه اتفق مع الباقين.
مليون ليرة غرامة
بدعة جديدة كشفتها ريم لـ “الديار”، وهي من سكان مدينة النبطية، بدأت مع بيع صاحب إشتراك لبناني مولّده الخاص لشخص من التابعية السوريّة، ليبدأ الأخير بإجراءات جديدة أولّها أنّه فرض على الناس الذهاب والدفع في مكتبه، بعدما كانت الجباية تتّم من منازلهم ومحلاتهم، مهدّدا بزيادة فاتورة كلّ من يتأخّر عن التسديد في الخامس من أوّل كلّ شهر، ودفعها بـ “الدولار الفريش”، مضيفة أنّه تقاضى مليون ليرة من جيرانها الشهر الماضي، لأنّهم تأخروا عدّة أيّام عن دفع الفاتورة.
خليل: “إذا وقفنا المولدات بتطلع الصرخة باتجاه البلدية”
رئيس بلدية الغبيري معن خليل أشار لـ “الديار” إلى أنّ كلّ ما سلف ذكره مخالف للقانون، والمواطن يقبل بذلك مجبورا، واصفا بأنّ ذلك فن من فنون السرقة التي تفرض على المواطنين بالإكراه، ورأى أنّ غياب رقابة وزارة الإقتصاد والتجارة، وتوقف عمل القضاء والنيابات العامة، وضعف الإمكانيات البلدية لناحية قمع المخالفات والحجز على المولّدات وتشغيلها، وجشع أصحابها، عوامل أدت إلى عجز البلديات عن التحكّم بأسعار الكيلواط ومراقبة عمل أصحاب المولّدات، وأصبح هناك تفلت تامّ وعدم قدرة على الضبط، وتجرؤ على مخالفة القانون وكلّ التعاميم، وفرض أمر واقع على المواطنين وعلى البلديات وعلى أجهزة الدولة الرقابية.
وأقرّ خليل بأنّ أصحاب المولّدات اليوم يتقاضون دولارا فقط ، ويزيدون تسعيرته، واتسع حجم المخالفة ليشمل اعتماد الدولار كسعر زائد، والتسعيرة الرسمية بالدولار، فضلا عن زيادة الرسوم الثابتة كرسم العدّاد والمقطوعة، لافتا إلى أن هناك تفلتا وفرض أمر واقع من قبلهم، فكلّ مولد عنده مئات أو آلاف المشتركين، وتوقفهم يشكّل ورقة ضغط ضد البلدية، ويقولون: “إذا نحنا وقفنا يمكن تطلع الصرخة باتجاه البلدية إنو عم نوقف عمل المولدات وما في بدائل”.
ياسين: السلطات وحدها تستطيع معالجة المخالفات
أكثر من 4000 مولّد يمدّون لبنان بالكهرباء اليوم منهم ما هو تابع للبلديات والجمعيات، و80% منهم ملتزمون بالقوانين، وفق ما أكّد لـ”الديار” رئيس” تجمع أصحاب مولّدات” الضاحية الجنوبية حسن ياسين، واضعا ما يحصل من مخالفات برسم السلطات التي تستطيع أن تعالج هذه المواضيع، لافتا إلى أنّنا كأصحاب المولدات ليس لدينا القدرة على معالجة هذا الأمر، فهناك إجراءات يستطيع المعنيون اتخاذها بحق صاحب المولّد المخالف أو الذي يظلم الناس بشكل يؤثر في قدراتهم.
وعما إذا كان تنامي الإعتماد على الطاقة الشمسيّة يتسبب بخسارات لأصحاب المولّدات وبالتالي يعمدون إلى تعويضها بفرض زيادات عشوائية على المشتركين، نفى ياسين ذلك، معتبرا أنّه كلام يفتقر إلى الدقّة العلمية، بل على العكس فتدني الإعتماد على المولّد يخفف من الضغط عنه، ومن شراء مادة المازوت، ومن الصيانة وبالتالي الأكلاف.
وأضاف أنّنا ندعو لحلول منذ نحو 5 سنوات حين فرض علينا موضوع العدادات وألزمنا بتركيبه، مستبعدا أن تكون الدولة قادرة على تنظيم وإدارة وضبط قطاع المولّدات، خصوصا في وقت فشلت فيه بإدارة قطاع الكهرباء ودمرته، وقال إنّه خلال خمس سنوات من التخبّط والمناكفة بين أصحاب المولدات والسلطات المعنية كوزارة الطاقة والاقتصاد لم يستطيعوا إيجاد حل، كما أنّ البلديات بكل المناطق كانوا يستعملون سياسة العصا وليس الجزرة، ونحن كنا ولا نزال من أصحاب المولدات الذين يدعون إلى الحوار البناء.
تسعيرة “الطاقة” لا تأخذ بدقّة أكلاف التشغيل
في السياق، عرض ياسين لأمرين يتخبّط بهما صاحب المولّد ما ينعكس بالتالي على المشترك، وهما ارتفاع سعر المازوت وسعر صرف الدولار، موضحا أنّه بعد رفع الدعم الجزئي – واليوم الكلّي- تكبّدنا خسائر كبيرة على فترة امتدّت لأكثر من سنة ونصف، ولدينا أرقام تثبت ذلك، وشرح أنّ هذا الارتفاع يؤدي الى ارتفاع الأكلاف، لا سيّما أنّ تسعيرة وزارة الطاقة لا تأخذ بدقّة أكلاف التشغيل، وهناك إجحاف اتجاهنا، ما يضطر أصحاب المولّدات الى زيادة بعض المبالغ على الكيلواط للتعويض عن الخسائر والإستمرار، في ظل عدم وجود الكهرباء الرسميّة، معتبرا أنّه بدل المحافظة على هذا القطاع ووضع الحلول المناسبة له وضبطه ومعالجة مكامن الخلل فيه، يرفعون شعار: “بدنا نحارب ويضعوننا بوجه الناس وهني بيقعدوا على جنب”.
خلاصة القول… بين سندان فاتورة الإشتراك الخاص وزياداتها ومطرقة فاتورة الدولة المنتظرة وأكلافها، يبدو أنّ “زمن أوّل تحوّل” ولن تكون الكهرباء أمرا متوافرا ويسيرا في حياة اللبنانيين كما في السابق، فالأكلاف تزيد مع ارتفاع سعر الدولار وسعر المحروقات عالميا، وتصبح أصعب خصوصا لمن لا يزال يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية، و”الخير لقدّام”!