هل يسوّق ماكرون خلال زيارته “الثالثة” الى لبنان في عيدي الميلاد ورأس السنة لقائد الجيش رئيساً؟!!

Share to:

الديار – دوللي بشعلاني

بدا الاستقلال في لبنان حزيناً هذه السنة لعدم وجود رئيس جمهورية للبلاد، وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال، رغم وجود مجلس نيابي شرعي وحيد كونه انتُخب في أيّار الماضي. ولأنّ البحث عن رئيس الجمهورية الجديد للبلاد يرتبط بالبحث في آن معاً عن رئيس الحكومة الجديدة، يبدو أنّ الشغور الرئاسي سيطول، وحكومة تصريف الأعمال باقية رغم الإنهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم ويحتاج الى معالجات جذرية للحدّ منه. وتأتي الزيارة “الثالثة” التي يخطّط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القيام بها للبنان في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة لتمضية العيد مع الكتيبة الفرنسية العاملة في قوّة الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان “اليونيفيل”، لتفتح كوّة في الحائط المسدود أمام حصول تسوية في القريب العاجل.

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ زيارة ماكرون المرتقبة الى لبنان، تأتي بعد أن جرى تأجيلها منذ سنتين بسبب إصابته آنذاك بفيروس “كورونا” إذ ألغى عندها كلّ رحلاته الى الخارج بما فيها زيارته الى لبنان، إذ كان من المقرّر أن يصل الى بيروت في 21 كانون الأول من العام 2020. وجرت العادة أن يزور ماكرون القوّات الفرنسية التي تعمل خارج بلاده خلال فترة الأعياد، وقد زار في العام الماضي “مالي”، ويُرجّح أن تكون الزيارة هذه السنة الى لبنان، إلّا أنّ هذه الزيارة تصبّ أيضاً في البحث في الملف الرئاسي، لا سيما بعد أن أعيد انتخابه لولاية ثانية في نيسان الماضي.

ولكن يعود ماكرون الى لبنان للمرة الثالثة، ولا نظير له حالياً ليجتمع به، إنّما رئيس مجلس نيابي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، على ما أضافت المصادر، هو الذي زار لبنان مرتين بعد انفجار 4 آب 2020، واجتمع بالقادة السياسيين وتحدّث عن “عقد سياسي جديد”. وإذا تمّت هذه الزيارة، فإنّه بإمكان ماكرون لقاء القادة والمرجعيات والشخصيات المؤثّرة في الحياة السياسية اللبنانية باستطلاع مواقفها. كما أنّها تشير الى أهمية لبنان بالنسبة إليه والى بلاده، والى ضرورة إخراج لبنان من الشغور الرئاسي وتصريف الأعمال الحكومي. ويُتوقّع أن يُشدّد خلالها على أهمية دور الكتيبة الفرنسية التي يبلغ عدد جنودها حالياً 658 من أصل 9923 جندياً لحفظ السلام موزّعين على 48 دولة (حتى 28 آب 2022)، وعلى أهمية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي عُقدت بين لبنان والعدو “الإسرائيلي” في 27 تشرين الأول الفائت التي ساهمت فيها باريس بشكل كبير، والتي تُدخلها شركة “توتال” الفرنسية حيّز التنفيذ فور بدء عملها في البلوك 9 اللبناني.

ويعوّل لبنان، على ما رأت المصادر نفسها، على زيارة ماكرون إذا ما حصلت، لأنّ حضوره الى لبنان شخصيّاً من شأنه تحريك الجمود في الملف الرئاسي، وقد يشكّل عنصراً مساعداً للتوصّل الى حلحلة ما في مسألة عدم إطالة فترة الشغور الرئاسي الى الربيع المقبل، على ما يروّج البعض، سيما أنّ لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الانهيار. غير أنّها لفتت الى أنّه، بحسب التجارب السابقة، لم يسبق لفرنسا أن أدت دوراً حاسماً في الإتيان برئيس الجمهورية، لا سيما منذ اتفاق الطائف وحتى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، من دون حصول تسوية خارجية. إلّا أنّ طرح ماكرون الذي يتواصل مع “حزب الله”، الملف اللبناني خلال محادثاته الأخيرة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على هامش قمّة قادة المنتدى الإقتصادي لآسيا والمحيط الهادىء (أبيك) في بانكوك، واتفاق الرجلين على ضرورة إيجاد الأشخاص القادرين على القيام بالإصلاحات المطلوبة، والرهان ليس على شخصية معيّنة للرئاسة بل على البرنامج، وحضّ اللبنانيين على التوافق في ما بينهم على انتخاب رئيس للجمهورية، من شأنه التقريب في وجهات نظر القوى والأحزاب السياسية اللبنانية المختلفة فيما بينها على اسم الرئيس الجديد للجمهورية.

أمّا القول إنّ ماكرون يأتي الى لبنان للتسويق لقائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، فأوضحت أنّه إذا كان حصل توافق ضمني بين فرنسا والسعودية والولايات المتحدة الأميركية على اسم قائد الجيش، فلا بد من ترجمة هذا الأمر من قبل الكتل النيابية في مجلس النوّاب، غير أنّ هذه التسوية لم تحصل بعد. وحتى الآن ليس من مرشحين جديين للرئاسة سوى رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الذي يدعمه الثنائي الشيعي ولا يوافق عليه تكتّل “لبنان القوي” حتى الآن، وقائد الجيش الذي بالإمكان توافق الكتل النيابية عليه كمرشح تسووي، كما يجري طرح اسم رئيس التيار الوطني الحر ” النائب جبران باسيل الذي زار فرنسا أخيراً ويقوم بحركة خارجية للإستفتاء حول ترشّحه، فضلاً عن رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوّض الذي هو مرشّح مواجهة، ويودّ الوصول الى قصر بعبدا بقرار لبناني ومن دون اي تدخّلات خارجية، الى جانب أسماء أخرى مثل الوزير السابق زياد بارود، ود.عصام خليفة وسواهما. ولا أحد يعلم حتى الساعة، ما إذا كان ماكرون سيطرح اسماً جديداً للرئاسة، أم سيسوّق لمجيء العماد جوزف عون، أو يقوم باستفتاء سياسي حول ترشيحه.

وبرأي المصادر عينها إنّ ماكرون سيُثير الملف اللبناني خلال لقائه نظيره الأميركي جو بايدن الذي سيصل في زيارة دولة الى الولايات المتحدة الأميركية في 1 كانون الأول المقبل، وستكون الأولى في عهد الإدارة الحالية، والتي ستسبق زيارته الى لبنان التي سيطّلع خلالها شخصياً على المواقف الداخلية من الأسماء المطروحة للرئاسة بما فيها اسم قائد الجيش. وإذ يجري التأكيد خلال هذه الزيارة المرتقبة على عمق العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا التي هي الحليف الأقدم، فإنّ لبنان يُعوّل على نتائج لقاء ماكرون- بايدن الذي يُتوقّع أن يجري الإتفاق خلاله على مجموعة عناوين تتعلق بالعلاقات الاقتصادية، والدفاع والتعاون الأمني، فضلاً عن ملفات المنطقة، ومن ضمنها الموضوع اللبناني بما فيه رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة.

وتجدر الإشارة الى أنّ العلاقة كانت تأزّمت بين باريس وواشنطن العام الماضي، عندما أعلنت أستراليا فجأة تخليها عن عقد لشراء غوّاصات فرنسية تقليدية لمصلحة اتفاق لشراء غوّاصات أميركية تعمل بالطاقة النووية، غير أنّ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والجانب اللبناني أعاد لحم هذه العلاقة المتصدّعة خلال المفاوضات التي أجراها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في باريس قبل إنجاز التوقيع على الإتفاقية.

من هنا، فإنّ الرهان على استمرار الشغور الرئاسي، لن يصبّ في مصلحة أحد، على ما عقّبت، كما يؤثّر سلباً في بدء أعمال التنقيب والإستخراج في حقل “قانا”، وكلّ تأخير في ملف الغاز والنفط، من شأنه تأخير تحسين الوضع الاقتصادي واستعادة لبنان عافيته وحياته الطبيعية بعد سنوات من الآن.

Exit mobile version