في الآونة الأخيرة عاد الحديث عن خطة ماكنزي الى الواجهة إذ يتم التداول حاليا بتنفيذ بنودها واعتمادها كحل للنهوض الإقتصادي المرتقب في لبنانوفي هذا المجال يقول رئيس اتحاد رجال الاعمال المنتشرين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل : نسى أو يتناسى الجميع، المشروع الذي قامت به شركة «ماكنزي»، في العام 2018 وقد كان يشكل رؤية وإستراتيجية إقتصادية للمرحلة حتى العام 2025. فهل هذا المشروع يُمكن أن يكون نقطة انطلاق جديدة وخطة واقعية على المدى القصير والمتوسط والبعيد لإعادة الإنتعاش الإقتصادي؟
ويتابع زمكحل : بعد مرور ست سنوات على أكبر أزمة إقتصادية وإجتماعية ومالية ونقدية في تاريخ العالم، لم يُنفذ حتى هذه الدقيقة أي إصلاح أو حتى أي نية للإصلاح، لوقف الإنهيار المتتابع، ولم يُقترح أي مشروع جدي لوقف النزف وإعادة النمو. ما نشهده حتى اليوم هو بعض المشاريع الوهمية والوعود الشعبوية والكاذبة والعشوائية، من دون أي تنفيذ، لكسب بعض الوقت السياسي، وهدر الوقت الإنمائي.
حتى ان معظم الموازنات التي كانت تقدمها الحكومات المتعاقبة كانت تخلو من اي رؤية اقتصادية او خارطة طريق للنهوض الاقتصادي .
وفي هذا الاطار في ظل الضياع الذي يسود البلاد جراء الاختلاف على خطة الانقاذ المالي، والانتقادات التي وجهت اليها من قبل الكثير من القوى السياسية والجهات الاقتصادية لتضمنها الكثير من الاجراءات والافكار التي تتعارض مع الدستور وتضرب النظام الاقتصادي الحر، فضلاً عن عدم تضمنها برنامجاً واضحاً للنهوض بالاقتصاد الوطني، تبرز الحاجة الملحة الى الكتاب الذي عمل على وضعه واعداده رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السابق روجيه نسناس مع ٢٢خبيرا اقتصاديا واجتماعيا ، تحت عنوان: نهوض لبنان، نحو دولة الانماء، لكونه يقدم حلولاً عملية وعلمية لمشكلات لبنان الاقتصادية ولكونه يقدم سلسلة متكاملة من الاقتراحات والسياسات والتدابير التي تسمح بإعادة وضع الاقتصاد الوطني في مسار التعافي والنهوض وحماية قوته البشرية.
ويقول نسناس في كتابه ، بدا لزاما علينا ان نلتقي كي ننتقل من المراوحة والانتظار، فكان هذا الكتاب ليشكل نداء” لنا جميعا” يحث الخطى للعمل في اتجاهين متكاملين:
الاول : لقد بات حاجة وضرورة ان ننطلق جميعا” ومعا” لوقف مسيرة التراجع والعياء.
الثاني : لقد بات حاجة وضرورة ان ننطلق جميعا ومعا” ليس للخروج من الماضي فحسب بل لكي نبني الغد بناء” يجسد دور لبنان في القرن الحادي والعشرين.
وهنا تجدر المصارحة بأن هذه الابحاث، بما تحمل من ارقام ومعطيات، ومن تحليلات واستنتاجات، هي هامة بحد ذاتها. الا ان اهميتها الاضافية تتمثل في اعتبارها منطلقا لحوار علمي وعملي يرمي الى بلورة رؤية جامعة للنهوض.
والسؤال اليوم هو من هو “القادر “على وضع رؤية اقتصادية معدلة او جديدة للنهوض الاقتصادي؟حكومة نجيب ميقاتي فشلت حتى الان في اطلاق اي خطة للنهوض كما ان حكومة حسان دياب سقطت خطتها قبل ان تولد .
من المعروف أن وزير الإقتصاد السابق رائد خوري هو عراب خطة ماكنزي يوم كان وزيرا للاقتصاد وقد شرحها باسهاب مرارا وتكرارا ودعا للسير بها محذرا من الانهيار الإقتصادي الوشيك لكن الانهيار وقع والخطة لم تنفذ وكل شيء انهار حتى اننا بعد خمس سنوات من وقوع المحظور لا زلنا في عز الأزمة والانهيار والأمور إلى استفحال أكبر.
اليوم ماذا يقول وزير الإقتصاد السابق رائد خوري عن الخطة وهل لا زالت صالحة للتنفيذ ام تحتاج إلى بعض التعديلات؟يقول خوري :
ان المشكلة الأساسية في لبنان هي بالنموذج الإقتصادي الذي كنا نعيشه سابقا حيث كنا نتكل على نمط او نموذج معين في الإقتصاد وهو استقطاب الودائع إلى القطاع المصرفي واقراضها للدولة . انا قدمت فكرة ماكنزي لنقوم بأمور اخرى تسهم بتغيير النموذج الموجود لأننا كنا ندرك تماما بأننا متجهين إلى الانهيار وان هذا النموذج المعتمد لن يدوم ابدا. أن فكرة ماكنزي تقوم على تقوية بعض القطاعات التي تدخل الدولار الفريش إلى البلاد وبشكل مستمر ومنتظم مثل الصناعة والتصدير بها . أن المشكلة الأساسية في البلاد هي بعدم توفر الدولار الفريش وبضرورة توفره ليس عن طريق الودائع إنما من القطاعات المنتجه مثل الصناعة والزراعة والسياحة والتصدير والتكنولوجيا وغيرها . اليوم وبعد حوالي خمس سنوات على الانهيار باتت خطة ماكنزي أكثر من ضرورة لأن النموذج القديم الذي كنا نتوقع انهياره قد انهار ولا بد من وجود بديل وهذا البديل هو الإقتصاد الصحيح والمنتج .أيضا القطاع الخاص هو العمود الفقري في اي خطة كانت سواء أكانت خطة ماكنزي او غيرها مما يؤدي حكما إلى توسعة حجم الإقتصاد إذ أن مشكلتنا اليوم هي أن اقتصادنا قد صغر ولا نعرف بالنتيجة كيف نتدبر أمرنا وكيف ندفع أجور القطاع العام أو كيف سنرد للمودعين أموالهم والمال غير متوفر . لذا عندما نزيد حجم الإقتصاد تعود العجلة الإقتصادية إلى دورتها وبشكل أكبر وتتحلحل الأمور بالنتيجة والقطاع العام يتحسن أيضا لكنه حكما يحتاج إلى معالجة إذ لا نستطيع السير بالطريقه نفسها التي تمت ونحن بحاجة لإعادة النظر بحجم القطاع العام ووظائفه بهدف تخفيف الحجم بالإضافة إلى إعطاء الفرصة للقطاع الخاص على صعيد الإدارة وغيرها من أمور. اليوم للحقيقة تدور هذه الأمور بدوامة .في خطة ماكنزي ننظر الى إعادة هيكلة القطاع المصرفي والانتظام المالي ضمن خطة تضع الحل لكل شيء من حيث توسيع حجم الإقتصاد.
لقد وضعت خطة ماكنزي قبل الانهيار فهل لا زالت صالحة اليوم بعد الانهيار ام تحتاج إلى بعض التعديلات؟
لقد وضعنا الخطة سابقا لتفادي الانهيار وهي لا زالت الحل الوحيد في البلاد اليوم بعد الانهيار. انها تحتاج إلى بعض التعديلات كي تواكب الوضع الحالي لكن نسبة٨٠ او ٩٠% منها هي الأساس الذي لا يتغير . أن فرص نجاحها اليوم أكبر لأن اليد العاملة باتت أرخص والبضاعة المنتجة باتت أكثر تنافسية وقدرة على التصدير بشكل أقوى وأسرع.
لقد جرت عدة محاولات لإنتاج خطة إعادة هيكلة المصارف وباءت كلها بالفشل لماذا برأيكم؟
عمليا يوجد ثلاثة قوانين هي قانون إعادة هيكلة المصارف وقانون الانتظام المالي والكابيتال كونترول والمشكلة ليست بقانون إعادة هيكلة المصارف إنما في الانتظام المالي الذي عليه معالجة الخسائر لأننا اذا لم نعالج الخسائر فلن تسير الأمور بشكل جيد . المفروض معرفة مصير الودائع ومدى الخسائر المحققه فيها والنسبة التي سيسترجعها المودعون وضمن اي مدة ووفق اي خطة. أن مجلس النواب يريد أن يرى خطة كاملة للقوانين الثلاثه وهي عبارة عن لوحة بازل علينا تركيبها جميعا.
من الملاحظ تعثر بعض المصارف مؤخرا وتعيين مدراء بشكل مؤقت عليها لذا إلى أين سيسير القطاع المصرفي بعد؟
ان معظم هذه المصارف تعاني من المشاكل قبل الأزمة واذا بقينا على هذه الحال فلن تستطيع المصارف تنفيذ التعاميم الصادرة من المصرف المركزي فهو يحجز مالها وهي لا تملك الدولار الفريش لكن المصرف المركزي زاد احتياطه مؤخرا بحوالي مليار وماية الف دولار فما رأيكم بذلك؟
اعتقد ان عليه إعطاء المصارف المتعثرة .