نضال العضايلة
وضعت إسرائيل منذ سنوات يحيى السنوار الرئيس الجديد للمكتب السياسي لحركة “حماس” خلفاً لإسماعيل هنية، هدفاً استراتيجياً لعملياتها الأمنية، والاستخباراتية بالنظر إلى وزنه ونفوذه الكبير داخل قطاع غزة، لا سيما بعد عملية “طوفان الأقصى”، التي شنتها الحركة على بلدات ومدن إسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي، ليصبح على رأس قائمة المطلوبين لديها.وتردد اسم يحيى السنوار على لسان عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، كان آخرهم وزير الدفاع يوآف جالانت الذي تعهد بالقضاء على رئيس “حماس” في غزة، فيما شبهه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ”هتلر الصغير”.القراءة الخاطئة لشخصية السنوار، شكلت مقدمة لأكبر فشل استخباراتي لإسرائيل، فقد كان لدى إسرائيل ما يقرب من 40 عاماً من الخبرة في التعامل مع السنوار، ومع ذلك، فإن هذه المعرفة المتراكمة في السنوات الأخيرة، ربما كانت سبباً لتهدئة مخاوف قادة الأمن في إسرائيل، ودفعهم إلى الشعور الزائف بالرضا عن النفس.قبل بدء عملية “طوفان الأقصى” كانت إسرائيل تنظر إلى السنوار باعتباره “متطرفاً خطيراً”، ومع ذلك لم تكن تعتبره مصدر تهديد حقيقي، حيث كان تركيزه منصباً على تعزيز حكم “حماس” في غزة، وانتزاع تنازلات اقتصادية.ولد يحيى السنوار، في مخيم خان يونس للاجئين بجنوب غزة عام 1962، وظهر لأول مرة على الساحة السياسية في أوائل الثمانينيات باعتباره مقرباً من مؤسس حركة “حماس” أحمد ياسين، وبرز اسمه تحديداً في عام 1982، حين ألقت إسرائيل القبض عليه، ووضعته رهن الاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر بتهمة الانخراط في “أنشطة تخريبية”.
وأدانت محكمة إسرائيلية السنوار في عام 1988 بقتل جنديين إسرائيليين و4 فلسطينيين بتهمة التعاون مع إسرائيل، وأمضى عقدين من الزمن في سجون إسرائيل، قبل أن يفرج عنه مع أكثر من ألف أسير فلسطيني في 2011 مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في الصفقة التي عرفت إعلامياً باسم “الوفاء للأحرار”.كان السنوار نشطاً منذ الأيام الأولى لانضمامه إلى حركة حماس، وفي السجن أصبح زعيماً بارزاً لأسرى حماس، وكان شخصية مؤثرة جداً بين جميع السجناء الفلسطينيين، وخلال فترة سجنه، دأب السنوار على دراسة اللغة العبرية، إذ بعد مرور 15 عاماً من سجنه، استخدم هذه اللغة خلال مقابلة مع قناة إسرائيلية، دعا خلالها الإسرائيليين إلى الهدنة مع “حماس.السنوار كان يدرك أن إسرائيل تملك 200 رأس نووي وهي القوة الجوية الأكثر تقدماً في المنطقة، نعلم أننا لا نملك القدرة على تفكيك إسرائيل، رغم انه يمثل الجيل الثاني من قادة “حماس”، ولديه القدرة على قيادة الحركة بأكملها، وليس فقط شؤونها في غزة.وبالمقارنة مع الرئيسين السابقين للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل وإسماعيل هنية الذي أغتيل في طهران، “يتمتع السنوار بشخصية كاريزمية للغاية، وهو أيضاً أكثر تشدداً وتطرفاً من قادة حماس السابقين، وقد ساهم السنوار في تشكيل جهاز الأمن الداخلي لحركة حماس، كما قاد عملية إعادة تقييم علاقات الحركة الخارجية، بما في ذلك تحسين العلاقات مع مصر، ولكن وبعد عامين من تصنيفه ضمن “لائحة الإرهاب” التي أعلنتها الولايات المتحدة عام 2015، بسبب دعوته إلى أسر الإسرائيليين، تم انتخابه على رأس حركة “حماس” في غزة خلفاً لهنية عام 2017، كما أعيد انتخابه في 2021 لولاية ثانية.اما يتعلق بملامح شخصية السنوار، فهو يعتبر قاسياً، وموثوقاً، ومؤثراً ومقبولاً من قبل أصدقائه، ويتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والمكر والتلاعب، ويحتفظ بالأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين، ومعروف على نطاق واسع باسم “أبو إبراهيم”، ساعد على بناء الجناح العسكري لـ”حماس”، وكتائب القسام، منذ أيامه الأولى، ولكن عندما اعتقل في أواخر الثمانينيات، كان ذلك بسبب دوره الخاص داخل “حماس” في مطاردة الفلسطينيين المشتبه في تعاونهم مع إسرائيل.
لقد أصبح السنوار شخصية “أسطورية” داخل قطاع غزة، لا بل يشعر الكثير من الفلسطينيين بالفخر به، ويحظى بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني. و
هذه ليست المرة الأولى التي يكون فيها السنوار في مرمى إسرائيل، ففي عام 2018، عقب إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أنه سينقل السفارة الأميركية إلى القدس، اندلعت احتجاجات حاشدة في غزة على طول السياج الحدودي مع إسرائيل، وحرض السنوار على الوقوف في وجه إسرائيل، وشجع آلاف الفلسطينيين على محاولة اقتحام إسرائيل.