لم تهدأ في لبنان بعد «الاهتزازات النفسية» المتأتية من الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسورية قبل نحو شهر وبلغت موجاته الارتدادية «بلاد الأرز» التي ارتجّت أيضاً مع أكثر من زلزال تكرّر في المنطقة المنكوبة أو هزات وقعت على فوالقها المتعددة.
وفيما جاءت بعض الارتدادات النفسية لـ «زلزال القرن» كنتيجة طبيعية للفاجعة التي أصابت تركيا وسورية، فإن بعضها الآخر أت بفعل عوامل أخرى ساهمت في إبقاء اللبنانيين «على أعصابهم»، منها وُثّق بـ «أم العين» مثل الحفرة العملاقة التي ظهرت فجأة في البقاع وأثارت الذعر، ولكن بينها ما بدا صعب التوثيق واعتُبر أقربَ إلى إشاعات أو افتعالاتٍ أجّجتْها وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق انشغل اللبنانيون بما جرى تداوله عن أصوات غريبة تخرج من الصخور يسمعها الاهالي في بلدة «حرار» في عكار – الشمال، ما أدى الى حالة من الخوف والهلع في البلدة، وسط خشية من أن يكون الأمر تمهيداً لزلزال آت.
وقد ردّ فريق «درب عكار» (يهتمّ بنشاطات بيئية ومافحة الحرائق في عكار) في بيان «على ناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي نشروا خبراً عن سماع أصوات صخور في وادي جهنم ومحيطه ما يدلل ان المنطقة تتحضر لزلزال كبير، وقد تناقلت هذا الخبر أيضاً بعض وسائل الاعلام».
وأكد الفريق «أن لا أصوات أبداً في الوادي، داعيا الى»عدم اثارة الهلع لدى الناس بهذا الشكل، بسبب مفاعليه السلبية، حيث لا ينفع بعدها لا تبريرات ولا اعتذارات”.
وفي سياق متصل، أكد الباحث في علم الجيولوجيا طوني نمر عبر «تويتر» أن ليست لديه أي معطيات جديدة «لأغيّر رأيي على أساسها ولست من هواة اللعب بمشاعر الناس لا سلباً ولا إيجاباً. الزلازل لا يسبقها أصوات من الأرض ولا يمكنني أن أعرف ماذا يسمع البعض في عكار وغيرها».
وكان نمر قال: «مرة جديدة، وبعيداً عن التهويل، نحن في شرق المتوسط نعيش على طول فالق البحر الميت الموثق تاريخياً بحدوث زلازل. كما نعيش بمحاذاة البحر المتوسط الذي يحوي على تركيبات مسببة للزلازل والتسونامي. علينا تقبل الواقع وتثقيف أنفسنا والعمل على التأقلم مع محيطنا الجيولوجي للعيش بسلام».
وفي موازاة ذلك، تفقد النائب انطوان حبشي موقع الحفرة العملاقة التي تكوّنت في خراج المنطقة الممتدّة بين بلدات بشوات وريحا وبرقا في منطقة دير الأحمر، برفقة وفد علمي وفني ضم: أمين سر غرفة إدارة الكوارث في محافظة بعلبك الهرمل المهندس جهاد حيدر، الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة تمارا الزين، مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء مارلين البراكس، الخبير الجيولوجي أمين شعبان، ورئيس بلدية بشوات حميد كيروز.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن الوفد اطلع ميدانياً على موقع الحفرة التي يبلغ محيطها بين 8 و10 أمتار، ومشيرة إلى ان عمقها المؤكد يتجاوز الـ 12 متراً، وتحديده بدقة يحتاج إلى جهاز سبر لغور الحفرة.
وسيصدر التقرير الفني عن «المجلس الوطني للبحوث العلمية» خلال اليومين المقبلين، على أن يتضمن التصور العلمي لأسباب انهيار التربة وتشكُّل الحفرة، ليُحسم الجدل القائم في قرى المنطقة، منذ اكتشافها، حول علاقة الزلازل والهزات الأرضية وتردداتها بالهوة، أم أنها عبارة عن ظاهرة طبيعية ساهمتْ نوعية التربة والفراغات بين طبقاتها وذوبان الثلوج والارتجاجات والمياه الجوفية في حدوثها.