بدل البحث عن بدايات مخارج للأزمات المتفاقمة وتخفيف سرعة الإرتطام الكبير وقساوة العيش في “جهنم”، يعمل العهد على خط الإنتخابات النيابية وكأن قصر بعبدا قد تحول خلية انتخابية في خدمة التيار الوطني الحر وحلفائه بهدف إنقاذه من السقوط المدوي في الإنتخابات. في هذا المجال ذكرت المعلومات مثلاً أن النائب السابق أمل أبو زيد تعرض لما يشبه الترهيب أكثر من الترغيب لحمله على العودة عن انسحابه من المعركة النيابية في جزين. ذلك أن انسحابه كان يعني اعتماد التيار على النائب زياد أسود الذي يعاني من فيتو شيعي في جزين وسني في صيدا ومن تراجع شعبيته عند المسيحيين بحيث يخسر التيار مقعديه الماروني والكاثوليكي في الدائرة. وقد ذكرت المعلومات أن أبو زيد كان عانى من تقديم إخبار بحقه حول عمل شركة (OMT) وتعاطيها عمليات الصيرفة خلافا للقانون. وكان أبو زيد قد اختار الإنسحاب انطلاقاً من تأكده من أنه لن يتمكن من الفوز.
وتقول المعلومات أيضا أن الرئيس عون يضع كل ثقله من أجل منع التيار من الإنهيار، وهو يكمل ما لا يمكن أن يقوم به “حزب الله” في هذا المجال. ومن ضمن ما يقوم به كان الخطأ الكبير الذي ارتكبه في مسألة تحديد زيارة قداسة البابا إلى لبنان. وفي هذا المجال ذُكر أن عون لم يكن مرتاحاً إلى نتائج زيارته الفاتيكان وأنه سمع كلاماً هناك لا يتوافق مع ما خطط له. وتقول المعلومات إن حديثه إلى صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية الذي أعطى فيه الشرعية لسلاح “حزب الله” لم يكن إلا ردّ فعل على خيبة أمله. وتضيف أن تباشير احتمال زيارة قداسة البابا إلى لبنان ظهرت من خلال زيارة الكاردينال غلاغير أمين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول بحيث اعتبر البعض أن وصوله المفاجئ إلى لبنان كان بمثابة بعثة سباقة للبت بمسألة الزيارة التي تحدث عنها البابا في الطائرة خلال عودته من العراق.
وتقول المعلومات أيضاً أن توقيت زيارة البابا يصبّ حتماً في غير مصلحة العهد والتيار الوطني الحر وحلفائهما إذ لن يستطيعوا منع عملية التغيير الذي كان ركز عليه غالاغير خلال وجوده في لبنان والذي حدده بالخلاص من الطبقة السياسية التي كانت السبب في الإنهيار، ولا منع الإنتخابات النيابية ولا الحؤول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال المهلة الدستورية التي تحدث عنها البطريرك بشارة الراعي من أجل الإتيان برئيس يستطيع إنقاذ الوضع. وكل ذلك لا يصب في مصلحة ما يعمل عليه العهد و”حزب الله”.
انطلاقاً من هذه المعطيات يمتد عمل العهد وحلفائه من أجل الإنتخابات إلى قطاعات أخرى أساسية لا سيما ما يتعلق منها بالتعيينات. فقد قال مصدر وزاري لـ”نداء الوطن” ان الرئيس نجيب ميقاتي عندما قال بعد زيارته رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو ان لا تعيينات جديدة كان يقصد عن جلسة الامس وان هناك تعيينات ملحة تحتاج الى إزالة آخر العقبات”. وأوضح المصدر ان “تعيينات عمداء الجامعة اللبنانية شبه منجزة والوزير عباس الحلبي أنجز ما طلبه منه مجلس الوزراء ولكن من أوقف التعيينات هي الجهة التي تصر على الإتيان بعميد لإحدى الكليات من خارج الشروط التي تحددها المادة 66 من قانون الجامعة والمرسوم ما زال مجمداً عند وزير المالية”.
وتابع المصدر: “ان تعيينات رؤساء محاكم التمييز ايضاً توقفها ذات الجهة عند وزير المالية بعدما أنجزها مجلس القضاء الاعلى ووافق عليها وزير العدل من دون اي تدخل، والسبب انهم لا يريدون اكتمال هذا الجسم حتى لا يبت بالمخاصمة المقدمة من بعض النواب بحق المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ لاعتبارات سياسية خاصة قبل الانتخابات”.
واشار المصدر الى ان “هناك مشروعاً جزئيا للتشكيلات الدبلوماسية بهدف ملء الشغور في السفارات الاساسية ولكنه لا يزال موضع تجاذب والجهة ذاتها توقف التشكيلات والمحاصصة فيها”.
هذا الإستخفاف بالمسؤوليات الدستورية وبما تحتمه المناصب الرسمية يتوسع إلى الطريقة التي يتم فيها التعاطي مع وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان. فقد علم أن الصندوق قد يوقع مع لبنان بضغط فرنسي اتفاقاً “ما قبل أولي” يكسب فيه الرئيس ميقاتي صورة تذكارية استثنائية ويبرئ ذمته تجاه اللبنانيين معتبراً انه بدأ مساراً ضرورياً ورامياً الكرة عند مجلس النواب والقوى السياسية. ولكن المسار والأموال تبقى مشروطة باتفاقات رسمية تلبي مطالب الصندوق المعروفة.