هذا ما يريده جبران باسيل…

Share to:

كتب جورج بكاسيني
هذا ما يريده جبران باسيل!

كتب جورج بكاسيني

من يستمع الى الوزير جبران باسيل دون ان يكون على سابق معرفة بسلوكه السياسي ودوره المحوري في تحديد سياسات العهد وتعطيل المسار الدستوري ، يعتقد أن الشاب ملاك من ملائكة الرحمة هبط على الحياة السياسية اللبنانية ، ليشفيها من أمراضها المزمنة .

الوزير باسيل اعتمد كعادته اسلوباً مكشوفاً في تحريف الحقائق ورمي الأسباب الفعلية للازمات السياسية والاقتصادية والدستورية على كل اللبنانيين ، قيادات واحزاب وتيارات وجماهير ، باستثناء قلة من الحلفاء الذين يدورون في فلك العهد المتلاشي .

وباسيل الذي يتعمّد تحميل مآسي اليوم ل”التركة الثقيلة “من التسعينات ، يعرف حق المعرفة ، انه اذا كان هناك من شيء في الدولة يشكّل علامات ما زالت مضيئة حتى الان ، فهو من مخلّفات “التركة الثقيلة” . فالمطار الذي يعمل ، والمستشفيات الحكومية التي تداوي الناس ، والجامعة الوطنية التي تحتضن عشرات آلاف الطلاب والطرقات التي تسير عليها مواكبه ، والأنفاق والجسور والانشاءات التي لن يتمكن من شطبها من الارشيف الثقيل ، هي كلها من التاريخ المشرّف للتركة الثقيلة التي عمّرت وما دمّرت واشتغلت وما عطّلت، وفتحت لبنان على العالم ولم تقفل ابواب الدنيا في وجهه .

جبران باسيل مصرّ على أن يحاكي العصبيات الطائفية والسياسية ، وان يعتبر أن الانتقام من العقوبات الاميركية التي فرضت عليه ، يكون بتضخيم حجم الخلافات الداخلية واطلاق مروحة من الازمات والمشكلات السياسية والدستورية والوطنية التي لا تنجو من سهامها جهة او طائفة او كيان سياسي .

الذي يريده جبران باسيل ، نسخة عن آخر الثمانينات وتجربتهم في السطو على مقدّرات السلطة وتكرار المأساة اللبنانية بتعطيل الدستور وتشكيل الحكومات واثارة العصبيات .

ومطالعة باسيل المتلفزة ، هي في الواقع المطالعة الشاملة لرئاسة الجمهورية ومقارباتها من المسائل الوطنية والسياسية ، وهنا يكمن الخطر الفعلي الذي يواجه البلاد ويضعها على حدود التفريط بالسلم الاهلي كرمى لعيون الصهر المدلّل للعهد .

فماذا في المطالعة الباسيلية التي أتحفت اللبنانيين بآخر انجازات العهد القوي ؟ القراءة السريعة والمباشرة تتوصل الى الاستنتاجات الآتية :

لقد قرر التيار” الوطني الحر” بقيادة جبران باسيل ، ورعاية الرئيس ميشال عون ، وضع البلاد على حافة المجهول من جديد .

انها لعبة “حافة الهاوية” التي نحذّر اللبنانيين ، وخصوصاً القيادات المسيحية السياسية والروحية ، من الوقوع فيها والبناء عليها .

بين مطالعة باسيل اليوم وبين عظة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ، مسافة شاسعة بين من يبحث عن حلول عملية لأزمات داهمة وبين من يفتش عن مفاتيح للازمات السياسية والطائفية والدستورية .

انها المسافة بين الحكمة الوطنية وبين الشعبوية الوطنية . حمى الله لبنان من العقول الشعبوية .

Exit mobile version