نواب ١٧ تشرين… ضدّ المنظومة أم ضدّ حـ.ـزب الله؟

Share to:

الديار – مريم نسر

بعد الإنتخابات، كثُرت محطات الإختبار لنواب ١٧ تشرين الذين يسقطون فيها، إما بخياراتهم وإما بتشرذمهم الدائم، وإما بتصريحاتهم التي تُظهِر حقيقة انتمائهم وهويتهم وأهدافهم.

مصادر سياسية متابعة قسَّمت نواب ١٧ تشرين الى ثلاثة:

١- نواب الصدفة الذين استفادوا من واقع معين أتى بهم نواباً، فهُم كانوا مجموعة ناشطين إجتماعيين، فَتح لهم الحراك الشعبي نافذة للتمايز عن الأحزاب التقليدية، فوَجدوا أنفسهم بحلف طبيعي مع جمعيات مموَّلة من السفارات، فالمُرشّح الفرد الذي يرفع شعاراً يبحث عن تقوية موقعه من خلال تكتل، ليُصبح لديه وزن في مجلس النواب. فهؤلاء لا يمكن تصنيفهم أنهم مرتبطون بالخارج بالمعنى اللبناني، وإنما يَستفيدون من الفرصة لإستقطاب شعبي، كالنواب ملحم خلف والياس جرادي وحليمة قعقور، التي تتمايز عنهم أيضاً كشخصية مستقلة من الأساس تمتلك مشروعاً استفادت من التمويل، فهي لم تُنشىء جمعية من دون قضية، فمن خلال ثقافتها تُحاوِل أن تختلف عن النائبة بولا يعقوبيان التي تستعرض في السياسة.

٢ – النواب الذين لديهم مصالح تتقاطع مع مصالح الخارج، لذا هم يطمحون لنيل ثقة الدول الراعية من أجل دفع الضرر عنهم، للحفاظ على مصالحهم وطمعاً بالمكاسب. فعندما تتعارض مصالحهم مع الدول الراعية لا يكونوا أوفياء لها بشكل كافٍ للبقاء معها، ولكن بنفس الوقت هم غير مستعدين للتموضع في مواجهتها.

٣- النواب الذين يحملون نفس مشروع الخارج ويتماهون معه، ومخلصون له حتى النهاية، ومستعدون للتموضع معه بأي موقع ليبقوا في الواجهة موثوقين ومُعتَمدين من قِبلهم.

واشارت المصادر الى ان هذا العرض يعني أن بعد نموذج الصنف الأول، هناك الثاني الذي يعمل بدافع الخوف والثالث يعمل بدافع الحقد. أما عن «المستقلين» فلا يوجد مستقل في العمل السياسي في لبنان ليس صيداً ثميناً للمخابرات الدولية، فبعضهم كان لديهم هوية سياسية سابقة أو إرث لا يتخلّون عنه، لأنه يُمثِّل لهم الغطاء والشرعية.

فعلياً،هؤلاء النواب ليسوا كتلة واحدة كما يمكن ملاحظته من خلال الآداء، تضيف المصادر، هم يتحالفون على القطعة، ويختلفون لأسباب شخصية وليست مبدئية، لأن ارتباطاتهم ومرجعياتهم مختلفة ويفتقرون لقيادة موحَّدة، لذا فإن إطلاق كلمة «تغييريين» عليهم هي بمثابة استسهال من قِبل الإعلام ، لإيجاد صفة مشتركة لتوصيف هذه المجموعة، التي أتت على أساس أنها خارج دائرة الأحزاب، فهذه الكلمة ظرفية لا تنطبق عليهم، خاصة وأن هناك نواباً أتوا بدعم حزبي، وهناك نواب أتوا بسبب الفراغ الذي تركه «تيار المستقبل» بعد تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي، وإنخفاض نسبة التصويت في الشارع السني، وهناك نواب استفادوا من الحجم الصغير للدائرة الإنتخابية، وشبكة العلاقات السياسية والأمنية والإعلامية والتمويلية كالنواب: بولا يعقوبيان ومارك ضو ووضاح الصادق.

واكدت المصادر انهم يسوِّقون لأنفسهم كخيار بديل عن السلطة، لأنهم فهموا أن الإدارة الأميركية كانت تريد من خلال ١٧ تشرين إزاحة بعض رموز السلطة، لانتهاء مصداقيتهم وضعف حضورهم، لذا اختار هؤلاء العمل بالإيحاء بسبب خوفهم من غضب الجهات الراعية، وأكثر من ذلك يُسوِّقون لأنفسهم بمقدار جرأتهم على مواجهة حزب الله.

واعتبرت المصادر ان الجلسة الاخيرة أزاحت الستار عن صورتهم الحقيقية، بحيث صوّتوا لمرشّح المنظومة التي من المفترض أنهم ثاروا عليها ووصلوا الى البرلمان من خلال الشعارات المناهِضة لها، فأتت بمثابة تتويج لمسار ما بعد الإنتخابات من مواقف وتصريحات وخلافات وانعدام الثقة فيما بينهم، فهُم صوّتوا وصوّروا من أجل كسب ود المصارف وصندوق النقد الدولي ومَن وراءهم.

فالتصويت لمُرشَّح «التقاطع»، تضيف المصادر، يُعتَبر رصيداً لهم لإثبات مصداقيتهم لاعتمادهم كفئة أولى بديلاً عن الطاقم القديم، فهُم أثبتوا أنهم مجموعة مستعدة للتناغم في المحطات الأساسية مع الإرادة الأميركية، ومن يتنكّر لإدخال العامل الأميركي لتوحيد الصفوف المتفرقة يمكن بعد مراجعة تصريحاتهم.فمراجعة تصريحات وكيلة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند التي أبدت انزعاجها من عدم فتح رئيس مجلس النواب نبيه بري دورة ثانية للإنتخابات، بعد أن أراد الأميركي اقتناص فرصة تقاطع «التيار الوطني الحر» مع المعارضة لتكوين أكثرية تتجاوز ٦٥ صوتاً للتعامل مع الوزير السابق جهاد أزعور كرئيس مُنتخَب شرعي غير دستوري، أي رئيس الأمر الواقع، وهذا ما قصد به بري في حديثه أن لبنان نجا من أزمة كبرى على خلفية التصويت الرئاسي في الجلسة الأخيرة.

إذاً، تقول المصادر انه بهذا الآداء سقطت الشعارات «التغييرية» الإستقطابية لهذه المجموعة، وفي أي انتخابات مقبلة إن كانت في موعدها أو مُبكرة، ستُفرِز حتماً نتائج مُغايرة عن تداعيات ١٧ تشرين، وستكون هذه المجموعة من أوائل الخاسرين، بعد أن كشفت عن هويتها الحقيقية، أنها الوجه الجديد للمنظومة القديمة من خلال خياراتها التي تدفع نحو أسئلة باتت بديهية: هل هم حقاً نواب «تغيير»؟ هل هم حقاً مجموعة ضد المنظومة كما يدّعون أو العهد الذي ثاروا عليه من قبل واليوم تقاطعوا معه؟؟ أم هم نواب المنظومة الجُدد ضد حزب الله فقط، كما يُمارسون ويُصرِّحون ويهدفون؟؟

Exit mobile version