MTV – كريستال النوار
الدكاكين تجتاح الطرقات وتنتشر على الأوتوسترادات، ورغم أنّ وجودها “نعمة” لتلبية حاجاتنا إلا أنّ بعضها “يُشرّع” عمل الأطفال واستغلالهم. فتُنادي من سيارتك للطّفل الجالس أمام الدكان “ناولني”، ليركض مسرعاً ويُلبّي طلبك…
هكذا تبدو لنا الصّورة من بعيد، ولكنّ الخطر قد يكون كبيراً على الطّفل خصوصاً في بعض الحالات وغالباً في ساعات الفجر والليل، كما تقول ميرا. وتُضيف: “يُصادف مروري لشراء قهوة صباحاً أو بعض الحاجات ليلاً أثناء عودتي إلى المنزل، فأسمع زبائن تطلب خدماتٍ خاصّة من طفل لا يتجاوز عمره 13 سنة، كركوب السيارة والقيام بأعمال منافية للحشمة مقابل المال على سبيل المثال… وفي حالةٍ أخرى، أخبرني أحد الأولاد الذين يعملون في دكان آخر أنّ زبوناً عرض عليه نوعاً من المخدّرات مجاناً كخطوة أولى ليعود ويطلب منه خدمات متنوّعة لإيفاء “دَينه”.
هذه عيّنة بسيطة جدًّا لِما يتعرّض له الأولاد خلال عملهم، إذ تُشير الخبيرة في مجال حماية الطّفل والأستاذة الجامعيّة في اختصاص العمل الاجتماعي حياة حمّود، إلى أنّ “العمالة السلبيّة للأطفال تُعرّضهم للاستغلال من خلال تكليفهم بأعمالٍ وأعباء لا تتناسب مع قدراتهم الجسديّة والنفسيّة وتترك آثاراً صحية مُدمّرة”، موضحةً في حديث لموقع mtv أنّ “هذه العمالة تكون سلبيّة عندما تحرم الأطفال من فرصة التعليم ولا يكون الهدف منها تنمية مهاراتهم وقدراتهم وتعرّضهم لكلّ أنواع الاستغلال”.
وتُضيف حمّود: “الأزمات المتلاحقة التي نعيشها أثّرت طبعاً على الواقع المعيشي، ممّا أدّى إلى ارتفاع نسبة البطالة والتسرّب المدرسي، حيث بات الأولاد يجلبون لقمة العيش إلى المنزل بدل الأهل في بعض الحالات”.
هذا ما يُسمّى بـ”أساليب التكيّف السلبيّة”، وفق حمّود، موضحةً أنّ “الأهل في هذه الحالة قد يدفعون طفلهم إلى العمل حتّى لو كان لا يتناسب مع وضعه الصحي أو النفسي، من أجل تأمين الحاجات الأوليّة”.
للأسف المخاطر كثيرة خصوصاً في غياب الوعي لدى الأهل، وفي ظلّ الوضع الهشّ، وثقافة بعض المجتمعات التي تقول إنّ الطفل يجب أن يعتمد على نفسه بغض النظر عن المخاطر التي قد يتعرّض لها. وتُتابع حمّود قائلةً: “قد يتعرّض الأطفال في أماكن العمل للاستغلال الجنسي بشكلٍ كبير، من دون أن يكون لديهم الوعي الكامل للتبليغ والتفسير، خصوصاً إذا شعروا بمخاوف من الأهل والمجتمع في حال أفصحوا عمّا يحصل معهم”.
على مَن تقع المسؤوليّة الكبرى؟ وكيف يجب مواجهة هذه الظاهرة “القديمة الجديدة” للحدّ منها؟ تُجيب حمّود: “الحامي الأول هو الدولة من خلال القوانين التي تضعها، والقانون اللبناني يلحظ هذا الأمر بالنسبة لقانون العمل، لكن للأسف لا رقابة”، مُشدّدةً على وجوب تعزيز الرقابة على تطبيق قوانين العمل”.
وتُتابع: “قانون الأحداث 422/2002 يلحظ في المادة 25 منه أنّ الطفل الموجود في بيئة تهدّد صحته وسلامته أو تُعرّضه للاستغلال يجب أن تتمّ حمايته بموجب هذا القانون، لكن هذا يحتاج إلى تبليغ أو إعلام، والتبليغ من مسؤولية القضاء والإعلام من مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعيّة والجمعيات التي تعمل في مجال حماية الطّفل”، لافتةً إلى أنّ “التدخل يجب ألا يكون فرديًّا، بل مجتمعيّ من خلال تنظيم جلسات توعية على المخاطر، وهذا يحصل على مستوى الأهل والأطفال والمجتمع عموماً من خلال حلقات التوعية عن عمالة الأطفال وسيّئاتها وتأثيراتها على نمو الأطفال”.
وتستكمل حمّود شرحها: “وزارة الداخلية لها دور كبير بالنسبة للبلديات التي عليها أن تُتابع هذا الموضوع، ووزارة الشؤون الاجتماعيّة يجب بدورها أن تُتابع الأطفال العاملين في الشوارع وتأمين التوعية لهم، بالإضافة إلى وزارة العدل”، مضيفةً: “في الوقت الحالي، هناك شلل على مستوى التدخل القضائي بالنظر لعدد الملفات والمندوبين الاجتماعيين الذين يعملون لمُتابعة هذه الحالات، وكلّ هذا يؤخّر التدخّل الفردي لحماية الأطفال المعرّضين للخطر في مجال العمل”.
أخيراً، انتبهوا لأطفالكم واحرصوا على توعيتهم، وبلِّغوا في حال مُصادفة أيّ وضعٍ مشكوك به.