في خطوة مفاجئة، حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة النيابية أمس، أن يحوّل الجلسة التشريعية الى جلسة مساءلة للحكومة تمهيداً لطرح الثقة بها، الأمر الذي تلقفه رئيس المجلس نبيه بري وحال دونه، إنما هناك أسئلة كثيرة تُطرح حول خطوة ميقاتي وأبعادها وأسبابها، بعيداً عمّا قاله الرجل بعد الجلسة، من أنه سمع كلاماً يتعلق بالحكومة وطرح الثقة بها، ما دفعه لطرح الأمر خلال الجلسة.
لم تأت خطوة ميقاتي من خارج سياق عام يجعله يشعر بـ «القرف»، إذ تشير مصادر سياسية مقرّبة منه إلى أن خطوته تعبر عن حالة إمتعاض من طريقة التعامل مع العديد من الملفات الأساسية، لا سيما تلك المتعلقة بالأوضاع المالية، وتحديداً قانون «الكابيتال كونترول»، نظراً إلى أنه في ظل الكباش القضائي – المصرفي تمّ إسقاط الاقتراح، الذي كان يسعى رئيس الحكومة لإقراره قبل وصول وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان.
بالنسبة الى المصادر، فإن النواب تعاملوا مع «الكابيتال كونترول» بشعبوية مفرطة، فانتقد بعضهم تدخل الجهات المالية الدولية، وهم من طلب تدخلها وطلب رأيها، مشيرة الى أن تأخير إقرار هذا المشروع يعني تأجيل التفاوض مع صندوق النقد، وتأجيل إقرار خطة التعافي، وتأجيل إقرار الموازنة، التي يبدو أنها لن تُبصر النور في ظل المجلس النيابي الحالي.
وترى المصادر أن العمل الإنتخابي بات يطغى على كل العمل النيابي والسياسي في البلد، الأمر الذي يجعل الحكومة في مكان والآخرين في مكان آخر، مع العلم أن النجاح يتطلب التعاون بين الحكومة والسلطة التشريعية، ويتطلب أيضاً التعاون الكامل بين المكونات الوزارية، مشيرة الى أن العمل على تحقيق أي تقدم في أي مجال داخل الحكومة، بات يصطدم برغبة القوى السياسية باستثمار كل الملفات لأجل الإنتخابات.
تمكن بري من استيعاب غضب ميقاتي، وحال دون تطور الامور داخل الجلسة الى ما لا تُحمد عقباه، وبحسب المصادر المقربة من رئيس الحكومة، فإن بري شعر بامتعاض رئيس الحكومة وتفهّمه، وهو العارف بكيفية العمل داخل المجلس في هذه الأوقات، مشددة على أن ميقاتي لن يسحب طلبه هذا، وسيحاول الدفع باتجاه عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة، للحديث في كل الملفات، ووضع القوى السياسية أمام مسؤولياتها، لأنه لن يقبل بأن تتحمل حكومته مسؤولية ما يجري.
بالمقابل، ترى مصادر نيابية أن رئيس الحكومة لا يمكن أن يكون، من وراء هذه الخطوة، يريد الوصول إلى طرح الثقة في الحكومة فعلياً، لأنه يعلم أن طرح الثقة بالحكومة في هذا الوقت قد يقود إلى إسقاطها، الأمر الذي لا يمكن أن يطمح إليه ميقاتي في الوقت الراهن، نظراً إلى أن هذا الأمر قد يقود إلى تطيير الإنتخابات النيابية، لكن الأهم هو أنها قد تكون الحكومة الأولى، لا سيما بعد إتفاق الطائف، التي تسقط في المجلس النيابي.
وفي حين تفضل المصادر النيابية عدم الذهاب بعيداً في الحديث عما إذا كانت لدى ميقاتي رغبة في تطيير الإنتخابات من بوابة المجلس النيابي، كي لا يتحمل شخصياً المسؤولية عن ذلك، نظراً إلى أنه يستطيع إسقاطها عبر تقديم إستقالته شخصياً، تشدد على أن رد بري كان لافتاً، حيث أكد أن توجه حزب الله و «حركة أمل» هو الذهاب إلى صناديق الإقتراع، وبالتالي إسقاط أي محاولة تصب في إطار تأجيل الإستحقاق، الأمر الذي كان قد أكد عليه أول من أمس.