بما أن أفق الحلول على صعيد الإستحقاق الرئاسي حتى اللحظة لاتزال مقفلة، فإن العنوان الأساسي الذي تتركز عليه الإهتمامات النيابية، هو مصير القوانين التي يتمّ درسها وإقرارها في اللجان النيابية المشتركة، وكيفية تشريعها من قبل المجلس وانعقاد جلسة عامة في زمن الشغور الرئاسي، في ضوء الإجتهادات الدستورية المتناقضة حول التشريع، في الوقت الذي تبدو فيه المهمة الأساسية للنواب إنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية للإنتقال لاحقاً إلى عناوين أخرى. وتعزو أوساط نيابية مخضرمة هذا التناقض إلى الخلافات السياسية، مشيرةً إلى أن التفسير المشترك لكلّ ما ورد في الدستور من جهة، والإصطفافات السياسية الداخلية من جهة أخرى، وصولاً إلى التوافق بين القوى السياسية الداخلية، لم يرتق بعد إلى مستوى العمل تحت سقف المصلحة الوطنية والقانون والدستور فقط.
ولذلك تكشف هذه الأوساط، أن الترقّب سيبقى سيد الموقف بالنسبة لعملية التشريع، في ضوء المعلومات المتدوالة عن احتمال تحديد موعدٍ وشيك لجلسة عامة للمجلس النيابي، من أجل إقرار القوانين المطلوبة من صندوق النقد الدولي لاستكمال المرحلة الثانية من المفاوضات مع لبنان، بعد إنجاز الإتفاق المبدئي على مستوى الموظفين منذ أشهر. وتتوقع بالتالي، أن تتعدد الإجتهادات الدستوريّة في الأيام المقبلة، وأن تخطف هذه الإجتهادات الأنظار عن العنوان الأول وهو انتخاب رئيس الجمهورية.
وإذ تستند الأوساط النيابية المخضرمة إلى تجارب سابقة في التشريع من قبل المجلس خلال مرحلة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية بسبب الظروف الضرورية، تشير إلى أن التشريع اليوم يكتسب دلالات طائفية أكثر ممّا هي قانونية أو دستورية، نظراً لاصطفاف الكتل النيابية المسيحية في جبهة المعارضة لأي تشريع، وذلك بصرف النظر عن أهميته أو ضرورته، خصوصاً وأن إقرار القوانين في المجلس النيابي، لن يؤدي إلى تطبيقها نتيجة غياب الحكومة المكتملة الصلاحيات، وليس فقط غياب الرئيس.
وعلى طريقة الجدال الذي نقلته وسائل الإعلام مباشرةً من ساحة النجمة حول مسألة النّصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة، تتوقع الأوساط النيابية أن يتنامى سجالٌ جديد بعد تعيين رئيس مجلس النواب نبيه بري موعد الجلسة التشريعية، وإن كان هذا الموعد مؤجل إلى ما بعد إنجاز اللجان النيابية المشتركة التشريعات المالية الضرورية، وهو ما تكشفه الأوساط نفسها نقلاً عن مصادر معنية، بأنه ما زال بعيداً خصوصاً وأن إقرار قانون “الكابيتال كونترول” ما زال هدفاً صعب المنال في الوقت الراهن.
لكن هذا الواقع، لا يعني إقفال الباب أمام احتمال حصول مثل هذه الجلسة، على حدّ قول الأوساط النيابية المخضرمة، والتي تكشف عن تقاطعٍ في المواقف بين عدد كبير من النواب، وبشكلٍ خاص بين نواب كتلتي “الجمهورية القوية” و”تكتل لبنان القوي”، على الوقوف ورفض أي عملية تشريع مهما كان عنوانها، ولو أن موعدها لم يُحدد بعد.
وعليه، فإن الأوساط النيابية نفسها ترفض كل الإجتهادات الدستوريّة لا سيّما في ما يتعلّق بقضيّة تشريع الضرورة، مؤكدةً أن مثل هذا التشريع لن يكون ميثاقياً في حال غابت عنه وقاطعته الكتل المسيحية، كما أنه لن يكون دستورياً، كونه لا يحمل صفة الشراكة الوطنية في القرار، والذي قد يفتح الباب أمام عملية فرزٍ خطير للمجلس النيابي.