نضال العضايلة
في اللقاء الذي جمعه بعدد من طلبة الجامعة الاردنية، استهان رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة بذكاء الاردنيين وقدرتهم على التقدير والتقييم وقراءة النصوص وما بين السطور.
الرئيس استفاض في الإستعراض النظري المفترض لما وصفه بالرؤى الحكومية التحديثية السياسية والإقتصادية والإدارية، دون ان يأتي على منجز واحد نجحت حكومته في تحقيقه على الأرض، بالإضافة الى انه حاول ذر الرماد بالعيون، ولم يركز على محور بعينه، بل تحدث بعمومية عن أشياء لم تترجمها القرارات والإجراءات الحكومية على الأرض.
بات واضحاً ان هناك تراجع في دور وصلاحيات رئيس الوزراء، وتخليه عن ملفات هامة، وتحوله الى مسؤول اداري، يقتصر دوره على تسيير الاعمال، مسؤول لا يساهم في رسم السياسات والتوجهات العامة الداخلية والخارجية، وتنازل طوعي غير مفهوم عن الولاية العامة لمنصب رئيس الوزراء كما نص عليها الدستور الاردني.
كان يجب ان يكون الرئيس اكثر تحديداً، وكان عليه ان يركز على الرسائل الهامة التي يريد ان يوصلها للشباب، والتي تتقاطع مع مشروع التحديث السياسي ورؤية الدولة الاردنية.
حديث الرئيس ينطلي على إستهانة بذكاء الشعب الاردني واستهتار بقدراتهم على التمييز وقراءة النصوص وما بين السطور، وفي كلتا الحالتين فان مضامين اللقاء كانت كارثية نظرا لما يمثله موقع رئيس الوزراء.
الجزء الأكبر من اللقاء كان الحديث عن الشأن الخاص بالرئيس نفسه واعتقد ان المزاج الشعبي العام هو الاساس في الحكم على حديث الرئيس، والشعب الاردني يدرك تماما ماذا فعلت هذه الحكومة وما الذي قدمته للناس من منجزات.
عندما يتحدث الرئيس عن القدرات والإمكانات الموجودة لدى شبابنا والتعديلات الدستوريَّة والتشريعية الأخيرة التي تؤهلهم ليكونوا في مواقع صنع القرار، سواء من حيث تخفيض سن الترشيح للانتخابات أو من خلال تحديد نسب لوجودهم في الأحزاب والمواقع القيادية فيها، فهو يجانب الحقيقة المرة التي يعيش على اطلالها الشعب الأردني ومفادها، ” اذا لم تكن ابن مسؤول، فليس لك الحق بأن تصبح يوماً ما مسؤول”.
الرئيس الذي يعتبر أن وجود الثروات والموارد الطبيعية هو مجرد ”وهم “، رغم كثرتها بشهادة خبراء على مستوى عال، لا يستحق ان يرأس حكومة الدولة الاردنية، والرئيس الذي لا هم له سوى إستعراض حياته الخاصه، كلاعب كرة قدم، وصاحب المركز الخامس في الثانوية العامة، وصاحب المركز الأول في إمتحان الملحقين الديبلوماسيين، وغيرها من الإنجازات الشخصية لا يستحق ان يكون الرجل الثالت في الدولة الأردنية.
دولة الرئيس، إنّ الهدف الأسمى والسامي من عمل الحكومة وتخطيطها هو مصلحة الوطن والمواطن، وليس الشعبويات، والتاريخ الشخصي، لأن صون الهدف ضروري والدفاع المستميت لأجله أكثر ضرورة في هذه المرحلة الدقيقة، التي يعيشها المواطن، وإلا كيف يمكن لشاب يفتقر لابسط متطلبات العيش الكريم ان ينخرط في السياسة والأحزاب، خصوصاً وأنه يعيش في بطالة وفقر ومستوى إجتماعي في الدرك الأسفل.
دولة الرئيس، الظروف الحالية يجب أن تؤخذ بالاعتبار، لنستطيع تقييم الوضع بالشكل الصحيح، فنحن لم نصل بعد إلى ما نسعى إليه من تطوير وتحديث، خصوصاً وان الأردنيين يجهلون قانون الأحزاب السياسية ويخشون المشاركة السياسية.
دولة الرئيس، في الجنوب الأردني احتياطيات ضخمة من رمال السيليكا والكاولين والبازلت، وأراضي الأردن تحوي المعادن الأرضية النادرة، مثل الذهب والنحاس، وهذا ليس وهم إنما هو حقيقة وامر واقع.
وأخيراً، فإن حديث الرئيس عن رؤية التحديث السياسي، وعن الرغبة الملكية في تعزيز البنية السياسية بالشباب في البرلمانات او في الدخول كعناصر وزارية في الحكومات، وإنشاء حكومات شبابية متزنة ووازنه وواعية وقادرة على تأسيس برامج حكومية سياسية واقتصادية واجتماعية متمكنه، حديث مستهلك اكل عليه الدهر وشرب، ونسمعه في كل لقاء او حوار او نقاش على مستوى الدولة.