لا صوت يعلو في مصر فوق صوت القرارات الاقتصادية، وأسعار السلع، وعدم استقرار سعر الدولار، الذي يواصل ارتفاعه لليوم الثاني على التوالي بعد قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة بنسبة 1% الذي صدر بعد اجتماع استثنائي للجنة السياسات النقدية بالبنك صباح، الاثنين.
رضوى السويفي رئيس قطاع البحوث بشركة الأهلي فاروس قالت لموقع “الحرة” إنه: ” لم يكن هناك حل غير رفع سعر الفائدة و تحريك سعر الصرف فالأوضاع تشير إلى نقاط ضغط منذ جائحة كورونا، لكن الأمر تفاقم مؤخرا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ومن قبل ذلك تزايدت الضغوط مع رفع سعر الفائدة في الدول المتقدمة”.
وأشارت إلى أن “التحديات القائمة بالسوق المصري لها علاقة بالمشهد العالمي، وتأثيرها امتد لكل الأسواق الناشئة ومن بينها مصر بالطبع، فاضطر البنك المركزي لاتخاذ تلك القرارات للتعامل مع الموقف”.
وحول سعر الدولار، وإلى أي مدى يمكن أن يصل، قالت: ” سعر الدولار متروك للعرض والطلب وهو أمر طبيعي مع التطورات الأخيرة، لكن المتوقع أن يستقر عند سعر 17 إلى 17.5 جنيه مع الوقت واستقرار الأوضاع، لافتة إلى أن رفع سعر الفائدة يهدف إلى سحب السيولة من السوق ويحافظ على أسعار الفائدة الحقيقية في منطقة إيجابية، بالإضافة للتشجيع على الإدخار بالجنيه المصري، وكذلك تعويض المدخرين.
وشرحت السويفي ما حدث خلال الفترة الماضية قائلة إن أسعار السلع العالمية ارتفعت من منتصف 2021، لكن المصنعين المصريين عملوا على تخزين سلع ومنتجات منذ نهايات 2020، وبالتالي لم يتأثر السوق المصري بزيادة الأسعار بشكل كبير منذ العام الماضي لوجود مخزون بالأسعار القديمة، قبل زيادة الأسعار عالميا.
ولكن مع الربع الرابع من العام الماضي كان مخزون تلك السلع ينفد، ولم تنخفض الأسعار العالمية وبالتالي لم يكن هناك حل غير اعتماد الزيادات السعرية من أكتوبر الماضي.
وأضافت أن نسبة التضخم مدفوعة بشكل أكبر بأسعار السلع العالمية أكثر من سعر الصرف لأن سعر الصرف زاد بنسبة 16% تقريبا، لكن الارتفاع في أسعار السلع العالميه يقترب من 100%.
وعن قراءتها للتضخم قالت إنه سيصل لأعلى نقطة في صيف 2022 بنسبة 12-13% على أساس سنوي ومن المتوقع أن ينخفض إلى نحو 10% بعد ذلك. “ردود أفعال إيجابية”
محافظ البنك المركزي، طارق عامر، وصف القرارات النقدية الجديدة بأنها جيدة جدا وكان لها ردود أفعال دولية إيجابية، على حد تعبيره.
وقال في مؤتمر صحفي إن هذه القرارات كان لها هدفان رئيسيان: هما الحفاظ على المقدرات المالية لمصر، وكذا الحفاظ على سيولة النقد الأجنبي، من أجل تأمين احتياجات المجتمع المصري، في ظل هذه الظروف الدولية الصعبة.
وأشار عامر إلى أن الأهمية الأولى للبنك المركزي تتمثل في توفير السيولة، ومن منطلق السياسة النقدية، كان لابد أن تتسق مع المتطلبات الدولية، لدى الأسواق الدولية وشركائنا الدوليين، الذين نحتاجهم في تمويل جزء كبير من احتياجاتنا.
ولفت إلى أن الحركة في أسعار الصرف كانت عملية تصحيح، فسعر الصرف في مصر محرر، وبالتالي يعكس الأوضاع النقدية والاقتصادية في العالم، وفي مصر.
أمنية حلمي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة قالت لموقع “الحرة” إن: “الظروف المحيطة عالميا ساهمت في اتخاذ القرارات الاقتصادية الأخيرة، لكن الأزمة تتمثل في سرعة انعكاسات تلك القرارات على الأسعار لأن السوق المحلي في مصر يرفع الأسعار بمجرد وجود مخاوف من تحرك الأسعار”.
وأضافت أن ” تحرك سعر الدولار كان متوقعا، لأن المخاوف كانت كبيرة وارتفاع سعر الدولار خلال الساعات الماضية كان مبالغا فيه وتوقعت أن يستقر بعد فترة عند مستوى 17.5 جنيه.
وعن الارتفاع الكبير في الأسعار قالت إن ” مصر تستورد سلع كثيرة سواء كانت سلع نهائية أو وسيطة أو غذائية وبالتالي أي تضخم في الاقتصاد العالمي خاصة عند الشركاء التجاريين لمصر يرفع السعر في السوق المحلي وهو الأمر الذي يحتاج إلى رقابة على الأسواق.
وأوضحت أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر على تكلفة خدمة الدين العام مما يزيد الضغط على الموازنة العامة للدولة، خاصة مع أول استحقاقات لخدمات تكلفة الديون.
وترى حلمي أن القرارات النقدية الأخيرة جيدة في مجملها، لكنها مؤقتة، والأهم كيفية التعامل مع الأزمة في المدى المتوسط بضبط العلاقة بين مستويات العرض والطلب، وتحقيق تنمية اقتصادية. حزمة إجراءات
الحكومة المصرية أعلنت عن حزمة إجراءات قالت إنها اتخذت لمواجهة تداعيات الأحداث الاقتصادية من بينها تخصيص 130 مليار جنيه للتعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية وتخفيف آثارها على المواطنين، وللحماية الاجتماعية، وتحسين الأجور مع مرتبات أبريل المقبل، وتدبير 2.7 مليار جنيه لضم 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من تكافل وكرامة الذي تموله الحكومة للأسر الفقيرة.
كما أعلنت عن تخصيص 190.5 مليار جنيه للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لصرف زيادة المعاشات بنسبة 13٪ بحد أدنى 120 جنيهًا بدءًا من أول أبريل وزيادة حد الإعفاء الضريبى بنسبة 25%من 24 إلى 30 ألف جنيه.. للتخفيف عن المواطنين، وزيادة العلاوة الدورية للمخاطبين بالخدمة المدنية لتكون بنسبة 8% من الأجر الوظيفى بحد أدنى 100 جنيه شهريًا اعتبارًا من الشهر المقبل ومنح غير المخاطبين بالخدمة المدنية علاوة خاصة ١٥٪ من الأجر الأساسى بحد أدنى 100 جنيه شهريًا اعتبارًا من الشهر المقبل.
فضلا عن زيادة الحافز الإضافى الشهرى للمخاطبين وغير المخاطبين بالخدمة المدنية بفئات مالية مقطوعة اعتبارًا من الشهر المقبل.
وتضمنت حزمة الإجراءات الحكومية تحديد الدولار الجمركى بقيمة 16 جنيهًا للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج بنهاية الشهر المقبل ، وتحميل الخزانة العامة للدولة قيمة الضريبة العقارية المستحقة عن قطاعات الصناعة لمدة 3 سنوات بقيمة 3.75 مليار جنيه.
وقالت أمنية حلمي إن “تلك الإجراءات جيدة في مجملها لأن الحكومة تحاول مساندة المواطنين، لكن في النهاية نصيب الفرد من تلك الزيادات لا يواكب الآثار المترتبة على تحريك الأسعار” موضحة أن هناك عبئا ماليا كبيرا على الدولة.