ما خطورة البيان السعودي – الفرنسي؟ وهل قادر لبنان على تنفيذه؟!

French President Emmanuel Macron (R) is received by Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman (L) in Saudi Arabia's Red Sea coastal city of Jeddah on December 4, 2021. (Photo by AFP)

Share to:

Vdlnews

لم يحصل لبنان من لقاء الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، سوى الاتصال الذي اجراه الاخير برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولم تكن استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، لتعيد العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية، التي قطعتها السعودية مع لبنان، الذي جرى تكبيله ببيان مشترك سعودي ـ فرنسي، على لبنان ان ينفذ بنوده، حتى تبدأ العلاقة من جديد.


 
ففي مقابل استقالة قرداحي، كان اتصال ولي العهد السعودي برئيس الحكومة، ونقطة على السطر، اما عودة العلاقات فمسار طويل، وفق مرجع ديبلوماسي مطلع على اسباب الازمة السعودية ـ اللبنانية، التي سبقت موقف الوزير المستقيل قرداحي لسنوات، وهو الاسلوب نفسه الذي استخدم مع سعد الحريري للاستقالة من رئاسة الحكومة في 4 تشرين الثاني 2017، ونفذ ما طُلب منه في الرياض، التي اخرجه منها الرئيس ماكرون نفسه، واعطي الحريري فترة سماح، لاعادة التوازن الداخلي في لبنان، ومنع «حزب الله» من السيطرة على لبنان، لكنه حاول ولم يتمكن، ولما فشل هو وحلفاء له كانوا معه في 14 آذار، فان المملكة قررت الابتعاد عن لبنان، طالما انه يغرق في بحر «حزب الله»، فلماذا تقدم المساعدة له، وتقيم علاقات معه، يستفيد منها الحزب وعبره ايران التي تعتبر بيروت احدى العواصم الاربع التي باتت تحت نفوذها.

لذلك كل ما فعله الرئيس ماكرون، بان حمل معه استقالة قرداحي، التي جاءت بناء لطلبه من الرئىس ميقاتي، الذي تمنى على وزير الاعلام السابق، ان يرى مصلحة اللبنانيين في الخليج فاستجاب، كما قال قرداحي، واعلن استقالته، لكنه لم يقابلها موقف سعودي فوري، باعادة العلاقات مع لبنان، الذي عليه ان ينفذ شروطاً وردت في البيان الفرنسي ـ السعودي المشترك، حيث يرى المرجع الديبلوماسي، بان ما جاء في البيان يعقد الامور اكثر، ويكشف بان المسألة ليست استقالة قرداحي، بل ابعد من ذلك بكثير تتعلق بدور «حزب الله» في لبنان، وتوسع نشاطه الى خارجه، بدءا من سوريا وصولا الى اليمن، الذي يعني السعودية، لانها على حدودها، و»لحزب الله» دور عسكري استشاري وتقني فاعل، فاذا لم يخرج من هذه الدولةـ ويوقف دعمه «لانصار الله» فان من الصعوبة العودة المبكرة للعلاقات، المشروطة بتطبيق البيان المشترك الفرنسي – السعودي، والذي اخطر ما فيه تطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701 وكلها مرتبطة بسلاح «حزب الله» الذي ليس بالسهولة ان يتخلى عنه، وسبق للقرار 1559 عندما صدر في 2 ايلول 2004، ان ادى الى انقسام بين اللبنانيين، ودخول في حرب اهلية باردة، اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 والذي ربط مقتله بالقرار 1559، وفق التحقيقات الدولية، والذي طالب بانسحاب الجيش السوري، ونزع سلاح الميليشيات (حزب الله).

فليس من السهولة العودة الفورية للعلاقات بين السعودية ولبنان، لان امامها ممر على الحكومة في لبنان ان تسلكه، وهو تطبيق بنود البيان، وقد بدأ الرئيس ميقاتي المباشرة بالتنفيد من بند وقف تهريب المخدرات الى المملكة، حيث عقد اجتماعا امنيا واقتصاديا للبحث في الاجراءات، التي تمنع تهريب المخدرات الى المملكة، لكن هذا البند على اهميته، يبقى قليلا امام سلاح «حزب الله» وسيطرته على لبنان، فهل سيطرحه الرئيس ميقاتي على جدول اعمال الحكومة، اذا ما عادت الى عقد جلساتها، ام يحيله الى طاولة حوار، كما فعل الرئيس نبيه بي في مطلع اذار 2006، واستكمله الرئيس ميشال سليمان فيما سمي «الاستراتيجية الدفاعية».

فعودة العلاقات الى طبيعتها مع السعودية، مطلب لبناني ولا خلاف عليه، لا سيما وان لها مساهمات في ولادة اتفاق الطائف ووقف الحرب الاهلية، الى فتح ابواب العمل والاستثمار للبنانيين فيها، لكن سلاح «حزب الله» معقد، وحله مرتبط بالصراع مع العدو الاسرائيلي، الذي تراجعت دول عربية عنه، لصالح اقامة معاهدات سلام وصلح وتطبيع معه، فبقي محور المقاومة، الذي يبدا من ايران الى العراق فسوريا ولبنان وصولا الى غزة، والحزب لا يخفي انخراطه فيه، ويقاتل في صفوفه، ولا يمكن للبنان في ظل تركيبه السياسي وتعدده الطائفي، ان يقدم حلا لسلاح يعتبره فريق لبناني بانه مقاوم، وله حاضنة شعبية لا سيما في البيئة الشيعية، الى فريق ينظر اليه على انه اداة احتلال لايران وذراعها العسكري، حيث لا يمكن لهذه العقدة ان تحلها حكومة ميقاتي يقول المرجع الذي يشير الى ان اي تقدم يحصل في الحوار السعودي – الايراني، الذي بدأ قبل اشهر، قد يلاقي حلاً ما، وان الرئيس الفرنسي بحكم علاقته الجيدة مع ايران، وحواره مع « حزب الله» قد يساهم في صيغة ترضي السعودية التي يهمها الحرب في اليمن، ودورها في لبنان. 

Exit mobile version