يتسابق القضاء اللبناني مع الوقت لاسترداد صاحب سفينة RHOSUS، IGOR GRECHUCHKIN من بلغاريا واستجوابه في بيروت. جميع السيناريوهات مُتوقعة. لذلك، يسعى القضاء إلى إزالة كل العراقيل التي قد تُواجهه في حال رفضت بلغاريا تسليم مالك السفينة، وعلى رأسها رفع قرار منع السفر عن القاضي طارق البيطار.
ملف الاستردادأ
يامٌ قليلة تفصل النيابة العامة التمييزية عن تحويل ملف استرداد مالك السفينة إلى السلطات البلغارية لدراسته. خلال يوم واحد قدم البيطار قدّم كل المستندات والوثائق المطلوبة للملف. وثائق تُثبت أهمية استجوابه خصوصًا مع اقتراب موعد صدور القرار الاتهاميّ. تشير معلومات “المدن” إلى أن بلغاريا أعطت مهلة 40 يومًا للبنان ليتمكن من تحويل ملف الاسترداد. وبداية هذا الأسبوع، سيُحال الملف عبر القنوات الدبلوماسيّة. وستقرر بلغاريا إما تسليمه إلى لبنان موقوفًا، أو إطلاق سراحه بعد مرور مدة الـ40 يومًا من تاريخ توقيفه، أو تسليمه لروسيا لكونه يحمل الجنسيتين القبرصية والروسية. مصادر قضائيّة أوضحت لـ”المدن” أنها ستطلب من بلغاريا إن رفضت تسليمه، إتاحة المجال للبيطار للسفر واستجواب غريشوشكن على أراضيها. لذلك، هناك مساعٍ عديدة تُبذل من أجل رفع منع السفر الذي وضعه المدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات على البيطار عام 2023.
دعوى اغتصاب السلطة
ثمة الكثير من الأمور التي تعيق تحركات البيطار. وأهمها دعوى اغتصاب السلطة المرفوعة ضده من عويدات. وحسب معلومات “المدن” فإن الهيئة الاتهاميّة التي تنظر في الاستئناف المقدم من عويدات ستجتمع خلال أسبوعين للبت بما إذا كان الادعاء صحيحًا أم لا. علمًا أن الهيئة الاتهاميّة لا تقع من ضمن صلاحياتها رفع منع السفر عن البيطار. إنما الجهة المسؤولة هي القاضي حبيب رزق الله، لكونه قاضي التحقيق في هذا الملف، أو النائب العام التمييزي جمال الحجار الذي له الحق في التراجع عن قرار عويدات بمنع سفر البيطار، تمامًا كما تراجع عن قرار سابق له الذي يقضي بمنع النيابة العامة التمييزية من التواصل أو تسلّم أي مستند أو ملف من البيطار.عمليًا، من واجب القضاء تسريع عملية البت بهذه القضية حرصًا على ملف المرفأ، إذ كيف يمكن اتهام قاضٍ مُعيّن من قبل مجلس القضاء الأعلى بناءً على اقتراح وزير العدل للتحقيق في قضية تفجير المرفأ بأنه اغتصب السلطة؟ ويمضي أكثر من عامين من دون البت بهذه الدعوى؟
“فرصة ذهبية”
بعد انفجار المرفأ، كُلّفت شعبة المعلومات بالتحقيق مع مالك السفينة. قبل أن تغادر بيروت متوجهةً إلى قُبرص. سجّلت إفادته وقدمت للمحقق العدلي في القضية فادي صوان آنذاك. إفادته ساهمت بتسطير مذكرة توقيف غيابية بحقه بتاريخ 29 كانون الأول 2020، وعُممت بعدها عبر الإنتربول الدولي بموجب نشرة حمراء.ترجح مصادر قضائية لـ”المدن”أن توقيف غريشوشكن جاء بعد مرور خمس سنوات على مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، وعن طريق الصدفة، بسبب خطأ في تنظيم رحلته، إذ من المتوقع أنه سافر عدة مرات خلال السنوات الماضية ولم يتم توقيفه. لكنها تؤكد أنها فرصة “ذهبية” أمام القضاء اللبناني للكشف عن معطيات جوهرية تفيد تحقيقات البيطار، خصوصًا لمعرفة الجهة الحقيقية التي كانت ستتسلم شحنة نيترات الأمونيوم، وإن كانت فعلًا متوجهة من جورجيا إلى موزمبيق كما جاء في الوثائق الرسميّة، أم أن بيروت هي وجهتها الحقيقية منذ البداية؟ أي أن هذا اللغز قد يُعرف بعد استجواب غريشوشكن.
حلّ لغز المرفأ؟
لذلك، من المتوقع أن يكون مالك السفينة على علمٍ بكل هذه التفاصيل. وتحديدًا الجهة التي اشترت الشحنة لصالح شركة “سيفارو ليمتد”، ولمعرفة علاقته برجلي الأعمال السوريين مدلل وشقيقه عماد الخوري (يحملان الجنسية الروسية)، والمدرجين على لائحة العقوبات الأوروبية اللذين دعما النظام السابق لبشار الأسد المخلوع و”مثّلا مصالحه التجارية والمالية في روسيا، وساهما في تمويل الجرائم الجسيمة ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية”. والتي تحوم شبهات حولهما ويعتقد أنهما سددا ثمن شحنة نيترات الأمونيوم.
وسبق وأن طلب القضاء اللبناني التعاون مع روسيا لاستجواب هذه الشخصيات، لكنها رفضت. وهنا تشير معلومات “المدن” إلى أنه من المتوقع أن ترفض بلغاريا تسليم لبنان مالك السفينة، وذلك بعد ورود معلومات تفيد أن روسيا ستطالب بتسليمها إياه لكونه يحمل الجنسية الروسية. وأوضحت المصادر أن بلغاريا أوقفته في الخامس من أيلول العام 2025 في المطار، على أن تنتظر 40 يومًا من تاريخ التوقيف قبل إطلاق سراحه أو تسليمه إلى لبنان. علمًا أنه في ظل غياب أي اتفاق قضائي لتبادل المطلوبين بين بلغاريا ولبنان، من الممكن أن ترفض بلغاريا الاستجابة لمطلب لبنان وتطلق سراحه في الخامس عشر من تشرين الأول المقبل أو أن تستجيب لمطلب روسيا. ولا تنفي المصادر القضائية أهمية هذا التطور في ملف المرفأ. وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على التحقيقات، فإفادته ستكشف كل الألغاز التي لم تُعرف بعد، كما أنها ستسهم في تعزيز القرار الاتهامي الذي يجهزه البيطار.
فرح منصور – المدن