محمد بلوط- الديار
ارتفعت مؤخرا وتيرة التصعيد الاسرائيلي ضد لبنان، اكان من خلال الاعتداءات اليومية على الجنوب واحيانا على البقاع، ام من خلال التهديدات التي يطلقها قادة العدو السياسيين والعسكريين، متذرعين هذه المرة بتقارير ملفقة عن تزايد نشاط حزب الله، واعادة بناء ترسانته العسكرية .
وبموازاة التصعيد والتهديدات الاسرائيلية، تمارس الادارة الاميركية مزيدا من الضغوط على الدولة اللبنانية، ويتولى الموفد الاميركي توك باراك مؤخرا حملة تهويل ضخمة على لبنان، متجاوزا كل الحدود، في محاولة مكشوفة لتبرير العدوان الاسرائيلي المستمر، وتحميل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية ما يحصل .
وفي زيارتها مؤخرا، ركزت الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس على اثارة الادعاءات الاسرائيلية حول تسلح حزب الله مع الرؤساء الثلاثة، متجاهلة الاعتداءات على لبنان .
وقد كشف الرئيس نبيه بري في حديث له امس، عن انها ركزت هذا الموضوع الى جانب تناول موضوع المفاوضات. واكد ان الادعاءات الاسرائيلية باستمرار تدفق الاسلحة لحزب الله من سوريا هي محض كذب، وان اميركا التي تسيطر على الاجواء باقمارها الصناعية وغيرها تعرف ذلك .
وعلى ضوء التطورات الجارية، تطرح اسئلة عديدة حول خلفيات واهداف التصعيد الاسرائيلي والضغوط الاميركية على لبنان . وتلفت مصادر مطلعة الى وسائل الاعلام الاميركية سارعت الى تبني هذه الادعاءات الاسرائيلية، واخذت تروج لها وترفقها بحملة تهديد وتهويل على لبنان.
وارفقت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا لها في هذا الخصوص بتهديدات إسرائيلية مباشرة للبنان، وقالت “ان اسرائيل بدأت تفقد صبرها مع استمرار حزب الله في اعادة تزويد نفسه بالصواريخ وصواريخ مضادة للدروع والمدفعية”.
وبث موقع JDR الاسرائيلي في الوقت نفسه نسخة مماثلة لهذا التقرير، مشيرا الى “أن دوائر استخبارات اسرائيلية واقليمية اطلعت الادارة الاميركية على تقارير، تؤكد مواصلة حزب الله اعادة بناء ترسانته العسكرية. واذا استمرت بيروت في التردد، قد تتصرف اسرائيل من جانب واحد”.
ويقول مصدر سياسي مطلع ان هذا التصعيد الاسرائيلي المدعوم بالضغوط الاميركية على لبنان، يندرج في اطار السيناريو الذي اتبعته “اسرائيل ” منذ اللحظة الاولى لاعلان وقف اطلاق النار، في ظل الانحياز الاميركي الكامل لما قامت وتقوم به .
ويضيف المصدر ان ما نشهده اليوم، يندرج في اطار زيادة الضغط على الدولة اللبنانية للانصياع للاملاءات الاميركية – “الاسرائيلية”، متوقعا مزيدا من التصعيد الاسرائيلي الميداني وتزايد وتيرة الاعتداءات، ومستبعدا في الوقت نفسه القيام بحرب واسعة على لبنان، على الاقل في الشهرين المقبلين.
ويلاحظ المصدر ان هذه الموجة الجديدة من التصعيد الاسرائيلي والضغوط الاميركية، تأتي بعد طلب الادارة الاميركية من لبنان مؤخرا الموافقة على التفاوض مع “اسرائيل”. وبرأيه انه رغم موافقة لبنان على التفاوض عبر لجنة الميكانيزم، وتطعيمها باختصاصيين مدنيين وعسكريين، تسعى الادارة الاميركية الى ابتزاز الجانب اللبناني، لجره الى مفاوضات مباشرة على المستوى السياسي، على غرار ما يحصل بين “اسرائيل” وسوريا، بهدف فرض اتفاق امني وسياسي على لبنان، يشكل منعطفا نحو التطبيع، بعد تنضيج الظروف لتعميم سياسة التطبيع مع العدو في المنطقة باسرها .
ويقول المصدر ان هذا الاتفاق الذي تسعى اليه “اسرائيل” وتدعم واشنطن تحقيقه، يندرج في اطاره ترتيبات امنية، منها انشاء منطقة حدودية في لبنان منزوعة السلاح، وانتشار قوات محدودة فيها من الجيش اللبناني وقوى الامن، يقتصر تسليحها على الاسلحة الخفيفة وآليات نقل خفيفة . ويلفت ايضا الى ان الادارة الاميركية بطلبها من لبنان الانخراط في المفاوضات لم تقدم اي شكل من اشكال الضمانات، ولم تلتزم بوقف الاعتداءات الاسرائيلية خلال عملية التفاوض، بل ركزت على انهاء الجيش اللبناني خطة نزع سلاح حزب الله بشكل كامل، كما عبرت اورتاغوس مؤخرا .
وفي الخلاصة يعتقد المصدر ان التصعيد الاسرائيلي والضغوط الاميركية يهدفان الى اخذ لبنان الى المفاوضات من دون اية ضمانات، ومجرّدا من كل الاوراق التي تعزز موقفه وموقعه في هذه العملية .


