“الأنباء” الإلكترونية
طغت الأزمات المعيشية والاقتصادية والرئاسية التي يتخبط بها لبنان على ما عداها، فحلّ عيد العمال يتيماً على اللبنانيين الذين يأملون أن تحمل لهم السنة العمالية المقبلة الأمل بانهاء تلك الأزمات، وأوّلها انتخاب رئيس جمهورية يكون قادر على وقف الانهيار وانتشال لبنان من أزماته.
لكن التمنيات شيء وما يجري على أرض الواقع شيء اخر، فلا اتصالات ولا مبادرات قد تساعد على انجاز هذا الاستحقاق في ظل التعنت بالمواقف من قبل العديد من القوى السياسية، وعدم الاصغاء لصوت العقل والذهاب الى اختيار رئيس توافقي يعيد ثقة العالم بهذا البلد ويريح اللبنانيين من عذاباتهم.
في هذا السياق، أشار عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب راجي السعد في حديث الى جريدة الانباء الالكترونية الى استمرار المواقف على حالها، ولم يلحظ أية تطورات ايجابية تساعد على كسر الجمود القائم بانتظار نتائج زيارة وزير الخارجية الايراني حسين عبد اللهيان التي لم يرشح عنها شيء بعد، كما الاتصالات التي سيجريها السفير السعودي وليد البخاري.
وتساءل السعد اذا ما كانت الأمور ذاهبة الى توافق على اسم الرئيس أم ما زالت الأمور تصطدم بالشروط والشروط المضادة.
بدوره، أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في اتصال مع الأنباء الالكترونية أن لا شيء تغيّر لا قبل زيارة اللهيان ولا بعدها، ونحن كتكتل ما زلنا على ثوابتنا، فلا تهمنا أسماء المرشحين بقدر ما تهمنا الرؤية للشخص الذي قد يقع الخيار عليه وضرورة أن يعرف جوهر المشكلة في لبنان ويعمل على حلّها وأن يضع نصب عينيه خلاص لبنان من أزماته، نافياً علمه بامكانية تخلّي الثنائي الشيعي عن دعمه لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وعن امكانية تحالف القوات مع التيار الوطني الحر رئاسياً، قال متى: “لو سلّمنا جدلاً أن هذا الموضوع قابل للتنفيذ، وبعد ذلك قرّر الثنائي الشيعي التخلّي عن فرنجية والتنسيق مع باسيل، فهل يبقي باسيل على تحالفه معنا أم سينحاز الى حليفيه أمل وحزب الله؟”، مستطرداً “حتماً سيتركنا ويذهب الى حارة حريك لأنه يرى مكتسباته ليست معنا بل مع حزب الله وفريق الممانعة، جازماً ان باسيل لن يكون مع لبنان الا اذا حل عليه الروح القدس.
وقال متى: “تعالوا نفكر برجل قادر على انتشال لبنان من جهنم الذي أوقعه بها العهد البائد عندها يكون قد بدأ يفكر بواقعية بعد ست سنوات ونصف السنة من التعطيل والانهيار”، مشدداً على عدم القبول الا برئيس فعلي لا رئيس بلا لون ولا رائحة ورفض تمديد الأزمة ست سنوات جديدة، مضيفاً “سنبقى نعطّل النصاب حتى يقتنع الفريق الاخر باان مصلحة لبنان اللبنانيين تتقدم على مصالحه الخاصة”.
في الشأن الاقتصادي، ومع رفع الدولار الجمركي مجدداً ليصبح وفق سعر منصة “صيرفة”، أشار الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل الى أنها ليست المرة الاولى التي يرتفع فيها الدولار الجمركي فمع بداية الأزمة تم رفعه الى 15 الف ليرة، وبعد ذلك الى 45 ألفاً الى ان وصلنا الى 60 ألفاً، وابتداء من الجاري أصبح بموازاة منصة صيرفة.
غبريل وفي حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية، وصف هذه الطريقة باعتماد الضرائب وزيادة التعرفة الجمركية بالعشوائية وهذا أمر مضرّ بالاقتصاد اللبناني، معتبراً أن الهدف من زيادة تعرفة الجمارك لتغطية النفقات العامة للحكومة وتغطية الزيادات التي أقرت للعمال وموظفي القطاع العام، فهذه الزيادات اذا لم تترافق مع خطة نهوض اقتصادي شاملة او خطة ضريبية شاملة سوف تشجع على التهرّب الجمركي بدل أن تزيد واردات الخزينة، وعلى الدولة أن يكون لديها مصادر تمويل أخرى مثل مكافحة التهرّب الجمركي وتفعيل الجباية وضبط الحدود المتفلتة ومنع التهريب وفرض ضريبة على الذين عمدوا الى تهريب المواد المدعومة التي كلفت الخزينة 12 مليار دولار.
وتابع غبريل: “هذه القرارات يجب أن تواكبها اعادة هيكلة القطاع العام”، مشيراً الى أنه مع تعزيز القدرة الشرائية لكل مواطن ولكن في المقابل هناك الاف الوظائف الوهمية وعشرات الالاف من فائض الموظفين، فاذا تمت معالجتها سنشهد توفيراً كبيراً على الخزينة ويزيد من الانتاجية، محذراً من الاقدام على اتخاذ قرارات بشكل اعتباطي لانها ستزيد من تضخم الاسعار دون أن تفيد المواطن بشيء وسيضطر مصرف لبنان لطبع العملة من جديد بينما الأسعار فقد ارتفعت بنسبة 15% وسبب ذلك عدم الالتزام بالتسعيرات التي تصدرها الحكومة فاذا ارادوا الزيادة على القدرة الشرائية هناك أدوات يجب استخدامها، مشدداً على ضرورة لجم التضخم لأن المصرف المركزي لم يعد قادراً على ممارسة تدخله كما كان في الماضي بسبب شح الودائع على القطاع المصرفي وان لجم النفقات يتم من خلال الموازنة العامة علماً أن موازنة 2022 أقرت في أيلول وموازنة 2023 ما زالت مجهولة المصير وقد تخطى اقرارها المهلة الدستورية وهاتان الوسيلتان غير متاحتان في الوقت الراهن.
اذاً لا استقرار سياسي ولا اقتصادي، وبالتالي لا أحد بامكانه توقع ما تخبئه الأيام المقبلة اذا لم تسلك الأزمة السياسية بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية الطريق الى الحل، والأمر سينعكس حكماً على معيشة اللبنانيين وطبعاً الدولار.