نضال العضايلة
أمس اليوم الأول من تشرين الثاني، حيث استيقظ اللبنانيون على سيناريو طالما تعودوا عليه: “دولة بدون رئيس”، إذ إنتهت ولاية ميشال عون التي بلغت ست سنوات، دون أن ينتخب البرلمان اللبناني خلفاً له. فراغ الرئاسي يشل الحكم، وترك مقاليد السلطة في يد الحكومة المؤقتة الضعيفة، وزاد من إعاقة الإصلاحات الاقتصادية التي اشترط صندوق النقد الدولي تنفيذها لتقديم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها.
هذا الفراغ سيؤدي لطول أمد الخلاف حول الرئاسة وإلى تفاقم المشاكل المتراكمة في وقت يحتاج فيه لبنان بشدة إلى طي صفحة ثلاث سنوات من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تخلق خطر عدم الاستقرار العنيف.يتعين على الساسة في لبنان أن يبذلوا قصارى جهدهم لتجنب هذه النتيجة من خلال التوصل إلى حل وسط عملي بشأن رئيس جديد، وفي الوقت نفسه الاتفاق على بروتوكولات تسمح للحكومة المؤقتة بالمضي قدماً في إجراء الإصلاحات الاقتصادية.وبما أن الاستقطاب بات مسيطراً على الحياة السياسية اللبنانية بشكل متزايد، فلا يزال السياسيون منقسمين انقساماً حاداً بشأن دور حزب الله، وهو الحزب الشيعي الذي تحول إلى ميليشيا، حيث يشعر منافسو الحزب بالقلق من أن الحزب يمارس نفوذاً أكبر مما ينبغي، ويتهمون الرئيس عون المنتهية ولايته بأنه زاد من تعزيز قبضة حزب الله على مؤسسات الدولة، وهم مصممون على وقف أي مرشح رئاسي قد يفعل الشيء نفسه.في المقابل، فإن المعسكر المؤيد لحزب الله لن يقبل مرشحاً يعارض انحياز الحزب إلى إيران وموقفه من “المقاومة” ضد إسرائيل وحلفائها.هذا الأمر يؤكد أن “السياديون“، وهم أكثر معارضي حزب الله تشدداً، لن يقدروا على أن يحشدوا الأغلبية لانتخاب مرشحهم المفضل، لكنهم قد يتمكنون من عرقلة أي خيار يدعمه حزب الله من خلال حشد ما يكفي من النواب لإحباط متطلبات النصاب البرلماني.
تحالف حزب الله أكبر وأكثر تماسكاً على ما يبدو من فصائل المعارضة، ولكن الانقسامات الداخلية قد تمنعه من فرض مرشح من اختياره، وفي الوقت نفسه، تراقب القوى الخارجية ما يحدث في لبنان دون اكتراث، وفي حين يراهن البعض في لبنان على أن الحد من التوترات الإقليمية قد يسهل على الأطراف جسر الانقسام الداخلي، لا يزال من غير الواضح كيف يمكن أن يحدث ذلك.
ينبغي على القادة السياسيين في لبنان أن يستكشفوا الخطوات اللازمة للحد من الأضرار، بما في ذلك وضع ترتيب جديد يتيح للحكومة المؤقتة مزيدا من الحرية للاتفاق على الإصلاحات الاقتصادية اللازمة في غياب توافق الآراء.
ولكن لا ينبغي لأحد أن يتصور أن مثل هذه الصفقة ستشكل بديلاً مستقراً للتنازلات المطلوبة للتوافق على رئيس جديد، وبدء التعافي الاقتصادي، ومساعدة البلاد على الخروج من أزمتها التي طال أمدها وينبغي أن تحل كل هذه الأولويات محل الحيل والدسائس السياسية بين نخب لبنان.
والأهم هو انه يتعين على النخب السياسية في البلاد أن تعمل على إيجاد رئيس توافقي عاجلاً لا آجلاً، في حين يتعين على الجهات الفاعلة الخارجية أن تثني شاغل المنصب عن تجاوز مدة ولايته.