لبنان بالمباشر – نضال العضايلة
من منطلق التعرف إلى مواقع القوة والضعف النسائي في مجال المشاركة السياسية في مراكز صنع القرار الأردني، بما يضمن رفع مكانة المرأة وتمكينها في المجال السياسي.
“لبنان بالمباشر” يرصد خطوط التطور في الوجود النسائي في الحياة السياسية الأردنية، للتعرف إلى نسب التغيير لواقع المرأة السياسي في المؤسسات الحكومية والمؤسسات المدنية.
يتطلب التوجه الديمقراطي في الأردن مشاركة فاعلة للمرأة وتمكينها سياسياً؛ لذلك كان لا بد من القيام بقراءة تسلط الضوء على واقع المرأة السياسي للتعرف إلى نقاط القوة ونقاط الضعف لديها، وقياس مدى مشاركتها في رسم السياسات الحكومية وغير الحكومية وإشغال المراكز القيادية، وتحديد العوامل والمعوقات التي تواجه مدى فاعلية دور المرأة ومشاركتها سياسياً وتأثيرها فيها.
نحاول في هذا السياق الإجابة عن التساؤلات التالية: ما هو واقع المرأة في السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية؟، ما هو واقع المرأة في الأحزاب السياسية والمجالس البلدية؟، ما أبرز المعوقات التي تقف وراء وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار؟، ما أبرز التوجهات والسياسات الحكومية لتعزيز مكانة المرأة ودورها السياسي؟.
ظلت المرأة الأردنية خارج دائرة المشاركة السياسية على مدى عهد إمارة شرق الأردن (1921-1945)، حيث كانت المشاركة السياسية حكراً على الرجال، إلا أن مشاركة المرأة في العمل العام تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث نشأت تنظيمات نسوية رفعت مطالبها بالمشاركة والمساواة وتكافؤ الفرص
ومع ظهور دستور عام 1952، تأسس في العام 1954 اول اتحاد نسائي أردني بقيادة السيدة إملي بشارات تحت اسم «اتحاد المرأة العربية» الذي رفع شعار «حقوق وواجبات متساوية، أمة عربية واحدة»، ما يظهر دوره في توعية المرأة سياسياً، ومنحها حقها الكامل في المشاركة السياسية، ولكن هذا الاتحاد توقف بعد فرض الأحكام العرفية في نيسان/أبريل 1957، وحل الأحزاب السياسية.
في عام 1974 أقر المشرع الأردني حق المرأة في الانتخاب والترشُّح في المجالس النيابية بموجب القانون المعدل لقانون الانتخاب الأردني رقم (8) لعام1974، وفي نفس العام سمحت الحكومة الأردنية بقيام «الاتحاد النسائي»، الذي بادرت إلى تأسيسه مجموعة من السيدات الرائدات اللواتي عرفن العمل النسائي من قبل، ومعظمهن ينتمين إلى أحزاب سياسية يسارية، إلّا أنه في عام 1981 تم حل هذا الاتحاد بسبب التوتر والصدام مع الحكومة نتيجة نشاط الاتحاد السياسي، ثم أعيد عام 1989، وغيّر اسمه إلى «اتحاد المرأة الأردنية».
كان للأوضاع والمستجدات السياسية التي مرّ بها الأردن تاريخياً انعكاس كبير على وضع المرأة السياسي، كما هو الحال بالنسبة إلى الرجل ولو بصورة أقل، وهي تمثلت بغياب الحياة النيابية نتيجة احتلال الضفة الغربية بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967 إذ بقيت المرأة الأردنية محرومة ممارسة حقوقها في الانتخاب والترشح حتى عودة الحياة النيابية عام 1989، كما ظهرت سياسة إدماج المرأة الأردنية في عملية التنمية في الخطة الوطنية (1975 – 1980)، وكذلك حل الأحزاب السياسية وفرض الأحكام العرفية من 1957 – 1989، وإجراء أول انتخابات نيابية تميزت بأول مشاركة للمرأة كناخبة ومرشحة في آن واحد.
نشطت الحركات النسائية في الأردن في ثمانينيات القرن الماضي نتيجة تزايد الاهتمام العالمي بقضية المرأة، حيث عقد مؤتمر المرأة العالمي في نيروبي عام 1985، وكان له أثر إيجابي في قضية المرأة في المجتمع الأردني، إذ استدعى ضرورة وجود نساء أردنيات للمشاركة في ذلك المؤتمر، وهو حث في الفقرة (86) من المادة الثالثة من استراتيجية «الحكومات والأحزاب السياسية على تكثيف جهودها لتشجيع وكفالة المساواة في اشتراك المرأة في الهيئات والمناصب العليا.
وفي عام 1989 وقع الأردن الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وصادق عليها في تموز/يوليو لعام 1992 مع بعض التحفظات تأكيداً للنهوض بوضع المرأة ومكانتها، وفي عام 2009 صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء برفع التحفظ عن البند الرابع من المادة (15) من الاتفاقية والمتعلقة بحرية التنقل والسكن للنساء أسوة بالرجال.
إن التمكين السياسي الحقيقي للمرأة، لا يمكن أن يتم إلّا في سياق التمكين المجتمعي، الذي يهدف إلى تغيير البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تكفل إعادة الثقة للمرأة وبالمرأة.
ويمكن لنا قراءة مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية من خلال المحاور التالية:
السلطة التنفيذية ( مشاركة المرأة في الحكومات المتعاقبة )
أن أول مشاركات المرأة الأردنية على المستوى الوزاري تعود إلى العام 1979، عندما تم تعيين إنعام المفتي وزيرة للتنمية الاجتماعية، وفي عام 1984 تم تعيين ليلى شرف وزيرة للإعلام، وفي حكومة الأمير زيد بن شاكر عام 1994 تم تعيين سيدتين في مناصب وزارية هما سلوى المصري وزيرة للتنمية الاجتماعية، وريما خلف وزيرةً للتخطيط.
كما لا بد من الإشارة الى أن ريما خلف حافظت على حقيبتها الوزارية كوزيرة للتخطيط في الفترة 1996-2000، وأنها أول سيدة حصلت على منصب نائب رئيس الوزراء وزيرة للتخطيط في حكومة السيد عبد الرؤوف الروابدة عام 1999. وفي حكومة السيد فيصل الفايز عام 2003 عينت أسمى خضر بمنصب وزيرة دولة والناطق الرسمي باسم الحكومة.
كما نلاحظ أن وجود المرأة لم يكن ثابتاً في الحكومات الأردنية خلال السنوات الماضية، وبخاصة في السنوات العشر الأخيرة، ففي حكومة السيد عدنان بدران (2005) كان هناك أربع وزيرات، وفي حكومة سمير الرفاعي الأولى (2009) تقلص عدد الوزيرات إلى وزيرتين، وفي حكومة فايز الطراونة (2012) وزيرة واحدة، أما حكومة السيد عبد الله النسور الأولى (2012) فقد خلت من أية حقيبة وزارية للسيدات، وفي حكومته الثانية (2013) يوجد ثلاث وزيرات. أما في حكومة هاني الملقي الأولى لعام 2016 تسلمت أربع نساء حقائب وزارية، في حين يبلغ عدد الوزيرات في الحكومة الثانية لهاني الملقي، ثلاث وزيرات، فيما ضمت حكومة الدكتور عمر الرزاز (2018) سبع وزيرات، اما حكومة الدكتور بشر الخصاونة (2020)، فقد ضمت ستة وزيرات.
يلاحظ أن نسبة مشاركة المرأة الأردنية في الحكومات المتعاقبة ضئيلة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المرأة الأردنية تشكل 54% من عدد السكان.
السلطة التشريعية ( مشاركة المرأة الأردنية في مجلسي النواب والأعيان )
نتيجة للأوضاع السياسية التي شهدها الأردن منذ عام 1957، واستمرار الأحكام العرفية (1957 – 1989)، واحتلال الضفة الغربية بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967، بقيت المرأة الأردنية محرومة ممارسة حقوقها في الانتخاب والترشح على الرغم من منحها حق الترشح والانتخاب بموجب قانون انتخاب مجلس النواب الرقم (8) لعام 1974، وخلال فترة الفراغ التشريعي في الأردن (1974-1989) تم تشكيل ثلاثة مجالس وطنية استشارية، تمثلت مهمتها بإسداء الرأي والمشورة للسلطة التنفيذية ومناقشة السياسة العامة، تكون المجلس الأول (1978-1980) من 60 عضواً، منهم 3 سيدات، وبنسبة 1.8%، أما المجلس الثاني (1980-1982) فقد تم فيه تعيين 4 سيدات من أصل 60 عضواً، وبنسبة 2.4%، وفي المجلس الثالث الذي تشكل في الفترة 1982 – 1984 فقد تم تعيين 4 سيدات من أصل 75 عضواً، وبنسبة 3.0%.
في مؤتمر القمة العربية الذي عُقد بالجزائر عام 1988، تقدمت منظمة التحرير الفلسطينية بطلب فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية باعتبار أنّ المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وفقاً لقرار مؤتمر القمة العربية المنعقد في الرباط عام 1974، وفي نهاية شهر تموز/يوليو 1988 أصدر الأردن قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين، وشرعت الحكومة في العودة إلى الحياة البرلمانية دون تمثيل الضفة الغربية.
وبعد عودة الحياة الديمقراطية للأردن عام 1989، وإجراء أول انتخابات نيابية، تميَّزت بأول مشاركة للمرأة كمرشحة وناخبة في آن واحد، ترشَّحت 12 امرأة من أصل 647 مرشحاً أي بنسبة (1.85 %) من إجمالي عدد المرشحين، إلّا أن أياً منهن لم تنجح في تلك الانتخابات.
وعلى مدار الانتخابات النيابية التي جرت منذ 1989 وحتى 2001 لم تستطع المرأة الأردنية الوصول إلى البرلمان عبر الاقتراع باستثناء المجلس النيابي الثاني عشر لعام 1993، حيث فازت توجان الفيصل، التي ترشحت عن المقعد النيابي المخصص للشيشان والشركس.
وكان يمكن تكرار المشهد الانتخابي نفسه الذي اتسم بضآلة المشاركة النسائية في الانتخابات النيابية، لولا تعديل قانون الانتخاب الأردني لعام 2001 وتخصيص كوتا للمرأة في المجلس النيابي بستة مقاعد من أصل 110، أسهم في وجود نسائي في المجلس النيابي الرابع عشر (2003 – 2007) الذي ترشحت له 54 امرأة فازت منهن 6 نائبات شكلن (5.5 %) من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 110 نوّاب، وتجاوز عدد المترشحات عتبة 5 بالمئة من مجموع المرشحين لأول مرة في تاريخ الانتخابات النيابية الأردنية.
وفي انتخابات المجلس النيابي الخامس عشر لعام 2007 تواصل ارتفاع نسبة الترشحّ النسائي ليصل إلى ما نسبته (22.4 %)، بعد أن ترشحت 199 مرشحة من أصل 885 مرشحاً ومرشحة، وحصلت سيدة على مقعد نيابي بالمنافسة خارج نظام الكوتا ليبلغ عدد السيدات في المجلس 7 نساء من أصل 110 أعضاء وبنسبة مقدارها (6.36 %).
وفي عام 2010 تم رفع عدد أعضاء الكوتا النسائية من 6 إلى 12 مقعداً من أصل 120 مقعداً وبنسبة (10.8 %)، فأصبح عدد النساء في مجلس النواب الأردني السادس عشر لعام 2010 ثلاث عشرة امرأة، واحدة منهن فازت بالتنافس الحر.
وفي الانتخابات النيابية لعام 2013 تم رفع مقاعد الكوتا النسائية إلى 15 مقعداً من أصل 150 مقعداً، وتواجد في المجلس النيابي السابع عشر 18 سيدة، 3 منهن فزنَ بالتنافس الحر.
وبلغ عدد المرشحات 115 امرأة من أصل 698 مرشحاً، وبنسبة (16.7 %) للدائرة الانتخابية المحلية والكوتا النسائية.
وبلغ عدد المرشحات للدائرة الوطنية أو العامة 88 سيدة من أصل 829 مرشحاً. أما في الانتخابات النيابية لعام 2016 حصلت النساء على 20 مقعداً من مجموع أعضاء المجلس والبالغ 130 عضواً وبنسبة (15.3 %).
حصلت النساء الفائزات بعضوية مجلس النواب التاسع عشر 202، على 68126 صوتاً لمقترعين ومقترعات، وبانخفاض نسبته 39.3% (44183 صوتاً) عن الأصوات التي حصلن عليها بانتخابات عام 2016 والتي وصلت الى 112307 أصوات لمقترعين ومقترعات، ليخسرن خمس مقاعد و 44 ألف صوت مقارنة مع انتخابات مجلس النواب الثامن عشر
وبلغ عدد الفائزات 15 سيدة حصلن على مقاعد حسب نظام الكوتا، فيما لم تنجح أي مرشحة في الوصول الى البرلمان عن طريق التنافس على عكس انتخابات عام 2016 حيث حصلت النساء على خمس مقاعد تنافسياً الى جانب مقاعد الكوتا.
وأظهرت النتائج بأن نسبة التمثيل النسائي في مجلس النواب التاسع عشر تراجعت الى 11.5%، فيما كانت نسبة تمثيليهن في مجلس النواب الثامن عشر 15.4% (وهي أعلى نسبة تمثيل نسائي على الاطلاق).
وبذلك فقد تراجع مركز الأردن عربياً وعالمياً على مؤشر مشاركة النساء في البرلمانات والذي يصدره الاتحاد البرلماني الدولي، إلى المركز الثاني عشر عربياً، و128 عالمياً.
نرى مما تقدم أن مشاركة المرأة الأردنية في مجلس النواب الأردني في تزايد مستمر، وهذا يؤكد أيضاً رغبة القيادة السياسية العليا في تعزيز دور المرأة ومكانتها في مراكز صنع القرار السياسي، ولتمكينها من الوصول إلى قبة البرلمان، كما أن فوز3 سيدات في الانتخابات النيابية لعام 2013 و5 سيدات في انتخابات 2016 بالتنافس الحر، يشير إلى نضج التجربة النسائية إلى حد ما، كما يشير إلى مراجعة حقيقية للحكم على العشيرة بأنها لا تصوت للمرأة، وإنما أداء المرأة هو الذي يخلق القناعة بالتصويت لها.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّه لم يحدث أن تولت سيدة منصب رئيس مجلس النواب أو نائب رئيس المجلس، إلّا أنه في مجلس النواب الأردني السادس عشر لعام 2010 تولت إحدى السيدات، وهي النائب ناريمان الروسان، منصب مساعد رئيس مجلس النواب في الدورة العادية الثانية لعام 2011، كما أن الأغلبية الساحقة من رؤساء اللجان في مجلس النواب هم من الرجال.
وفي مجلس الأعيان، وهو ما يطلق عليه مجلس الملك، إذ يتم تعيين اعضائه من قبل الملك، فقد تم تعيين سيدة واحدة عام 1989 من أصل 40 وامرأتين عام 1993 من أصل 40، وثلاث سيدات من أصل 40 عام 1997 و7 سيدات من أصل 55 في عامي 2003 و2007.
وفي عام 2010 ارتفع العدد إلى 9 سيدات من أصل60 عضواً، أي بنسبة 15 بالمئة.
وهذا الارتفاع المطرد دليل واضح على رغبة الإرادة السياسية في إشراك المرأة الأردنية في صياغة السياسات العامة وتعزيز دورها في مراكز صنع القرار، وأن المرأة الأردنية أثبتت قدرتها على إثبات وجودها في المواقع السياسية التي تشغلها، وجدارتها وأهليتها لتولي المناصب السياسية.
وفي عام 2013 تم تعيين 9 سيدات من أصل 75 عضواً، وفي عام 2016 تم تعيين 10 سيدات من أصل 65 عضواً، وفي عام 2020، تم تعيين سبع نساء وبنسبة 10.7% من أعضاء المجلس.
وعند متابعة النسب العالمية لحضور المرأة في مجالس مشابهة لمجلس الأعيان، كمجلس الشيوخ في أمريكا، ومجلس اللوردات في بريطانيا، نلاحظ أن الأردن اقترب من هذه الدول من حيث نسبة حضور المرأة في هذه المجالس.
الأحزاب السياسية ( مشاركة المرأة الأردنية في الأحزاب السياسية )
أظهرت احصائيات صدرت أخيرا عن اللجنة الوطنية لشؤون المرأة ان “مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية لا تزيد عن 28.76 % من مجموع الأعضاء”، إذ احتلت امرأة واحدة منصب أمين عام حزب، بحسب الاحصائيات ذاتها.
وبينت الدراسات، ان “المواطنين الأردنيين يحملون اتجاهات إيجابية نحو مشاركة المرأة السياسية فمثلا، وجدت إحدى الدراسات بأن أكثر من ثلثي المواطنين يوافقون على مشاركة المرأة السياسية، ولكن تختلف نسبة الموافقة من الذين يؤيدون مشاركة المرأة حسب شكل المشاركة السياسية، فوافقت أغلبية كبيرة 98% على مشاركة المرأة في الانتخابات من خلال التصويت، و94% من خلال التطوع بالوقت كنشاط فيه منفعة عامة، و81% عن طريق المشاركة في الحملة الانتخابية لمرشح معين”.
في حين وافق 44% على مشاركة المرأة في الانتساب لحزب سياسي و 38% على المشاركة في المظاهرات و 76% على الترشيح للانتخابات التشريعية و51% على الترشح للانتخابات البلدية.
كما كشفت الدراسة عن وجود معوقات أمام مشاركة المرأة السياسية من وجهة نظر المبحوثين من المواطنين الأردنيين، كان أهمها عدم تقبل الرجل لعمل المرأة في الحياة السياسية بنسبة 77%، وعدم تقبل المجتمع لعمل المرأة في الحياة السياسية بنسبة 71%، وعدم قدرتها على التوفيق بين مسؤولياتها العائلية والمسؤوليات المترتبة على المشاركة السياسية بنسبة 68%، وعدم قدرة المرأة على المشاركة بفعالية في الحياة السياسية بنسبة 49%.
كان أول ظهور للمرأة الأردنية في الأحزاب السياسية في عام 1951 بعد وحدة الضفتين الشرقية والغربية. أما أول حزب أردني استقطب نساء في صفوفه فهو الحزب الشيوعي الأردني.
وعلى العموم اتسمت مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية بالمحدودية والضعف، وذلك لعدة عوامل منها: 1 – تجميد الحكومة الأحزاب السياسية في الفترة من 1957 إلى 1992؛ 2 – أغلب الأحزاب السياسية المرخصة بعد صدور قانون الأحزاب السياسية لعام 1992 لا تعالج قضية المرأة وواقعها بشكل جدي وفعّال ومستقل في برامجها؛ 3 – المرأة نفسها والتزامها بقيم المجتمع التي هي قيم ذكورية؛
4 – تردّي الأوضاع الاقتصادية وما أفرزته من بطالة وارتفاع أسعار، أدى إلى الانشغال في الشؤون الخاصة والابتعاد من النشاط العام، واللامبالاة إزاء الحياة السياسية. هذه العوامل تركت أثراً سلبياً في نشاط المرأة ودورها ضمن الأعضاء المؤسسين لعدد من الأحزاب، إلّا أن هذا الحضور لا يشكل الوزن الحقيقي للمرأة في المجتمع.
كذلك حجم مشاركة المرأة في الهيئات القيادية للأحزاب لا تزال متواضعة.
السلطة القضائية ( مشاركة المرأة الأردنية في سلك القضاء )
أسهمت الإرادة السياسية في الأردن بتعزيز حضور النساء في السلك القضائي حتى أصبحن يشكلن أكثر من 50% من المشاركين في برنامج قضاة المستقبل ودبلوم الدراسات القضائية الذي يمنحه المعهد القضائي الأردني، وقد بدأ دخول المرأة لسلك القضاء في الأردن عام 1995 حيث تم تعيين أول امرأة قاضياً، وحتى عام 1998 كان مجموع النساء القضاة خمساً فقط، وبلغت مشاركة المرأة في الجهاز القضائي عام 2001 ما نسبته 1,4%. وفي عام 2003 ارتفع العدد إلى (23) قاضية، ووفق اخر إحصائيات بلغ مجموعهن (29) بنسبة 4.2% من مجموع القضاة، ويعمل في سلك القضاء حالياً (259) قاضية من مجموع القضاة الذي يزيد عن 975 قاضٍ، أي بنسبه 42%، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد ليتجاوز خلال السنوات القليلة المقبلة ما مجموعه 55% من العدد الإجمالي لقضاة الأردن.
واخيرا،
أن مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية دعامة أساسية من دعائم التنمية والتطور الديمقراطي، لذا ينبغي تكثيف التوعية السياسية للمرأة، وتقع هذه المسؤولية على الأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام المتنوعة بصورة خاصة. كما أن عملية التمكين السياسي للمرأة الأردنية يجب أن تُجري في سياق تمكين المجتمع جماعات وأفراداً، تعليمياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وهذا يفترض خلق بيئة ثقافية مجتمعية داعمة لمشاركة المرأة في جميع المجالات.
أن المرأة الأردنية ما زالت تواجه صعوبات في وصولها إلى مجلس النواب من خلال التنافس الحر، على الرغم من تمتعها بمستويات عالية من التعليم.
إن نسب تمثيل النساء في مراكز صنع القرار أو في المواقع القيادية ما زالت دون المستوى المطلوب على الرغم من التقدم المحرز في هذا المجال، كما أن العدد القليل من النساء في مراكز صنع القرار في أغلب الأحيان قليل الفاعلية في القضايا التي تخص المرأة، فالنساء في المواقع القيادية يحتجن إلى الشجاعة لكي يستطعن إدخال وجهات نظرهن في قضايا المرأة، بدلاً من ممارسة وتناول قضايا تتعارض مع رؤية وقناعة المرأة.