من المؤكد ان الزراعة الداخلية تلعب دورا حيويا في الاقتصاد الوطني والتراث الثقافي المحلي، ومن هذا المنطلق يشتهر لبنان بشتل مجموعة مختلفة من المحاصيل والفاكهة، بفضل مناخه المتوسطي وتضاريسه المتنوعة. وبناء على ذلك، طار ذكره في الآفاق نظرا لاشتهاره بزراعة الزيتون وصناعته الذي يتميز بجودة عالية، والتفاح الفاخر في منطقة جبل لبنان، كما عُرف بصناعة النبيذ اللبناني المحبوب عالميا، الى جانب زراعة التبغ في الجنوب. كما تنمو الحمضيات كالليمون والبرتقال في المناطق الساحلية، والخضروات مثل الطماطم والخيار والبطاطس في عكار وسهل البقاع.
لماذا تحظى الغلال الوطنية برغبة كبيرة من دول الجوار؟ يجيب المزارع بلال “لان المنتجات الزراعية اللبنانية معروفة بجودتها العالية، بسبب الطرق التقليدية والممارسات الزراعية المتقدمة التي يعتمدها المزارعون اللبنانيون في اعمال الحراثة”.
وأوضح لـ “الديار” ان “مناخ لبنان المتوسطي مثالي لغرس العديد من المحاصيل والأشجار المثمرة، مما يجعل المنتجات ذات جودة عالية ومنافعها كاملة، بالإضافة الى ثلّة واسعة من النباتات الزراعية الاخرى، مما يوفر تنوعا كبيرا يلبي احتياجات مختلفة”. واشار الى “ان التربة اللبنانية غنية وخصبة، مما يساهم في إنتاج محاصيل ذات نوعية ممتازة، بالإضافة الى ان قرب لبنان من دول الخليج العربي، يسهّل عملية التصدير ويقلل من تكاليف الشحن، مما يجعل المنتجات الوطنية متاحة بأسعار تنافسية، بما في ذلك الطعم الاستثنائي، اذ ان الفواكه والخضروات المحلية تتميز بالمذاق الفريد ،الذي يعجب الكثيرين في البلدان المجاورة”.
واشار الى “التزام اكثرية المزارعين اللبنانيين بالزراعة العضوية واستخدام أساليب مستدامة وصحية، مما يزيد من جاذبية منتجاتنا. لذلك، هي مرغوبة بشدة من قبل الدول العربية والاوروبية، حيث يتطلع المستهلكون إلى الحصول على انواع طازجة وعالية الجودة ومغذية”.
خطة وزارة الزراعة؟
هل من خطة لدى وزارة الزراعة لدعم شتل أصناف جديدة في لبنان؟ تجيب مصادر في الوزارة لـ “الديار”: “نعم يوجد نظام توجيه في هذا الإطار، وبدأ المزارعون اللبنانيون في السنوات الأخيرة بزراعة الليتشي، وقد اثبتت التجربة بأن ذلك ممكن”.
“Exotic Fruits”! َ
وفي الإطار، كشف مدير التسويق في “مؤسسة نحولي للزراعة” السيد عامر نحولي لـ “الديار” عن “ان زراعة “الليتشي” بدأت في لبنان منذ حوالي 12 عاما وهي شجرة استوائية، يعود موطنها الأصلي الى تايلاند والهند وماليزيا واليابان وتايوان”. وأشار الى “ان الطلب عليها قبل سنوات كان قليلا جدا لأنها لم تكن معروفة، لكن مع مرور الوقت تبدلت الأمور بعد ان ذاع صيتها، وجربها الناس واحبوا مذاقها الطيب”.
وأضاف “المحصول المحلي على عكس الموسم في الدول الاستوائية ، التي تنضج فيها هذه الفاكهة خلال فصل الشتاء، بينما تستوي صيفا في لبنان، لذلك يتم استيرادها في غير وقتها نظرا لزيادة الطلب والاقبال على شرائها”. واكد “ان استهلاكها يزداد تدريجيا وبشكل ملحوظ وواضح، والسعر بالجملة يتراوح بين الـ 3 و6 دولارات، والمفرق بين 10 و13 دولارا”، مشيرا الى “ان السعر يعتبر مرتفعا قليلا”، اضاف: ان “الليتشي” تُصدر من لبنان الى لندن والكويت وقطر والامارات العربية، وقدا بدأ سوقها يتوسع داخليا وخارجيا”.
اين تزرع “الليتشي”؟ يجيب عامر “تغرس في تربة حمراء وطميية أو رملية مع قدرة جيدة على التصريف، بحيث ان الأرض لا يجب ان تحتفظ او تحبس المياه في باطنها، وزراعتها ناجحة جدا على طول الساحل اللبناني مثل: الدامور والسعديات والغازية والزهراني. ولاحظنا ان استهلاكها تصاعد هذا العام، واعتقد ان ذلك مرتبط بقدوم السواح الى لبنان، وتحسّن القدرة الشرائية لدى المواطنين مقارنة بالعامين المنصرمين، حيث كانت الظروف صعبة جدا على كل المواطنين بشكل عام”.
الأهمية الاقتصادية
واستكمل “تضيف زراعة هذه الفاكهة تنوعا إلى النِتَاج الوطني، وهناك طلب عالمي مرتفع على “الليتشي” في لبنان وخارجه، مما قد يزيد من الإيرادات الزراعية، وقد تتصاعد إمكانيات التصدير إذا نجح الفلاحون في شتلها بكميات تجارية، لذلك قد تصبح محصولاً تصديريا مهما، مما يساهم في تعزيز سلة غذائية محلية مشكّلة وتوفير مصدر جديد للفيتامينات والمعادن”.
ونصح المزارعين اللبنانيين “بتبني هذه الزراعة التي لها مستقبل واعد في لبنان وخارجه، كما ان مردودها المادي مرضي وجيد”.
أرض لبنان خصبة!
في موازاة ذلك، تمثل الفواكه الاستوائية زمرة واسعة من الاصناف التي تنمو في المناطق ذات المناخ الاستوائي ،وتتمتع بفوائد صحية عظيمة الى جانب نكهاتها الغنية. وتشمل الكثير من الأنواع المشهورة مثل المانجو والأناناس والبابايا، وبطبيعة الحال فاكهة “الليتشي”.
الأصل استوائي… لكن الإنتاج لبناني!
من جهته، قال اختصاصي التغذية طه مريود لـ “الديار” ان ثمرة “الليتشي” هي “إحدى الفواكه الاستوائية الشهيرة، وتتميز بمظهرها الخارجي الأحمر القشدي الذي يشبه القشرة، والداخل الأبيض الشفاف الذي يحتوي على نواة صلبة”.
المنافع كثيرة والمذاق خيالي!
وأردف “تحتوي على كميات عالية من فيتامين C الذي يعزز جهاز المناعة ويحمي صحة الجلد. وتعتبر مصدرا جيدا للألياف الغذائية، التي تساعد في تحسين الهضم ومنع الإمساك. وتشتمل على مركبات تحافظ على صحة القلب، مثل البوتاسيوم والنياسين”.
وقال: “تمتلك هذه الفواكه نسب فائضة من مضادات الأكسدة، التي تساهم في مكافحة الجذور الحرة وتقلل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وفيها مقادير غزيرة من الحديد والنحاس اللذين يعززان إنتاج الخلايا الحمراء وتقوية الدورة الدموية، وزاخرة بمعدلات جيدة من السكريات الطبيعية التي تمنح الجسم الطاقة وتقوي الحالة العامة للصحة”.
فراولة التمساح!
وأشار الى “ان “فاكهة الحب” لها مكانة خاصة في الثقافات الشرقية والغربية على حد سواء، بفضل طعمها الفريد وفوائدها الغذائية المتعددة، وتناولها يمكن أن يكون إضافة ممتازة لنظام غذائي صحي بفضل هذه المنافع الكثيرة”.
وختم لافتا الى “ان موطن “العنب الصيني” الأصلي هو جنوب الصين، وتحديدا المناطق الجنوبية والغربية منها، مثل مقاطعات “قوانغدونغ” و “فوجيان”. ومن هناك انتقلت إلى مناطق أخرى في جنوب شرق آسيا، مثل تايلاند وفيتنام والهند ومؤخرا انتشرت زراعتها في لبنان. وهي تحتاج إلى مناخ دافئ ورطب لكي تنمو بشكل جيد، وهو ما توفره المناطق الجنوبية اللبنانية، لا سيما تلك التي تقع على طول الساحل اللبناني”.