ملف تسريب الإمتحانات الرسميّة “تلفلف”… والتدخلات السياسيّة “شغالة”… والتحقيقات لم تتوسّع!
هل يُطبّق القرار رقم 680/2024، الذي يجبر تلاميذ مرحلتي الروضات والتعليم الأساسي الرسمي بكافة مراحله، على دفع مساهمة مالية لصندوق المدرسة، تبلغ حوالي 4 ملايين و500 ألف ليرة لبنانية عن كل تلميذ لبناني، و9 ملايين ليرة عن كل تلميذ أجنبي؟ لان أثار هذا القرار اثار خلافا كبيرا حول مدى شرعيته ودستوريته.
مصادر في وزارة التربية اكدت ان الوزير يقوم بمسؤولياته كافة، وهو على بيّنة بما يعاني الاهالي من ضغوطات معيشية لتأمين الظروف الملائمة كي يستمر اولادهم في تلقي العلم.
ماذا يتضمن الدستور؟
تشير الفقرة (ب) من مقدمة الدستور إلى أن “لبنان عضو مؤسس وفاعل في الأمم المتحدة، وملتزم بأحكامها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، مما يلزم الدولة اللبنانية، وتحديداً وزارة التربية، بالامتثال لما ورد في الإعلان فيما يتعلق بالتعليم. وتنص المادة 26 منه على أن “لكل فرد الحق في التعليم، ويجب أن يكون مجانياً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، وأن يكون التدريس الابتدائي إجباريا”. مما يعني ان التحصيل العلمي في هاتين المرحلتين يجب أن يكون دون مقابل مادي.
وقد حرصت وزارة التربية على مدى الحكومات المتتالية، بما في ذلك الحكومة الحالية، على تعزيز هذا الحق وترسيخه، حتى أصدر وزير التربية حكما يتعارض مع هذا النهج، مما يشكل انتهاكاً للدستور. وبالتالي، فان أي خرق للمواثيق التي يحميها الدستور يُعدّ تجاوزاً له، بالإضافة إلى أن هذا التوجيه يقيّد الحق في التعليم، ويعرقل تحقيق العدالة الاجتماعية التي تحميها الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، إذ يقوض فرص المساواة بين اللبنانيين على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية.
رفض رسمي!
يذكر ان النائب أشرف ريفي كان دعا في منشور كتبه على منصة “اكس” وزارة التربية الى التراجع عن رسم الـ 50 دولاراً لتسجيل التلامذة في المدارس الرسمية. كما طالبها بوضع سقفٍ للأقساط في المدارس الخاصة، يتناسب مع الوضع الاقتصادي الصعب. واعتبر انه من غير المسموح هذا الانفلات في غلاء الأقساط “الناس لم تعد تحتمل”.
ومن جهتها، رأت مفوضية التربية والتعليم في الحزب “التقدمي الاشتراكي”، أنها لطالما “طالبت بالإجراءات التي تهدف إلى تحسين الواقع التربوي وتحصينه، ودعم المدرسة الرسمية والتعليم الرسمي، لكي يبقى متاحاً ومتوفراً للجميع ضمن مبدأ عدالة التعليم ومجانيّته وتكافؤ الفرص. وهذا ما لا ينطبق على الإجراء الذي اتخذه وزير التربية بفرضه رسم خمسين دولاراً على الطلاب في المدارس الرسمية، ولا تبرير له على الإطلاق. لذا فإنّ الوزير مطالبٌ بالعودة عنه، بما يعطي الحق لكل الطلاب بالتسجيل في المدرسة الرسمية من دون معوقات”.
عدوى الزيادات تنتقل من الخاص الى الرسمي
من جانبه، يقول رئيس لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي في لبنان الدكتور حسين محمد سعد لـ “الديار”: يعلم الجميع “أن الأقساط في المدارس الخاصة منذ نحو خمس سنوات، لا تزال في ارتفاع مستمر. وقد أصبحت هذه الزيادات التي تعتمدها المدارس الخاصة، جزءا من سياسة التعليم الخاص في لبنان. وبات من الواضح أنها تتمتع أيضا بحرية مضاعفة الرسوم بشكل مستقل وغير منتظم، مما يؤدي إلى تعاظم الضغط المالي على الأسر اللبنانية”.
ويضيف “مقابل هذا الارتفاع في الأقساط، يشهد القطاع الرسمي زيادة في عدد الطلاب الذين انتقلوا من المدارس الخاصة إلى الرسمية، لا سيما مع بدء تسجيل الطلاب في كلا القطاعين. لذلك صار المواطن اللبناني الذي لا يستطيع تلبية طلبات المدارس الخاصة بسبب ظروفه الاقتصادية، مضطرا إلى البحث عن خيارات ميسرة، ولا يجد أمامه بديلاً سوى المدارس الحكومية”.
ويشير إلى أن “العائلة اللبنانية تبقى الحلقة الأضعف أمام المدارس الخاصة في لبنان، لأن الارتفاعات في الأقساط غير قانونية، وتُفرض بطريقة عشوائية دون محاسبة الجهات المعنية، ضمن الأطر الرقابية التي نص عليها القانون 515”.
ماذا عن الـ 50 دولارا؟ يجيب سعد “فيما يتعلق بهذه المساهمة التي تبلغ 50 دولارا أو ما يعادلها بالعملة الوطنية، أي 4,500,000 ل.ل. لصندوق الأهل في المدارس الرسمية، فقد دخلت حيز التنفيذ في المؤسسات الحكومي،ة نتيجة نقص التمويل من قبل الدولة، التي لا توفر الأموال الكافية لوزارة التربية والتعليم العالي. إضافة إلى ذلك، تسهم الدول المانحة في دفع الرواتب للأساتذة المستعان بهم صباحا، وتمول بعض الدورات التدريبية واحتياجات أخرى في وزارة التربية”.
قرار الدولة مُصادر!
ويكشف سعد ان “مقابل تعليم الطلاب النازحين من سوريا، تجد الدولة اللبنانية نفسها رهينة للدول المانحة، بالإضافة الى ذلك لا توجد سياسة مستقلة في وزارة التربية تلبى رغبات هذه الجهات. ولتخفيف الاستغلال من قبل الداعمين وتمويل الصناديق في المدارس الرسمية، لجأت وزارة التربية إلى فرض هذه القيمة. ورغم التأثير السلبي لهذه المسألة في الأهل، ومع ذلك لا أعتقد أن مبلغ 50 دولارا يشكل عبئا كبيرا على أي أسرة لبنانية، حيث إن غالبية أولياء الأمور قادرون على تأمين هذه المساهمة ، بدلاً من التوجه إلى مؤسسات خاصة ودفع تكاليف خيالية”.
ماذا عن وضع طلاب الجنوب؟ يؤكد انه “بالنسبة الى التلاميذ النازحين من المناطق الحدودية التي تشهد صراعا مع العدو الإسرائيلي، فقد أكد وزير التربية خلال مؤتمر في مدينة صور بتاريخ 30 آب الماضي أنه سيعمل على إعفائهم من الدفع”.
“المسّرب” يتحدى العدالة ويهرب من العقاب!
أما عن تسريب أسئلة الامتحانات الرسمية في بعض المواد، فيكشف سعد عن أن “الملف كان يسير في مساره القضائي مع المباحث الجنائية في قصر العدل، حيث تم توقيف عدد من المدعى عليهم والتحقيق معهم. وتبين لاحقا كما أُعلمنا، أنه تم إخلاء سبيلهم على خلفية تدخلات أو ربما لعدم ارتباطهم بالجريمة. ومع ذلك، كان من المفترض توسيع التحقيقات للوصول إلى الُمسرّب الأساسي الذي قام بتسريب الأسئلة”.