ليست المرة الاولى التي تعمل فيها قوات الأمم المتحدة ومجلس الأمن على مزاجية دولة الكيان، فمنذ زمن، وعقب الاجتياح الاسرائيلي للبنان سنة 1982، اتخذ قرار أممي يحمل رقم القرار الدولي 425 والذي بات معروفاً بأن «اسرائيل» لم تنفذه في تلك الحقبة، وبقي عشرين سنة حبرا على ورق، مع ان هذا القرار اتخذ بالاجماع دون اي «فيتو» عليه، لكن «اسرائيل» لم تنفذه، ويذكر ان هذا القرار كان ينص على الانسحاب الفوري من كل الاراضي اللبنانية التي احتلها العدو دون قيدٍ او شرط .
وفي اطار ملف الترسيم بين لبنان والعدو الإسرائيلي، فقد أشار مصدر مطلع إلى أن حركة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين تبشر اللبنانيين بأن ما نتج عن زيارته سوف يعطي زخمًا على الصعيد الإقتصادي في ظل وضع معيشيٍ واقتصاديٍ مأزوم، كي لا يشعر اللبنانيون بأن الوسيط الأميركي جاء بخطة لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، خصوصاً أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال المماطلة بالوقت في انتظار تصورات لا تصب إلا في مصلحة العدو الاسرائيلي، الذي لن يقدم أي تنازلات قبيل انتخابات «الكنيست» في تشرين الثاني المقبل.
وكانت قوات «اليونيفيل» المعنية بتأمين السلام في لبنان قد تحركت في الفترة الأخيرة بشكلٍ غير طبيعي، في ظل زيادة منسوب التوتر بين لبنان والعدو الإسرائيلي بسبب التهديدات التي اطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ومعها ازداد منسوب التوتر بشكلٍ كبير بين الطرفين عقب محاولات العدو تمرير الوقت في ملف ترسيم الحدود البرية مع العدو والتنقيب عن النفط قبالة الشواطىء اللبنانية .
وفيما مدّد مجلس الأمن الدولي لقوات «اليونيفيل» عاماً إضافياً في لبنان في 31 آب الماضي، قامت بإضافة القرار 2650، حيث يطلب مجلس الأمن من القوات المسلحة اللبنانية والأمين العام للأمم المتحدة تحديد معايير محددة وجداول زمنية للنشر الفعّال والدائم للقوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان وفي المياه الإقليمية للبلاد. وبموجب هذا التمديد تبقى هذه القوات تقوم بمهامها المعتادة عند الخط الأزرق الفاصل بين الحدود اللبنانية والفلسطينية المحتلّة، و يتم تجديد ولايتها على أساس سنوي بناء على طلب حكومة لبنان.
لكن تعديلاً جديداً طرأ على بنود هذا العام لم يكن موجوداً في القرارات الماضية، مما أثار حفيظة الشعب اللبناني وقيادات لبنانية وأدى الى التوتر .
و ينصّ القرار (2650 / 2022) الصادر عن الأمم المتحــدة بأن «اليونيفيل « لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أيّ شخــص للاضــطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنه يُسمح لها بإجراء عملياتهــا بشكل مستقلّ. ويدعو الأطراف إلى ضمان حرية حركة «يونيفيل»، بما في ذلك السماح بتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلن عنها، ويدين المجلس مضايقة وترهيب أفراد «اليونيفيل»، وكذلك استخدام حملات التضليل الإعلامي ضدّ حفظة السلام، كما يطلب من البعثة اتخاذ تدابير لرصد المعلومات المضللة ومكافحتها».
وفي المعلومات، فإن هذه الاضافات الى البند ال 16 من قرار التمديد تعني توسيع الصلاحيات، علماً أنها الأولى من نوعها منذ 44 سنة، ما يعني التدخل بشكلٍ واضحٍ وفاضحٍ فيما يخص المنطقة المتنازع عليها في البحر الأبيض المتوسط بين لبنان والعدو، لجهة تحديد ثروة لبنان النفطية والغازية، وهذا تأكيدٌ واضحٌ على تجاوز القرار 1701 تماماً . يذكر أن هذه الفقرة تتحدث عن عدم حاجة اليونيفيل إلى إذن مسبق لأداء مهمّاتها، وهي بالتأكيد تندرج ضمن مطلب «إسرائيلي» في سياق محاولات «تل أبيب» وواشنطن توسيع مهمّات اليونيفيل في لبنان.
مهام قوات اليونيفيل تصب في حفظ السلام في البلد المتواجدة فيه، لكن قرارها الأخير بشأن لبنان الذي قد اتخذ بحق لبنان قد يؤدي الى اتخاذها طرفاً في حال وقوع حرب بين المقاومة والعدو الإسرائيلي على خلفية العدو الاعتداء على ثروة لبنان النفطية . وكانت قوات «اليونيفيل» قد تخطت دورها عام 2006 اثناء اندلاع الحرب بين لبنان والعدو الاسرائيلي بضغط اميركي مما جعل مهامها قتالية بعكس طبيعتها وهي حفظ السلام علماً أنه كان قد تم توسيع ولايتها في القرار 1701 (2006) بعد حرب تموز عام 2006 .
خبير عسكري لبناني أشار الى أن مهمات «اليونيفيل « منصوص عليها منذ أن بدأت في مهامها في لبنان في آذار 1978 تأكيدًا على انسحاب «اسرائيل» من لبنان، وفيما بعد طرأت عليها تعديلات بسيطة بسبب التطورات عام 1982 و عام 2000 وَردت من قبل مجلس الأمن الذي يحدد مهامها وليست الأمم المتحدة أو أمينها العام .
وتابع الخبير العسكري، أنه في الواقع وعلى عكس ما ورد في البيان الأممي، «تحتاج اليونيفيل إلى إذن مسبق إذا أرادت أن تخرج عن مهامها المحددة لها «، لكن الأمر بات واضحاً، و هو أن «إسرائيل منذ مدةٍ طويلةٍ تمارس الضغط من أجل تعديل مهمات اليونيفيل لتجعلها حارسةً لمهماتها لا بل وموافقةً عليها، اضافة الى القيام بالبحث عن السلاح داخل الأحياء والقرى اللبنانية، وهذا ما سبب انزاعجاً لدى للمواطنين اللبنانيين .