في يوم المرأة العالمي.. أردنيات في الميدان: سبّاكة، وسائقة تكسي، وعاملة محطة محروقات، وشرطية سير

Share to:

عمان – نضال العضايلة

سأل احدهم الوزير الأردني السابق نادر ظهيرات : مَن هي أجمل نساء العالم؟!. قال : فلاحة أردنية من الأغوار بلا مساحيق… بـ “المدرقة” وبيدها “مجرفة”، وصابرة على قسوة الحياة، صبر الجمل..!

المهم في عمل المرأة في أي مهنة هو توفير ظروف عادلة لها تضمن عدم تعرضها للتمييز، لا سيما في الأجر، وحمايتها من أي عنف أو تحرش.

سبّاكة، وسائقة تكسي، وعاملة محطة محروقات، مهن جديدة بدأت المرأة الأردنية اقتحامها، لتكسر الصورة النمطية للنساء، في مجتمع عشائري محافظ، لم يتخلص من ثقافة «العيب»، وإن سمح للمرأة بالعمل في مهن نسائية أو تكون الغلبة فيها للمرأة.

تعاني المرأةَ الأردنية وفق أرقام وزارة العمل، من نسبة بطالةٍ تتجاوز 30 بالمائة من الباحثات عن العمل والقادرات عليه، وتحمل 65 بالمائة من النساء العاطلات عن العمل شهادات جامعية.

في هذا الملف وبمناسبة يوم المرأة العالمي، يُلقي ” لبنان بالمباشر” الضوء على أهم المهن الصعبة التي اعتلتها المرأة الأردنية، وأصبحت فيها تضاهي الرجل، لا بل وتتفوق عليه.

لنبدأ……

السبّاكة زينب حسن

زينب حسن سيدة في العقد الرابع، احترفت مهنة السباكة، بحثت عن عمل مدة طويلة، لكنها لم توفَّق، وفي النهاية قرأت إعلاناً على واجهة أحد المعاهد  تدعو الفتيات إلى تعلّم مهنة السباكة، وعلى الفور انخرطت في دورة احترافية، وبعدها نشرت إعلاناً على صفحتها في فيسبوك، بأنها على استعداد للقيام بجميع أعمال السباكة المنزلية.

تقول زينب : في البداية لم احظ بثقة الناس، لكن بعد شهرين اتصلت بي سيدة تريد صيانة منزلها، وعندها كانت الفرصة الأولى لي لإثبات وجودي في المهنة.

وتوضح زينب أنها بعد عامين من الشقاء أصبحت تدير ورشة تضم 3 سيدات يحترفن السباكة.

وعن أغرب موقف تعرضت إليه، قالت زينب: ذات مرة اتفقت مع رجل على ورشة، وعندما جئت معه إلى المنزل منعتني زوجته من إتمام العمل بحجة أني سيدة ولن أستطيع القيام بالمهمة.

ودائماً تقول زينب إنها في كل مرة تسمع جملة واحدة «مش لو تشوفي إلك شغلة بتناسبك أحسن إلك».

نيفين في محطة محروقات

وعلى الجانب الآخر، وفي كازية في شارع مكة الراقي في عمّان، تمسك نيفين بخرطوم البنزين باحترافية وتنتقل بخفة طائر رشيق بين ضفتَي محطة الوقود. 

تقول نيفين : هناك مهناً ظلت سنوات طويلة حكراً على الرجال، ولكن في الآونة الأخيرة، ونظراً للظروف الاقتصادية، أصبحت المرأة تعمل في هذه المهن، وتلقى تشجيعاً من المجتمع، ومن بين هذه المهن العمل في محطات الوقود.

وتضيف: في البداية، رفضت إدارة المحطة تشغيلي، لكن بعد إصراري قبلت، شرط وضعي تحت فترة اختبار لمدة ثلاثة أشهر، وحققت نجاحاً في عملي، ما دفعهم إلى تثبيتي ومنحي راتباً مجزياً.

بلقيس الميكانيكية

وفيما نترك نيفين لتعبئة خزانات الوقود للسيارات، نتجه إلى الشمال حيث بلقيس بني هاني الشابة التي تبلغ من العمر 35 عاماً ، تتنظر كباقي نساء العالم ، قدوم اليوم الثامن من شهر مارس؛ للاحتفال بيوم المرأة العالمي ، فمنجزها يستحق ذلك، فقد أدخلت على مجتمع بلادها مشروع جديد كسر التقليد.

تقول بلقيس : افتتحت هذا الكراج في 29 نوفمبر الماضي لسيارات النساء فقط، وقد جاءت الفكرة لأنني لم أجد عملاً بعد أن تركت عملي السابق كمديرة لعيادة طبية تتبع لإحدى المنظمات الدولية”.

وتضيف وهي مشغولة بإصلاح سيارة خاصة التحقت بدورة ميكانيك لمدة ستة شهور وتعلمت الأساسيات ، لكن الميكانيك يحتاج لممارسة.

وتشير بلقيس الحاصلة على دبلوم بتخصص العلوم المالية والمصرفية أن كثير من الأردنيات يقدن السيارات ويذهبن لعملهن، وعندما تتعطل سياراتهن لا يجدن سبيلاً إلا الميكانيكي وما يرافق ذلك من ضغوط نفسية عليهن؛ لدخولهن أماكن خاصة بالرجال”.

وتمضي قائلة عندما تجد السيدة كراجاً تعمل به سيدة وخاص بالسيدات أيضاً ، فهي لن تضطر لانتظار زوجها أو شقيقها أو أي أحد من أقربائها للذهاب معها كي تصلح سيارتها.

تقول بلقيس وهي أم لطفلين إن فكرة الكراج لم تلق أي اعتراضاً من أهلي ، وهم من شجعوني، وأكثر زبائني في الكراج أهلي وجيراني وأصدقائي وكثيرون ممن يدعمون فكرتي ويرون بأنني أضفت بصمة واضحة لسوق عمل النساء في البلاد.

وتضيف بلقيس مهن النساء التقليدية ليست بالأمر الغريب وسوق المنافسة فيها كبير جداً ، ورغم أنه أسهل ويتناسب مع قدرات النساء، إلا أن مهنة الميكانيك التي أعمل بها شيء جديد على المجتمع ، وله أثر كبير في نفسي.

ونظرا لعدم خبرة بلقيس الواسعة في مجال تصليح السيارات، فإنها تعمل جنبا إلى جنب مع ميكانيكي (رجل)، وتوضح، كي أتعلم منه ما ينقصني ولكسب ثقة الزبائن أيضاً كونهم لا يؤمنون بقدرة المرأة في هذه المجال، فضلاً عن أن وجود ميكانيكي في الكراج دليل على تشاركية عمل الرجل مع المرأة ، وأن العمل هو من يثبت الإنسان وليس جنسه.

نسرين سائقة التاكسي

وفي أحد شوارع عمان التقينا بنسرين وهي واحدة ضمن خمسين أخريات امتهن العمل على خدمة التاكسي المميز للسيدات، ترصد تجربتها حين نقلت حالة ولادة صعبة جدا في ساعة متأخرة من الليل بعد الاتصال بمركز خدمة الزبائن، وعبّرت عن فرحتها لأن تقديم الخدمة أكسب النساء خصوصية فائقة وراحة وأمانا كبيرين لم يعتد قطاع السيدات في الأردن عليها.

نسرين عكوبة نفسها، التي تبلغ من العمر ثلاثين عاما، تحدثت عن تجربتها الأولى وصعوبتها في بادئ الأمر، وهي أرملة تعيل ثلاثة أطفال.

وتبدأ عكوبة يومها منذ الصباح بتلقي اتصالات من سيدات وفتيات عبر هاتفها المخصص من مركز الزبائن، لتتجول لأكثر من عشر ساعات حتى المساء، وقد قالت إن عملها لفت أنظار الكثيرين، كما أثار الاستغراب والاستهجان من بعض السائقين.

وعن ظروف عملها الصعبة، تقول عكوبة إن قيادة المركبة في عمّان تحديدا تحتاج إلى تركيز عال نظرا للأزمة المرورية الخانقة في البلاد، ناهيك عن الأعطال الميكانيكية التي تحدث للمركبة نتيجة عملها المتواصل، وكذا مضايقات سائقي سيارات الأجرة من الرجال الذين يتضايقون من منافسة النساء لهم.

وتختم عكوبة حديثها بالقول إن أكثر ما يلفت نظرها مدى تفضيل النساء لمركبات التاكسي المميز عبر التقاط صور شخصية داخل المركبات الخاصة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن فرحتهن بتجربة الخدمة.

شرطي السير نجية ودراجتها

ننتقل بملفنا إلى مجال نسوي آخر لنعيش لحظات جميلة مع نجيه الصرايره التي تنطلق في كل صباح الساعة الرابعة فجرا من منزلها في محافظة الكرك بجنوب الأردن لتصل مقر عملها بادارة الشرطة النسائية في الميدان وسط عمان الساعة السابعة والنصف صباحا.

وكانت لنجية الريادة ،فهي اول شرطية قادت دراجة آلية في الأردن، وفي المنطقة، وواجهت صعوبات العمل لان السائقين والمشاة لم يألفوا مشهد امرأة تقود دراجة كما نظيرها الرجل.

وتشرح نجية الصعوبات فتقول كنت اواجه نظرات استغراب كبيرة في الشارع كوني الاولى في هذا المجال ، وتصل درجة استغراب عدد من السائقين لدرجة انهم يطيلون النظر ليتأكدوا من ان فتاة هي من تقود الدراجة، وأحيانا كنت اقف على اشارة ما، وتفتح الإشارة والسائق منذهل متسمر في مكانه، رغم ان الأشارة خضراء الى ان الفوا منظر وعمل شرطية على دراجة في الميدان.

وبعد ان تنهي عملها تعود لمنطقتها في جنوب الأردن ورغم استغراب زميلاتها في العمل ومعارفها واقاربها من قدرتها على السفر بشكل يومي من الكرك الى عمان وبالعكس، الا انها تؤكد أنها تعودت على الأمر وتشعر بالسعادة لنظام حياتها.

وتعمل نجيه الصرايرة في شرطة السير النسائية منذ اربع سنوات، السنة الأولى امضتها كشرطية سير في الميدان مشاه ومن ثم انتقلت للعمل كسائق دراجة آلية منذ ثلاث سنوات ومهمتها لا تختلف عن شرطي السير، فسرعان ما تتحرك حال طلبها لأي منطقة لحل مشاكل السير والحافلات والحوادث وازالة العوائق.

احبت قيادة الدراجة بشكل خاص فتقدمت بطلب خاص للإدارة لتنسيبها لدورة الدراجة ، فرحبوا بالفكرة كثيرا والتحقت على الفور بالدورة لمدة ستة اشهر واجتازت الفحص بتفوق وبعدها نزلت للميدان.

وفي البداية كانت تخرج للميدان برفقة زملائها من شرطة السير للتعرف على آلية العمل وكافة مواقعه ،وبعد فترة قصيرة تسلمت دراجتها الخاصة وامست تمارس عملها كشرطية سائق دراجة بكل مهنية واحتراف.

وجرأتها شجعت فتيات اخريات في شرطة السير للدخول في دورة الدراجة و ثلاث شرطيات سير يعملن كسائق دراجة الان بعد ان اجتزن الإختبارات اللازمة واثبتن جدارتهن.

لا تفكر نجية بتغيير عملها لانها تحبه ولكنها تسعى لتطور نفسها فتصبح مندوبة حوادث سيارة ليكون لها صلاحية التصرف مباشرة بحال وجود اي حادث سير ولا تضطر لطلب المساعدة وترغب بدخول دورات اللغات التي توفرها ادارة الشرطة النسائية الميدانية لتستطيع التعامل مع السياح الأجانب.

وتختم نجية في البداية اعتقد اهلي انني أمزح معهم، حين اخبرتهم بانني ساكون سائق دراجة الى ان أريتهم الكتاب الرسمي فاستغربوا بداية وحاولوا اقناعي بالعدول عن الفكرة لصعوبة الموضوع وعدم اقتناعهم بقدرتي على المضي فيه، لكنهم فيما بعد وبعد ان لمسوا نجاحي باركوا لي وشجعوني.

تغريد سائق سيارة سياحية

منذ أن غادرت تغريد النادي مقاعد الدراسة الجامعية، في كلية اللغة الانجليزية لظروف خاصة وهي تطوف في الطرقات، لا تبحث عن عمل فقد وجدته سريعا وكانت من القلائل التي يمارسن مهنتها حتى يومنا هذا انها سائقة سيارة سياحية.

وهي من أوائل مدربات قيادة السيارات، وثاني سائقة تكسي عمومي، وأول سائقة سياحية في الأردن، وهي أم وجدة.

في البداية ومنذ حوالي 15 عاما حصلت النادي، وقد كانت من سكان مدينة الرمثا، على رخصة قيادة تكسي عمومي لتعمل سائقة سيارة أجرة ذلك رغم معرفتها أن هذه المهنة ليست سهلة لامرأة، وفيها الكثير من المتاعب والتحديات وربما يصعب اختراق هذه المهنة الخاصة بالرجال.

علمت تغريد أن شركة سياحية في عمان بحاجة إلى سائق سياحي، فقالت في نفسها :- لماذا لا أجرب حظي؟! وبالفعل عندما ذهبت لتقديم طلب الوظيفة اعتقد الجميع هناك أنها تريد التقدم إلى وظيفة إدارية، لكنهم فوجئوا بأنها تريد وظيفة سائق تكسي سياحي في الشركة، فقبلت بهذه الوظيفة الجديدة.

وعن عملها أوضحت تغريد أنها عملت سائقة سيارة في شركة الشخشير السياحية لعدة سنوات في ظل تحديات وتصميم على النجاح رغم الظروف الصعبة التي كانت واجهتها كإمرأة تقود سيارة للسواح والأجانب وغيرهم، في رحلات من عمان إلى مناطق أثرية وسياحية مثل البتراء والبحر الميت والعقبة ومناطق سياحية أخرى.

تتمتع تغريد بالشجاعة والموهبة قيادة التكسيات والباصات، إذ تقول كنت في أحيان كثيرة أقود السيارة في مناطق صعبة وطرق ضيقة وترابية، وأحمد الله سبحانه الذي أعطاني الجرأة والصبر والقدرة على الاستمرار بهذا العمل المتعب.

وأضافت كان عليَّ الالتزام بمواعيد رحلات السواح بالساعة والدقيقة والجدية والمثابرة بغض النظر عن الطقس شتاءً أم صيفاً نهاراً أم ليلاً، وكنت ألتزم دائماً بالمواعيد والسواقة الحذرة دون عقبات والحمد لله تمكنت من أداء عملي على خير وجه واحيانا كنت أذهب وأعود من وإلى البحر الميت عشر مرات في اليوم، ونتيجة لذلك قامت الشركة بتكريمي على نجاحي في عملي بالشهادات والجوائز ومنها مثلاً جائزة أفضل موظف من بين 50 سائقاً من الذكور.

وفي مرحلة أخرى من مشوار التحدي في مهنة قيادة السيارات عملت تغريد سائقة سيارة لدى منظمة الأمم ا لمتحدة في برنامجها للأغذية العالمي في الأردن، وسط استغراب الكثير من السائقين الذين استهجنوا تلك السائقة التي تحاول اختراق هذه المهنة التي اقتصرت دائماً على الرجال فقط فكانت أول امراة تعمل في هذا المجال لدى الأمم المتحدة في عمان.

ولفتت : كنت أسوق السيارة في مدينة العقبة مرات ليلاً ومرات نهاراً ولا أشاهد أية امرأة تسوق سيارة خصوصية هناك، وكنت ضمن عملي أذهب إلى كثير من المناطق الأردنية حيث لم أكن ألاحظ نساء يقدن السيارات الخصوصية إلا فيما ندر.

عملت تغريد أيضا سائقة سيارة في برنامج المساعدات، ولم تكن الأمور بتلك السهولة لدى زملائي من الرجال ، فكيف تدخل امرأة تنافسهم في مجالهم ؟! هكذا كانوا يعتقدون ويقولون.

تقول تغريد بالفعل سائقات الأجرة في الأردن قليلات جداً، وربما نستطيع حصرهن بعدد أصابع اليد الواحدة ولهذا يكون رد فعل الزملاء في مهنتي على ذلك الوجه.

ومن تجاربها الأخرى في العمل قبل سنوات عملت تغريد «بحارة» على خط الشام قديماً عندما كانت تقطن في مدينة الرمثا الأردنية ، وبادرت الى، تضمين سيارة، وكانت ثاني امرأة في الأردن تقوم بهذا العمل حيث تذهب إلى الشام وتعود للأردن لتشتري وتبيع البضائع والسلع التجارية.

هذه السيدة الرمثاوية ذات المراس الصلب في حياة العمل عاطلة عن العمل حاليا لظروف خارجة عن ارادتها وتتعلق بفرص العمل ، لا ترى وجود فروق جوهرية في أي عمل أو مهنة بين الرجل والمرأة ، فإن نساءنا قد أثبتن ومازلن أنهن قادرات على شغل أي وظيفة مهما كانت صعبة أو خشنة مرهقة.

Exit mobile version