الزلازل نتيجة اهتزاز مفاجئ وسريع بسبب تحرك طبقة الصخور تحت الأرض او بسبب نشاط بركاني او صهاري، بالإشارة الى انها تحدث فجأة دون سابق انذار وفي أي وقت. وقد ينتج عنها ضحايا واصابات ودمار في النفس البشرية والممتلكات وتعطيل الحياة بكل ما للكلمة من معنى للألم والوجع.
كما انها ظاهرة طبيعية قد تحدث بسلسلة من الاهتزازات الارتجاجية وتؤثر سلبا على الناس الذين تعرضوا لهذه الكارثة او لمن هم ابعد او خارج هذه الدائرة الا انهم مروا بنفس التجربة.
الاتراك والسوريون نتيجة الزلزال في حالة من الصدمة، وهذه الواقعة ارخت بثقلها على اللبنانيين الذين لم يستفيقوا من صدمة تفجير مرفأ بيروت بعد، كونها الفاجعة الأقرب زمنيا لهم. كما ان مشاعر الهلع لم تندثر حتى اللحظة خوفا مما يسمى “بتوابع الهزات الارتدادية” والتي قد تكون بوتيرة اقل الا انه بحسب الباحثين في هذا المجال الخطورة تبقى قائمة.
يقول سليم من طرابلس-الميناء لـ “الديار:” كنت نائما وشعرت ان سريري يهتز استيقظت ومشاعر الرعب والخوف تنتابني، للوهلة الأولى ظننت ان ما حدث كان بسبب العاصفة وعندما حاولت النهوض لم أستطع وشعرت بالدوار وبدأ الخوف من ان يسقط المنزل فوق رأسي، وان حدث اين سأذهب”.
ويتابع، “الاضطراب ما بعد الصدمة ومعرفة ما حدث في اليوم الثاني والخوف تضاعف من ان تتكرر هذه الحادثة، ويلفت الى انه مع كل صوت هواء او رعد بتنا نخاف وأصبحنا نعتقد انها ربما ستكون هزة ثانية وخاصة اننا في لبنان لدينا استعداد لحدوث هكذا زلازل قد تكون مدمرة وحدثت في الزمن البعيد وما شعرت به وعائلتي كان شعورا مزعجا ومخيفا”.
الإيجابية نصف الحل
عن تمكين النفس لمواجهة ومجابهة الخوف من الزلازل المعالجة والمنتسبة لنقابة الاختصاصيين النفسيين في لبنان جان دارك حنا سعد تقول لـ “الديار”: دائما على المرء في حوادث مماثلة للزلازل والكوارث ان يتصف بالهدوء ويبدأ بكلام تحفيزي مع ذاته على سبيل المثال ان يقول:” روق روق او عليّ ان أبقى هادئا/ة وانا قادر/ة على استيعاب ما يحدث وعليّ التصرف بحكمة ” ومحاولة تذكر الارشادات التي يجب ان نتبعها أو نعتمدها أثناء حدوث الزلازل”.
كيفية التعامل مع الأطفال
تشرح جان دارك عن هذا الجانب فتقول، “على الفرد ان يبدأ التحدث مع أطفاله ويحتضنهم ويطمئنهم بأن الهزة ستنتهي بعد قليل. وترشد، الى ضرورة اتباع بعض النصائح للأشخاص الذين شعروا بالهزة وولّدت في داخلهم مشاعر القلق والخوف أن يعمدوا الى افراغها ولا يكبتوها في داخلهم كيلا تسبب لهم مع الوقت هزة ارتدادية نفسية ينتج عنها رجرجة في شخصيتهم وذلك من خلال بعض الارشادات التي يستطيع أي فرد القيام بها”.
ارشادات
تفصّل جان دارك الوسائل التي يمكن اتباعها على النحو التالي: “على الفرد ان يمارس تمارين الاسترخاء الجسدي، الى جانب ترويض العقل على جذب الأفكار العقلانية كأن يقول لنفسه:” ان احتمال حدوث زلزال آخر ضئيل جدا، ولماذا يجب ان أقلق واخاف من أمر نسبة حدوثه أقرب الى العدم”.
وتتابع، “عدم الاستسلام للأفكار السلبية او تضخيمها، بل السيطرة عليها من خلال ممارسة اي عمل يشغل الفرد عن التفكير والحديث المستمر عن الخوف او الموضوع ذات نفسه”.
وتردف، “الثقة بالنفس من اهم العوامل للتغلب على أي أزمة او مصيبة وتترجم من خلال ممارسة التأكيدات الإيجابية ومزاولة الاهل او البالغين بعض التمارين الرياضة حتى لو في المنزل، وتنصح في حال كان يوجد أطفال ان يتم اشغالهم بنشاطات كالرسم معهم”.
وتتابع “يجب ان نقوم بدفعهم للتعبير عن مشاعر القلق التي عاشوها عند حدوث الهزة. أيضا تحضير الطعام وتناوله معا يبدّل أجواء البيت السلبية ويدخل الفرح ويدحض الخوف. وتضيف، كما ان مشاهدة فيلم مضحك او التسلية بألعاب عائلية قد يقلب الأجواء ويغيرها بشكل كلي وتنصح، بضرورة احتضان الأولاد وتقبيلهم عدة مرات خلال النهار واسماعهم كلاما جميلا وتحفيزيا لان هذه الأمور تزيد من افراز هرمونات السعادة”.
وتلفت الى انه بهذه الإرشادات نعيد القليل من أجواء البهجة والطمأنينة والأمان لأطفالنا ولأنفسنا”.
وفي هذا الإطار تقول جان دارك، انا تعمدت التركيز أكثر على الشعب اللبناني كونه يعيش هزات اقتصادية واجتماعية مستمرة ويقوي نفسه بنفسه وما يميزه جبروته وصلابته وايمانه الراسخ بوطنه فهو يعي كيف ينهض ويجاهد ولا يركع أمام الصدمات كما انه دائم الكلام مع نفسه بإيجابية بحيث يقول لها: “أنا قوي وشامخ مثل أزر الرب”.
هل اللبنانيون يتأثرون بهذا النوع من الأحداث والكوارث أكثر نتيجة ما مرّ بهم:
في هذا السياق تقول جان دارك، نعم الشعب اللبناني يتأثر أكثر من غيره لأنه يعيش في الوقت الحالي أزمة كبيرة على صعيد تأمين الحاجات الأساسية مثل المسكن والعلم والطبابة، والدفء الخ.
ولو فقد بيته الذي هو بمثابة المأوى الوحيد المتبقي له، ماذا سيفعل، واين سيذهب وكيف سيعوض الخسارة ومن سيساعده، والدولة غائبة عن الإحساس بوجع الناس ولا تلتفت لمصائبهم او لما يعانونه.
وتتابع الشعب يعيش يوميا هزات ارضية لأن الأرض تتزلزل تحته كلما ارتفع أو أنخفض الدولار ويقضي اليوم بطوله يفكر كيف سيلبي احتياجات عائلته، بحيث يعيش في بلد يفتقد للأمن والأمان والسلام ولا تتوفر فيه أدني الشروط المعيشية للإنسان”.
وتردف، “الصدمة النفسية هي استجابة لا إرادية لحدث مرهق للغاية وأكبر من الاستيعاب، مثل الوجود في منطقة حرب أو كارثة طبيعية، كما قد تحدث نتيجة أمور معنوية، مثل التعرض لموقف محرج أو قاسٍ عاطفيا”.
وعما إذا كان يوجد رابط بين الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا والهلع الذي عانى منه اللبنانيون عند تفجير مرفأ بيروت، تقول جان دارك، “من الممكن أن يكون هناك ارتباط لعامل الخوف بين الهزة الأرضية التي شعرنا بها وانفجار المرفأ، خاصة المواطنين الذين يقطنون في بيروت، لأن الإنسان عندما يخاف تبدأ الأفكار السوداوية تسيطر على تفكيره وعقله خاصة انه كان ثالث أكبر انفجار في العالم ومن الصعب نسيان ما حدث ويبدأ الفرد يسأل:” ما هذا الصوت؟ ماذا سيحدث؟ هل سيسقط البيت علينا؟ هل سنموت؟ ماذا يجب ان نفعل؟ كيف سأحمي أولادي الخ….
تتابع ” أفكار غزيرة مرعبة ومخيفة تتعلق بمصيرنا تبدأ تراود مخيلتنا التي ما انفكت عن تذكر السيء والاسوأ فتنهمر بشكل قوي مثلما كان المطر ينهمر بغزارة وأمواج البحر عالية لهذا السبب ظن الناس بأن هذا صوت العاصفة “فرح”، ومن استيقظ في صباح اليوم التالي استوعب انها ناتجة عن الهزة الأرضية التي ضربت تركيا وان التهديد يمكن ان يطال أي فرد فيسقط سقف البيت عليه ويفقد المأوى او يموت الخ” …
وتخلص جان دارك للقول، “بعد الادراك بما جري تنتاب الإنسان المشاعر السلبية على أنواعها مثل: الرعب – القلق – الخوف – الفوبيا – نوبات هلع ثم ينتج التصرف الذي سيقوم به، هل ينزل الى الشارع او يبقى في البيت. الا ان اصوات الناس المتعالية في الشارع وردود افعالهم تؤثر على القرار الصائب الذي يجب ان يُتخذ لذا علينا التصرف بحكمة.