بات واضحا ان الحديث عن حرب على الجبهة الشمالية لم يعد مجرد تصعيد وتهديد كلامي، او تكهنات، بل هو واقع فعلي دخل حيز التنفيذ من سوريا الى لبنان، خصوصا في ظل الدخول الاميركي العسكري المباشر على الخط، مع زيارة قائد القيادة الوسطى الاميركية الجنرال “كوريللا” قيادة الجبهة الشمالية في الجيش “الاسرائيلي”، والاطلاع على تفاصيل الخطط الموضوعة، ومدى الحاجة الى التدخل الاميركي، في مقابل دخول قوات روسية معززة الى منطقة القنيطرة في الجولان وامساكها بالتلال المشرفة على منطقة الجولان.
وبعيدا عن الكلام المتداول عن خطط “اسرائيل” العسكرية الهجومية، تتحدث تقارير استخباراتية غربية عن “وحدة مسار ومصير” سورية – لبنانية، حتمتها استراتيجية محور الممانعة، اذ من الناحية النظرية يمكن وصف المشكلة الاستراتيجية المرتبطة بسوريا وفقا للاتي: تعتبر دمشق القاعدة الرئيسية للمحور على حدود إسرائيل، و “أنبوب الأوكسجين” لحزب الله في لبنان، اذ من دون نظام متعاطف في دمشق، لن يتمكن الحزب من الحفاظ على قوته لفترة طويلة، باعتبار ما تشكله بلاد الشام من “مجال حيوي”، وعمق جغرافي له لا يستهان به، سمح بتغيير الكثير من التوازنات، لعل آخرها في حرب 2006.
وعليه، تصف التقارير سوريا بـ “محور فيلادلفيا” على الجبهة الشمالية مع لبنان، نسبة إلى محور” فيلادلفيا” المرتبط بغزة، فضرب هذا المحور لا يقل أهمية عن محور “فيلادلفيا” الجنوبي في غزة، ويجب تعريف خطوة استهداف المحور المذكور كأحد الإنجازات المطلوبة للحملة على الجبهة الشمالية عسكرياً وديبلوماسياً، على ما تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت.
وتتابع المصادر نقلا عن التقارير ان من اهداف اي عملية عسكرية، ليس فقط ابعاد حزب الله عن الحدود الى ما بعد شمال الليطاني، بل وايضا إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود السورية – اللبنانية، بما من شأنها أن يفصل لبنان عن سوريا ويقطع الاتصال المادي المباشر بين إيران وحزب الله.
وتشير المصادر الى ان الغارات العنيفة والمركزة التي شهدتها سوريا خلال الساعات الماضية، والتي استهدفت منطقة مصياف، شكلت صفارة الانطلاق للحرب التي يحكى عنها، اذ كان الهدف منها ضرب البنية التحتية التي انشأتها ايران من اجل تسريع تمرير الاسلحة الى حزب الله في لبنان،على اعتبار سوريا “ارض عبور”، اذ خلافا لكل التحاليل ارتبطت استراتيجية المحور التي قامت على انشاء مصانع للتصنيع الحربي الثقيل، من صواريخ دقيقة ومسيرات في سوريا، بهدف “تقصير مسافة الطريق البري” الذي تسلكه قوافل السلاح من ايران الى سوريا عبر العراق، والتي تعطي هامشا واسعا “للاسرائيلي” للتحرك، ومحاولة احباط هذه العمليات، وهو ما حصل اكثر من مرة خلال السنوات الاخيرة، وادى الى الحاق الخسائر وتأخير عملية اعادة تسليح الحزب.
امر ردت عليه “تل ابيب” في اطلاق عملية “قص العشب”، حيث توقعت المصادر ان تشهد الايام المقبلة تفعيلا للعمل الجوي فوق سوريا، والذي تشارك فيه طائرات استطلاع اميركية متطورة، مجهزة باحدث معدات المسح والحرب الالكترونية، والتي تكاد لا تغادر الاجواء الممتدة من السواحل “الاسرائيلية” وصولا الى تركيا، وباتجاه الداخلين اللبناني والسوري، في عملية رصد وجمع معلومات.
وتخلص المصادر الى انه من مصلحة “إسرائيل” العمل ضد جميع مكونات الساحة الشمالية دفعة واحدة، والخروج من حدود الميدان التي تريد إيران وحزب الله رسمها “لإسرائيل”، من أجل تشكيل واقع اليوم التالي للحرب في الساحة الشمالية بشكل مختلف.