“طوفان الأقصى”. هو انقلاب على كل المعادلات، أياً تكن النتائج وردود الفعل الإسرائيلية، فقد حققت المقاومة الفلسطينية انتصاراً مسبقاً. ثمة من سيقفز فوق العار الذي لحق بإسرائيل في عبور خط بارليف، ويتذكر هذا العبور من غزة بعد خمسين عاماً. هو حدث سيغطي على كل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط.
لما جرى ويجري، أكثر من وجه ولن يكون من السهل قراءة نتائجه. في الجانب الفلسطيني، يؤشر ذلك إلى دخول السلطة الفلسطينية في حالة شيخوخة وانعدام القدرة على مواكبة التطورات في الضفة وغيرها وهو أيضاً من نتاجات كل التعنّت الإسرائيلي ورفضه للمبادرات العربية للسلام أو لحلّ الدولتين.
أما في الجانب الإقليمي، فلا يمكن إغفال الواقع الإيراني الجديد الذي تفرضه طهران من خلال تحالفها مع حماس والجهاد، وبالتأكيد أنها لاعب أساسي على الساحة الفلسطينية، ولا يمكن لأي طرف أن يذهب إلى اتفاقات تطبيع بدونها.
أما البعد الثالث، وعلى صعيد النتائج السياسية في إسرائيل، فينعكس على حكومة نتنياهو، التي لا يمكن أن تكمل، وهو ما سيفرض واقعاً جديداً يودي إلى انتخابات سريعة وجديدة.
حرب وليست معركة
إذاً هي حرب وليست معركة، ولن يكون من السهل وقفها عبر اتفاق وقف إطلاق نار. من أولى تداعياتها، إنهيار الحكومة الإسرائيلية ومتطرفيها وما أنتجوه. فيما ينهي بنيامين نتنياهو حياته السياسية بأكبر فشل سياسي وعسكري كبير منذ العام 1993، فيما العملية من شأنها أن تقطع مسار التطبيع مع اسرائيل.
في جزء منها أيضاً، يمكن أن تكون تتمة للحرب الإيرانية في المنطقة، والتي يمكن للبنان في أي لحظة أن يدخل فيها ويكون ضمنها في إطار معادلة وحدة الجبهات أو الساحات. هذا الأمر سيكون بحاجة إلى تقييمات متعددة، فلا بد من مراقبة مسار الأحداث وتطوراتها، وكيفية انتقال الامر داخل فلسطين، وبعدها يمكن الحديث عن تدخل مكونات محور المقاومة، أو الجبهات الأخرى، وإذا كان هناك حاجة للتدخل تبعاً لحجم النار والجرائم التي قد يرتكبها الإسرائيليون.
طبعاً لا بد من مراقبة مسار الردّ الإسرائيلي، ففي المرحلة الأولى ستكون لممارسة فعل الإنتقام، أما بعدها فلا بد من متابعة قرار الحكومة الإسرائيلية، وهل ستنتقل العمليات أو الإنتفاضة إلى الضفة الغربية وعرب 48؟ .
تأثير على مسارات المنطقة
إنها اقسى الضربات التي يتعرض لها الكيان الإسرائيلي. هي استباقية بلا شك، لها أكثر من هدف. اولها السيطرة على الأرض، وأن تكون المقاومة الفلسطينية هي الطرف المبادر في العمليات. كما أن تأثير نتائجها سيكون كبيراً على المنطقة ومساراتها ولا سيما مفاوضات التطبيع، فالعملية ستغير كل المسارات التي كانت قائمة. ويجدر التوقف عند السؤال الأساسي المتعلق بما تطالب به حركة حماس حول توسيع الجبهات وانخراط مجموعات مقاومة أخرى في الصراع، وبالتالي هل يمكن أن تتطور المعركة لتطاول جبهات متعددة؟ الأمر يرتبط بمسار العمليات.
محاكاة مخطط حزب الله
بالنسبة إلى حزب الله فإن ما جرى هو مشابه لكل ما يخطط له الحزب في تحضيره للعبور من جنوب لبنان عندما تحين اللحظة، والأهم أن عديد قوات حزب الله المهاجمة سيكون أكبر بكثير من المقاتلين الفلسطينيين الذين عبروا من غزة.
في هذا السياق، لا بد من استذكار المناورة العسكرية الكبرى التي أجراها الحزب قبل فترة في منطقة عرمتى والتي كانت تحاكي خطوات العبور. بالتالي، لا يمكن اسقاط معادلة “غرفة العمليات العسكرية المشتركة” التي تم انشاؤها منذ فترة على صعيد محور المقاومة. لكن توسيع إطار الجبهات وفتحها، يبقى مرتبطاً بما سينتج عن مسار الحرب أو المعركة، لأن اسرائيل ستكون مقيدة بمسألة السعي لإطلاق سراح أسراها. إنه مشهد جديد في المنطقة، ولا إمكانية لرسم ملامحه حالياً.