مع إقفال مهلة تسجيل اللوائح منتصف ليل أمس في وزارة الداخلية، بدا واضحاً أن الإنتخابات النيابية المقبلة ستكون مختلفة من حيث الشكل والمضمون والدلالات والأبعاد والرسائل الداخلية والخارجية عن كلّ سابقاتها، حيث أن حتمية حصول هذه الإنتخابات لم تعد في مدار الشك، بل على العكس فقد برزت مناخات سياسية محلية ومؤشرات ومواقف ديبلوماسية خارجية، وتؤكد كلّها على الإنخراط في السباق الإنتخابي مهما كانت النتائج والإثمان.
وإذا كانت الملفات المالية والإقتصادية والمعيشية، تمثل غيوماً في سماء الإستحقاق وتنعكس سلباً على التعاطي الشعبي من حيث نسبة الإقبال المرتقب على المشاركة بالإنتخابات النيابية، فإن مصادر سياسية مواكبة للحراك الإنتخابي الميداني، وجدت أنه على الرغم من دقّة اللحظة الإجتماعية، فإن الساحة الداخلية باتت في مدار السباق الإنتخابي الذي يتقدم على كل العناوين الأخرى، وحتى عنوان إفلاس الدولة والذي مرّ مرور الكرام، غداة حديث نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي أعلن صراحة أن الدولة مفلسة ومصرف لبنان المركزي مفلس، وأن الفجوة المالية باتت 72 مليار دولاراً أميركياً.
وكشفت هذه المصادر، أنه وعلى الرغم من صعوبة المرحلة وربما مأساويتها في المرحلة الراهنة، فإن ما ينتظر الساحة المحلية خلال المرحلة المقبلة وعلى كل المستويات السياسية والمالية والإقتصادية كما الإجتماعية، مرتبط بشكلٍ وثيق بالإستحقاق ، لجهة حصوله أو تأجيله، وإن كانت كل الأطراف السياسية تجزم بأن الإنتخابات أمرٌ واقع وقد تأخرت بعض الجهات المحلية والخارجية في الإقتناع بذلك ، وانطلقت أخيراً إلى مواكبة ما يجري من وقائع واستعدادات وحملات حشد شعبي، ذلك أن محطة الإنتخابات النيابية، ستكون بمثابة الإستفتاء على الخيارات، كما على سيناريوهات الحلول المرتقبة لكل الأسئلة والملفات المطروحة اليوم والتي يرتبط الحسم فيها بصورة وطبيعة الإصطفافات السياسية المقبلة والتي ستتشكّل بعد الإنتخابات النيابية.
وعلى أساس النتائج هذه، تُضيف المصادر المواكبة، سيرتسم مشهد ما بعد الإستحقاق النيابي، وبالتالي فإن كلً الأطراف الداخلية وعلى اختلاف انتماءاتها السياسية والطائفية، سواء كانت من القوى السياسية التقليدية أو «التغييرية»، منشغلة اليوم بعملية حجز مقاعدها في المجلس النيابي. وتستدرك المصادر مؤكدة صعوبة حصول مفاجآت على مستوى المشهد العام، في ضوء الإنقسامات الواضحة في غالبية الدوائر الإنتخابية واستحالة التقاء أطراف ومجموعات يحملون العناوين ذاتها، لأنه لو حصل هذا الإلتقاء، خصوصاً في أوساط «مجموعات التغيير» و «انتفاضة 17 تشرين الأول»، كان من الممكن الحديث عن معادلات جديدة أو عن قلبٍ للطاولة، وتغيير سياسي ومشهد جديد في المجلس النيابي المقبل.
وفي رأي المصادر نفسها، فإنه من الصعب أن تحسم أي جهة ومنذ اليوم، وفي ضوء التحالفات التي تكرست عبر اللوائح الإنتخابية النهائية، وجهة الإستحقاق وهوية الأغلبية النيابية، ولكن بصرف النظر عن هذا الواقع، يبقى أن الهمّ المعيشي والواقع المالي سيعود ليحتلً الأولوية في مرحلة ما بعد الإنتخابات المقبلة.