يقول زائرو السعودية الذين التقوا مسؤولين رفيعي المستوى فيها،ان صفحة الرئيس سعد الحريري قد طويت نهائيا ولاعودة الى الوراء، ونقل هؤلاء الزوار ان مساعي الرئيس الفرنسي ماكرون مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في محاولة لتعويم الحريري والصفح عنه لم تفلح. وكشف هؤلاء الزوار ان بن سلمان زاد منسوب غضبه على الحريري، ومستاء جدا منه لتوسطه الرئيس الفرنسي الذي سمع كلاما من ولي العهد فهم منه اصرارا على طي صفحة الحريري…
الموقف السعودي الحاسم من الحريري أربك «تيار المستقبل» من قمته الى قاعدته، لا سيما على ابواب الانتخابات النيابية، ولم يستطع لغاية الآن اي قيادي فيه اطلاق موقف واضح من هذه الانتخابات، وعما اذا كان الحريري سيخوضها شخصيا ام سيعزف عن خوضها، خاصة ان الحريري لم يقدم جوابا شافيا لسائليه من زواره في مقر اقامته بالامارات، التي احتضنته ووفرت له مساحة اطلاق عمل جديد له فيها، يستعيد خلاله دوره في عالم الاعمال بعد خسائره الفادحة في السعودية وانهيار امبراطوريته المالية التجارية ومصادرة املاكه.
اوساط سياسية اعربت عن اعتقادها ان احتضان الامارات للحريري والسماح له بتأسيس اعمال فيها، مشروط بالتخلي عن العمل السياسي، وان لا تكون الامارات منصة سياسية له كي لا تزعج السعودية، لذلك تميل هذه الاوساط الى احتمال عدم خوض الحريري الانتخابات، والاكتفاء بادارة الانتخابات عن بُعد، ريثما ترسو المنطقة الاقليمية على مشهد جديد اثر جملة متغيرات في المنطقة.
فيما ترى اوساط سياسية اخرى، ان تيار المستقبل ورئيسه لا يزالان الرقم الاول في الطائفة السنيّة، رغم ما اصاب التيار من عثرات وانكفاء، ابرز اسبابه تخلي السعودية عنه وغدر حلفائه به، ولهذا السبب ليس هينا ان يتخلى الحريري عن تياره العريض شعبيا ، وان يتركه عرضة للتناتش بين عدة تيارات تحاول الحلول بديلا عنه ،علما ان الادارة السعودية قد اختارت البديل وحسمت امرها في اتجاه «القوات اللبنانية» وبات قائدها سمير جعجع « الممثل الشرعي الوحيد» للسياسة السعودية في لبنان، والمطلوب من الآخرين الانضواء تحت هذه العباءة لخوض المعركة الانتخابية المقبلة، والتمويل الفائق ليس مشكلة…
الساحة الاسلامية السنيّة وسط هذه الظروف وما يعانيه الحريري، باتت تفتقر الى مرجعية سياسية تمثلها وتقودها، واقطاب هذه الطائفة يرددون في مجالسهم ان طائفتهم تعاني منذ زمن ولا تزال.
لكن هناك من يشير الى ان الرئيس ميقاتي الذي عاد الى رئاسة الحكومة بتوافق ودعم «نادي رؤساء الحكومة السابقين»، وفي طليعتهم الحريري، تمكن من ان يُشكل حالة في الوسط السني، خاصة في مدينته طرابلس التي فاز فيها العام ٢٠١٨ بالمرتبة الاولى متفوقا على «المستقبل»، وانه منذ أن تلقف كرة النار من يد الحريري يخوض معركة تثبيت موقعه السياسي على الساحة السنية خاصة واللبنانية عامة، في ظل ظروف صعبة للغاية، لكنه يستند الى دعم دولي يؤهله لان يتولى موقع المرجعية في الطائفة التي لم يفرط بها ولا مرة، ويحل بذلك بديلا عن «تيار المستقبل» من اليوم والى مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية…