شعر الإنسان المقصوص سماد طبيعي للبيئة ويدخل في إعادة التدوير لامتصاص التلوّث من المياه

Share to:

الديار: ندى عبد الرزاق

إعادة تدوير الشعر المقصوص بجمعه عن الأرض من صالونات الحلاقة الرجالي والنسائي على حد سواء، عبر آلة خاصة يُوظّف في مجالات شتّى، قد يستهجن الكثيرون لفوائده، عدا انه يستعمل كـ HAIR EXTENSION للنساء، فهو سماد طبيعي للبيئة. وقد انتشرت هذه الظاهرة في بلجيكا بقيادة منظمة تدعى DUNG وهي جمعية غير ربحية، يعود الفضل اليها في العمل على تطوير مخططات لاسترجاع النفايات.

اللافت، ان جوهر المشروع الذي ينطلق من RECYCLING لشعر الانسان بنقله الى حصائر ذات قدرة عالية في امتصاص الملوثات البيئية. تجدر الإشارة الي ان الكيلوغرام الواحد من الشعر يمتص نحو 8 ليترات من الزيوت الضارة والمتطايرة في الهواء، ليصبح مصير الشعر المقصوص الذي كان سينتهي به الامر في مكبات النفايات، بتحويله الى مكعبات او وسادات للاستفادة منها.

«الديار» التي سلّطت الضوء عبر سلسلة من التحقيقات عن إعادة التدوير من مختلف المواد التي ترمى في النفايات بدءا من الثياب البالية، الإطارات، الزجاج، البلاستيك، الكرتون، تفتح مشروع إعادة تدوير شعر الانسان المقصوص.

وخلال جولة ميدانية على صالونات حلاقة في مختلف المناطق اللبنانية من برج حمود، البوشرية، الجديدة، فرن الشباك، عين الرمانة، الحمرا والحازمية، كان السؤال اين ينتهي شعر الزبائن المقصوص في نهاية اليوم؟ فكانت الإجابة لدى الجميع في القمامة، والدهشة كانت على وجوههم عندما اخبرناهم ان لهذا الشعر استعمالات مختلفة، عدا انها تستخدم في تركيب وصلات شعر للنساء، وتحمل أسماء مختلفة «كويكيز» «بوستيج» او «الباروكة» «اكستنشن»، منها جدايل او وصلات طويلة ومتنوعة للغرة او السوالف او كاملة، وتباع الخصلة الواحدة من الشعر الطبيعي بين الـ 30 و40 دولارا، وكل رزمة مكونة من 6 خصلات بحوالى الـ 240 دولاراً اميركياً.

أيضا هذا السؤال حملته الديار الى النائبة الناشطة في مجال البيئة نجاة عون صليبا ، التي قالت: «لا علم لي بهذا الموضوع».

اما السيدة نسرين شمص مُؤسِّسَة جمعية RECREATE فقالت: بصراحة معلوماتي ان بعض الرسامين في الغرب استخدموا الشَّعر في لوحاتهم ، عدا ذلك أقول لكم فتحتم أعيننا على مشروع رائع، وله ابعاد صناعية وبيئية مهمة وفكرة ممتازة.

عناصر يتكون منها الشعر

يتألف الشعر من عنصر يسمى «خلايا الظهارة»، وهو يتمثل بثلاث طبقات: الطبقة الأولى الأكثر عمقا ومركزها داخل الشعرة التي تشكّل «الّلب» ومكوّن من الكيراتين والكولاجين، وهو نوع من البروتين يتميز بالمرونة، والوسطى وتسمى «اللحاء» او القشرة، والأخيرة تعرف بـ «الجليدة». والطبقتان الأخيرتان تتميزان بقوة بنيوية كبيرة الى درجة ان خصلة واحدة من «الشعر» أكثر قوة من حبل نايلون او سلك نحاسي بالسماكة عينها، وهذا ما يجعل «الشَمِيلة» تصل الى 10 ملايين ضعف وزنها.

ادراج الشعر ضمن الوعي البيئي

أدرج الشعر عالميا ضمن الوعي البيئي للانتفاع به كسماد طبيعي يُطمر في التربة مباشرة او بعد خضوعه لعملية التحلل. ويتميز باحتوائه على «النتروجين» المهم للنباتات، كما ان هذه العملية يمكن لأي فرد القيام بها من تلقاء نفسه بدفنه في حديقة المنزل، بدل رميه في النفايات، والتي قد ينتج منها التخمّر والحشرات، والمزيد من الروائح النتنة، والتي تعد بيئة خصبة لتكاثر الجراثيم.

ويحرص البيئيون عادة على حماية الطبيعة بشتى الوسائل الى حد الابتكار والابداع والتفنن، ومن هنا ظهرت فكرة إعادة تدوير الشعر، عدا انه ضرورة للطبيعة، يوظّف اليوم في امتصاص تسرّب البقع النفطية في البحار والمحيطات والبحيرات قبل ان يصل الى الأنهر او وضعه في مصارف المياه لاحتوائه على خواص فائقة الفاعلية والكفاءة.

وفي هذا السياق، وبحسب الأبحاث التي قام بها العلماء، تبيّن ان استخدام الشعر ذات جدارة عالية، وأهم من أي وسيط آخر الى جانب قدرته على امتصاص الدهون الهيدروكربونية، فهو يتميز بقابليته للذوبان لما يحتويه من «الليونة» بسبب غناه بالألياف، وقد ثبتت فاعليته في كل انحاء العالم لامتصاص التسرّب النفطي في البحر على نحو ما حدث في تموز 2020 مع البقعة النفطية الناجمة من غرق ناقلة يابانية قبالة سواحل جزيرة موريشيوس.

الى جانب كل ما تقدم، استطاع مشروع HAIR RECYCLE بتغذية الخيوط والاقفال في آلة تحولها الى مربعات غير لامعة، يمكن توظيفها لغبْ الزيت والمواد الكيميائية التي تلوث الوسط او إعادة تدويرها الى أكياس من المركبات الحيوية.

وأصبح استعماله بما يشبه الوسادات او الحصائر الكبيرة المصنوعة من الشعر البشري المتشابك، جزءا أساسيا للحد من كوارث التسرّبات وما قد ينتج منها، وذلك منذ التسعينيات.

وما يجدر التطرق اليه بحسب العلماء والباحثين ان الشعر البشري يتفوق على الحيواني، لما يحتويه من خواص لها قدرة على الامتصاص.

على مقلب انساني بحت، تشجع جمعيات خيرية عالمية على التبرع بالشعر لمصلحة المرضى الذين يعانون من امراض سرطانية او تلك التي تسبب سقوط الشعر.

منتجات أخلاقية

تجدر الإشارة، الى ان من يدعمون هذا المبدأ يقولون ان هذه المنتجات أخلاقية الى حد كبير، بحيث يمكن تدويرها محليا، ولا ضرورة لاستيرادها من الخارج للتعامل مع المشاكل المحلية.

وفي سياق متصل قالت مؤسسة «يوروفينز» في بيان اصدرته حول الموضوع: «في الوقت الحالي، تتم معالجة تسرب الزيت بجوارب ماصة مصنوعة من مادة «البوليبروبيلين» غير قابلة للتحلل الحيوي، ومع ذلك يمكن استخدام منتجات الشعر من DUNG لتخفيف هذه الغاية، مثال على ذلك معالجة التسرب من خزان الزيت، في محطات VHU لتفكيك المركبات، واحواض الشحوم في الموانئ والممرات المائية اضافة الى استعماله لحل مشاكل التلوث بسبب الفيضانات».

الشعر لتغطية ارضيات

الملاعب وتنظيف البحر

وترى مجموعة «غرين صالون» ان كمية النفايات التي يولدها قطاع تصفيف الشعر في بريطانيا، كفيلة بملء 50 ملعبا لكرة القدم سنويا، ويسهم كذلك في تنظيف البحر. ولفتت الى ان معظمه يذهب الى قوالب القمامة، بما في ذلك أوراق الالمنيوم وانابيب الصباع و99 في المئة من الشعر المقصوص.

وتمثل النفايات الكيميائية كمستحضرات التنعيم والتبييض مشكلة المشاكل لسكب كميات هائلة من بروكسيد الهيدروجين والامونيا ومنتجات أخرى في احواض التصريف لديهم. 

Exit mobile version