يُعد الاعتناء بصحة الأسنان جزءا أساسيا من الرعاية الشخصية اليومية، لما له من تأثير مباشر في الصحة العامة والجمالية. فبالإضافة الى ضمان مظهر جذاب وابتسامة مشرقة، تسهم الاسنان السليمة في الحفاظ على الصحة العامة، وتجنب المشكلات الصحية “العويصة”، وتقي الاسنان من العديد من الأمراض، التي قد تبدأ من الفم وتنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم. لذا، يعتبر الاهتمام بتنقيتها واعتماد المستحضرات المناسبة امرا ملحّا.
من بين هذه المنتجات، تبرز العلكة الخالية من “الزيليتول” كخيار مفيد، اذ يُعتقد أنها تساعد في تقليل تكوين البلاك وتسوس الأسنان، بفضل قدرتها على تحفيز افراز اللعاب الطبيعي، الذي يطهر الأسنان من بقايا الطعام ويحيّد الأحماض الضارة، مما يعزز حماية الأسنان ويحافظ على صحتها بشكل طبيعي وآمن.
ما هو هذا المحلي؟
الزيليتول هو نوع من الكحوليات السكرية يُستخدم كمحلي في العديد من المنتجات الغذائية، ويُستخلص من مصادر نباتية مثل الذرة أو شجرة البتولا. ويتميز باحتوائه على سعرات حرارية أقل من السكر العادي، ولا يرفع مستويات السكر في الدم بشكل كبير، مما يجعله بديلا شائعا لمرضى السكري. علاوة على ذلك، يُعرف بفوائده للأسنان، فهو يساعد في تقليل نمو البكتيريا المسببة للتسوس، ويُعزز صحة الفم بفضل تأثيره المضاد للبكتيريا والحمض.
النبذ الاجتماعي!
رغم الفوائد المعروفة للعلكة في تحسين صحة الأسنان وزيادة التركيز، فإنها تواجه بعض الرفض الاجتماعي، بحيث يعتبر مضغ اللبان في العديد من الثقافات غير لائق، خاصة في الأماكن العامة أو خلال المناسبات الرسمية. يعكس هذا الاعتبار الاجتماعي تفضيلات مجتمعية ترتبط بالسلوكيات المقبولة والمرفوضة. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن للعلكة جوانب إيجابية لا يمكن تجاهلها. فبجانب دورها في تنشيط تدفق الريق والحفاظ على نظافة الأسنان، أظهرت بعض الدراسات أن مضغ اللبان يمكن أن يعزز التركيز والانتباه، بخاصة أثناء أداء المهام التي تتطلب اليقظة الذهنية. لذا، ورغم هذا الاستنكار الاجتماعي، تظل العلكة خيارا صحيا وعمليا عند استعمالها بشكل ملائم وفي الأوقات المناسبة.
التسوس مرض شرس!
توضح الاختصاصية في طب أسنان الأطفال الدكتورة نهلة بدر لـ “الديار” أنه “يجب معالجة التسوس لدى الأطفال من خلال تسليط الضوء على الوسائل التي تمنع حدوثه. وقد تنتج من هذه المشكلة في بعض الأحيان التهابات وخراجات، مما يضطر الطفل إلى التغيب عن المدرسة بسبب ارتفاع الحرارة”. وتشير إلى “أن بعض الحالات قد تستدعي دخول المستشفى لتلقي المضاد الحيوي عبر الحقن، بسبب وجود خراج في الأسنان. لذا، تُعد الوقاية من هذه الحالة أمرا أساسيا، وعلى الأهل حماية أطفالهم من هذه الظاهرة المهلكة”.
طرق الوقاية
وتتحدث عن “إحدى الطرق الفعالة في حماية الأطفال من التسوس، وهي استخدام العلكة الخالية من السكر التي تحتوي على “الزيليتول”، وهو مكون طبيعي يستخلص من الخضراوات. وقد أثبتت الدراسات أنه يمنع حدوث التسوس، ويحسن نوعية اللعاب الذي يُفرز أثناء مضغ العلكة، كما أنه يقيّد البكتيريا التي تسهم في تفاقم العفن. بالإضافة إلى ذلك، يعيق هذا العنصر تكون البلاك أو التكلس على الأسنان، وهو عبارة عن ترسبات صفراء أو بنية اللون تتشكل عندما يتمعدن البلاك على الأسنان. لذا، تضاف هذه المادة إلى صناعة العلكة لتحفيز إنتاج الريق الجيد في الفم”.
وتلفت الى ان “ان الأكاديمية الأميركية لطب أسنان الأطفال أوصت بإنشاء دليل ارشادي يتبعه جميع أطباء الأسنان، ينصح بأن يمضغ الطفل العلكة خمس مرات في اليوم، أي بعد كل وجبة كاملة أو خفيفة، وذلك لمدة 20 دقيقة، مشيرة الى ان هذا الوقت كافٍ لحماية الأسنان من التآكل وتحسين مستوى الريق”.
وتشدد على أنه “من المهم عدم بلع العلكة التي تحتوي على “الزيليتول”، حيث قد يتسبب ابتلاعها بغازات في المعدة أو إسهال. وعلى عكس الإنسان، لا يمكن إعطاؤها للكلاب لأن هذا المكون قد يؤذيهم وينجم عنه تشنجات وأعراض خطرة أخرى”.
وفي الختام تقول بدر: “من المستحسن ان يمضغ الأطفال العلكة، نظرا لمنافعها العديدة لصحتهم، رغم أنها عادة غير مرغوبة اجتماعيا”. ونبهت إلى “وجوب استخدام معجون أسنان يحتوي على “الفلورايد” والمواد المغذية، بناء على ارشادات الأكاديمية الأميركية لطب أسنان الأطفال، التي توصي بعدم وضع الماء على المعجون للكبار والصغار، للحفاظ على المادة التي تعزز تحصين الأسنان (الفلورايد). وبعد الانتهاء، يجب بصق الخليط دون شطف الفم ليدوم تأثير الدواء في الأسنان لأطول فترة ممكنة”.
تحسين الأداء الذهني والتركيز
لماذا يوجه الاختصاصيون النفسانيون الأطفال إلى مضغ العلكة؟ توضح الاختصاصية النفسانية والاجتماعية فرح “أن السبب يعود إلى عدة عوامل علمية تتعلق بتحسين الأداء الذهني والتركيز. فعند مضغ العلكة، يحدث تنشيط للدورة الدموية في الدماغ، مما يقوي تدفق الدم ويزيد من التركيز واليقظة. كما أن هذه العملية تدعم انتاج مواد كيميائية في الدماغ مثل الأدرينالين والدوبامين، التي تحفز النشاط الذهني وتحسن المزاج”.
وأضافت “أظهرت بعض الدراسات أيضا أن مضغ العلكة يمكن أن ينبه الذاكرة قصيرة المدى، وينمي القدرة على التعلم من خلال إبقاء الدماغ نشطًا ومتنبها. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لهذه الممارسة تأثير مهدئ يقلل من مستويات الضغط والقلق، مما يساعد الأطفال على التعامل مع البيئات المدرسية أو المواقف التي تتطلب تركيزا. وبناءً على ذلك، يعتبر مضغ اللبان أداة مفيدة لتحسين الأداء الذهني والتحكم في التوتر، مما يجعله خيارا موصى به في بعض الحالات من قبل الاختصاصيين النفسانيين”.