المركزية – لليوم الثالث على التوالي تواصلت الاحتجاجات الشعبية بعد غياب طويل، وكان أعنفها في طرابلس حيث سقط مساء أمس مئات الجرحى توفّي أحدهم، اعتراضاً على الضائقة المعيشية التي فاقمها الإقفال العام.
ورغم أن ما يحصل في طرابلس ردّة فعل طبيعية وانعدام التحرّكات في المناطق الأخرى غير طبيعي جرّاء ما وصلت إليه الأوضاع المعيشية والصحية، يتلهّى السياسيون في اتّهام ثوار طرابلس بأنهم أداة لإيصال رسائل سياسية من قبل جهات تستغلّ وجع الناس والضائقة المعيشية، بدل البحث في سبل تأمين لقمة العيش وتحسين أوضاع سكّان المدينة.
في حديث لـ “المركزية”، اعتبر الناشط السياسي والمحاضر في “الجامعة الأميركية في بيروت” مكرم رباح أن “ما يحصل في طرابلس طبيعي، لا سيّما وأنها من أفقر المدن على حوض البحر المتوسّط ونسبة البطالة فيها جدّاً مرتفعة، ما يعني أنها أرض خصبة لاستغلال سكّانها من قبل الأطراف السياسية أو المعارضة السنية أو حتى القيادات السنية في المنطقة أو “حزب الله” المتواجد هناك عبر ما يسمّى “سنية المقاومة”، مضيفاً “الأكيد أن الدولة لا يمكنها تأمين حاجات الطرابلسيين تحديداً خلال هذه الفترة، لأن تاريخياً طرابلس محرومة لتتمكن القيادات الحزبية من السيطرة على أبنائها وابتزازهم”.
واعتبر رباح أن “ما يحصل في طرابلس غير منفصل عن الوضع العام في البلد و”كورونا” زادت الوضع المعيشي سوءاً، خصوصاً أن الجوع في طرابلس خطر جدّاً وقابل للاستغلال لكن طريقة تعاطي الدولة القمعي مع هذه التحرّكات لا يُبرر حتى لو كان المحتجون يتعرّضون للقوى الأمنية. وحتّى لو كان هناك استغلال من السياسيين لسكان المدينة فهذا لا يعني أن التحرّك غير مشروع وغير مطلوب، واللافت أن المناطق الأخرى تتأثّر بطرابلس وتتشجّع للاعتصام لا سيّما البقاع والجنوب حيث راينا أيضاً تحرّكات”.
ولفت إلى أن “وضع طرابلس خاص ولا قدرة لدى مجموعات الثورة مشابهة لتلك الموجودة في طرابلس، حيث أن الناس خائفة من الوضع الصحي لكن هذا لا يعني أن لن تكون هناك تحرّكات إلا أنها ليست على المستوى المطلوب”، مشيراً إلى أن “الوضعين الأمني والاقتصادي أساسيان وستسعى الأجهزة الأمنية والأطراف الخارجية للاستفادة منه”.
وختم “علينا الانتباه إلى الموضوعين التركي والقطري شمالاً حيث ما من مؤشّرات تثبت تواجدهما على الأرض في المنطقة إلا أنهما في الخلفية ولا حلّ للموضوع الاجتماعي في طرابلس إذ ما من بنية تحتية أساسية تسمح بالوصول إليه”.