حالة نفسيّة قد تصيبك إذا كنت من عشّاق كرة القدم… الاكتئاب ما بعد المونديال مرض نفسي أم حالة عابرة ستمرّ!!

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

بعد انتهاء العرس الكروي – المونديالي، قد يمر الشخص بمجموعة مشاعر متضاربة بعد ادراكه ان متعة المونديال انتهت، وهناك أربع سنوات من الانتظار لموسم آخر حتى يعيش هذه الاجواء من جديد، هذه المشاعر المختلطة قد تتحول الى نوع من الاكتئاب بعدما يستثمر الشخص احساس كبير في متابعة المباريات فريقا بفريق، وشوطا بشوط ويوما بيوم ولحظة بلحظة. والشعور بالخيبة والحزن او الانكسار يكبر خاصة إذا أصيب أحد من الفريق الذي يشجعه الشخص او حتى خروج المنتخب المفضّل والمخلص له او حتى إذا لم يصل الى أدوار متقدمة.

ماذا تقول الاختصاصية بعلم النفس العيادي واضطرابات نفس – جسدية كارلا اوانيس راشد عن هذا النوع من الاكتئاب، وهل هو حالة حزن عابرة ام يجب عدم الاستخفاف بما يعانيه الشخص، وكيف يمكن السيطرة على مشاعر الحزن، خاصة الى أولئك الذين راهنوا بأموال كبيرة وخسروها.

عن هذه التساؤلات تقول كارلا لـ «الديار»: «الاكتئاب مرض نفسي يتم تشخيصه من قبل طبيب نفسي او اختصاصي في علم النفس، وليس كل حزن او حالة مشحونة نطلق عليها تسمية اكتئاب».

عوارض الاكتئاب

وتتابع، «اما بالنسبة الى عوارض الاكتئاب فهي كثيرة منها: العصبية، الإحساس بالفراغ، الحزن الشديد، الملل، الكسل، فقدان الحماس للقيام بأي نشاطات كان يحبها الشخص او يميل الى ممارستها ولم تعد كذلك». أضف الى كل ما تقدم، مشاكل على صعيد النوم بحيث يلجأ اما للنوم الكثير او القلق الشديد، اضطرابات في الاكل والشهية ينتج منها الافراط بالطعام او العكس أي يفقد الرغبة فيه كليا. وتشير بالقول، «ان هذه العوارض بتنا نراها من بعد انتهاء المونديال وأكثر الحالات انتشارا، العصبية والاحساس بالفراغ الى جانب الحزن والملل والكسل».

عوارض اكتئاب – المونديال

في هذا الإطار تقول كارلا، «كل هذه العوارض هي حاصل هذا الشهر من متعة واحساس بالانتماء من حماس، خاصة في الدول العربية بسبب توجه الأنظار والتعويل على أحد المنتخبات العربية المشاركة في هذا الحدث الرياضي للفوز بكأس العالم. وتضيف، «الى جانب كل ما تقدم يوجد الكثير من الأموال التي انفقت لمشاهدة المباريات جميعها، بالإشارة الى نقطة مهمة جدا وهي «المراهنات» على احد الأشواط او الفرق او حتى على كابتن احد المنتخبات، والملفت في هذا الحدث ان الأشخاص الذين ليسوا بطبيعتهم اجتماعيين، اصبحوا في لقاءاتهم الاجتماعية متفاعلين في العرس الرياضي – المونديالي والاحاديث باتت عن هذا الحدث واخباره وتفاصيله اليومية والفرق ونجوم هذه الرياضة الحاليين والسابقين ورأينا العودة الى نجوم باتوا خارج اللعبة مثل «بيليه» و «دييغو مارادونا» و «زين الدين زيدان» ولتبدأ لعبة المراهنة على النجوم الحالبين مثل « ليونيل ميسي» و «نيمار» و»كريستيانو رونالدو» وهذا يعد مشاركة إيجابية بالنسبة للأشخاص الذين يفتقدون التفاعل الاجتماعي، فكانوا فاعلين وناشطين وغاصوا في الاخبار والاحاديث الرياضية التي تخص كرة القدم».

مشاعر الحزن والفرح في المونديال حقيقية

في هذا السياق تقول كارلا: «الشيء الظاهر الذي ممكن ان نلتمسه او نراه للأشخاص الذين لا يشجعون لعبة كرة القدم أولا يعنيهم المونديال تحديدا يعتبرون ان هذه المشاعر مبالغ فيها، الا ان الحقيقة الشخص الذي ينتظر هذا الحدث مرة كل أربع سنوات تعني له هذه المباراة كثيرا كما ان الفرحة تكون صادقة ومن أعماق القلب، والحزن كذلك الامر في هذه الاحداث واقعي وقد يرافقه الإحباط والخيبة والفراغ. وتلفت، هذه الأمور تعكس المشاعر الحقيقية ويجب عدم الاستخفاف بها لجهة الأشخاص الذين يواجهون عاملا نفسيا سيئا او جيدا، بل على العكس يجب اظهار الاحترام لهذا الشخص الذي يعيش هذا التأثر».

الاكتئاب المونديالي

تطرح كارلا تساؤلات: «هل هذا يعد اكتئابا، وهل هذا مرض نفسي ما يمر به هؤلاء او ما يعيشونه؟

تجيب، «في الحقيقة ان الاختصاصيين تطرقوا الى هذا العارض، والدراسات كشفت ان ما يمر به الشخص بعد انتهاء المونديال لا يشخص على انه مرض بل عبارة عن حالة عابرة، يمر بها المشجع وتنتهي بطريقة سليمة. وحذّرت، « في حال طالت مشاعر المعاناة وقتا أطول مما يجب عليه، فاستشارة الاخصائي النفسي تصبح ضرورة الزامية ويجب الا نهمل الموضوع على الاطلاق لجهة الاستخفاف بما قد يتضاعف من الشعور بحالة الحزن وان هذا الامر سببه أمور باطنة أعمق وابعد من المونديال الا انها اتحدت لتشكل حالة نفسية مرضية قد تتحول الى مستعصية وتصبح نموذج اكتئاب مختلط. وتتابع، «اما كل ما يصب في إطار الحزن والملل والفراغ المقبولين منطقيا فهو يعد طبيعيا».

أمور يجب القيام بها

تشرح كارلا، «ما يمكننا فعله لمساعدة أنفسنا يكون بخلق هواية جديدة وإذا كان لدينا هوايات قديمة نعود لممارستها او القيام بها. وتشير، « عندما يكون الشخص مزاجه منخفضا تلقائيا تتدهور الطاقة والحالة النفسية له، فيشعر بالخمول والكسل كما ان السلوك يتغير بإقصاء الشخص لنفسه عن ممارسة هواياته او القيام بنشاطات تعوّد عليها بسبب حالة الكآبة التي يعيشها، كما قد يعاني من الإرهاق والتعب وعدم القدرة في متابعة اعمال يومية. وتنصح هؤلاء بالقول: «ما يجب فعله هو ان نتحدى الحالة ونجبر أنفسنا مرة بعد مرة في ان نعيد الروتين اليومي الى حياتنا والذي يعتبر سلوكا سليما، وإذا كان لا يرضينا يمكن ان نسعى الى تحسينه وتطويره بما يتناسب معنا من خلال تحويله الى اسلوب مرح، وان هذه هي الحياة الطبيعية التي يجب ان نعود اليها وإقناع النفس بأن هناك أشياء جميلة وأخرى سيئة او قبيحة او سلبية وستنتهي. وتردف، «في موازاة كل ما تقدّم، القيام بنشاطات جديدة مع الأصدقاء والعائلة عن طريق خلق مناسبات، خاصة اننا على بعد مسافة أيام من عيدي الميلاد ورأس السنة والحدث الذي كان يجمع وهو المونديال أصبح غير موجود وبالتالي العمل على خلق احداث او مناسبات جديدة تجعل من الشخص مبتهجا وسعيدا وايجابيا ومتقبلا لأي واقع قد يطرأ.

على الفرد الا يستمد السعادة من موارد خارجية

تشدد كارلا على هذا الجانب بالقول: «يجب ان نبني السعادة او نستمدها من مصادر داخلية وتلك الخارجية نطوعها لزيادة فرحنا والا تشكل عاملا أساسيا لنقصها او ضعفها. وتلفت، إذا الشخص شعر بعوارض كبيرة كالحزن الشديد واستمر لأكثر من أسبوعين عندئذ نبدأ بطرح أسئلة على أنفسنا، مثلا: لماذا انا ابني سعادتي على موارد خارجية ستزول، بالإشارة الى ان اللجوء الى اختصاصي يصبح ضرورة لكيلا تتطور الحالة سوءا».

وكل مونديال والتفكير في جميع الأمور يكون بروح رياضية.

Exit mobile version