فَشل مجلس النوّاب في الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية في إنتاج رئيس للبلاد، رغم اعتبار كلّ من الفريقين أنّه انتصر على الآخر، فيما يُبشّر هذا الفشل في إطالة أمد الشغور الرئاسي. ولم يتمكّن أي من المرشَحَين الجديين، أي الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور الوصول الى الـ 60 صوتاً في الدورة الأولى التي جرت، مع بقاء فئة ثالثة «رمادية» من 18 نائباً متردّدة داخل الجلسة، ساهمت في عدم تمكّن أي من المرشَحَين تحقيق خرق ما. ومن ثمّ جرى «تطيير» النصاب القانوني، واختُتمت الجلسة من دون دورة ثانية، ومن دون تحديد أي موعد للجلسة الـ 13 المقبلة. أمّا المواقف التي اُعلنت بعد الجلسة من قبل نوّاب جميع الكتل، فلا تُشير الى إمكانية فتح باب التوافق والحوار قريباً بين الفريقين للإتفاق على مرشّح ثالث يجري التفاهم حول إسمه لإيصاله الى قصر بعبدا.
تقول مصادر سياسية مطّلعة أنّ جلسة «تحديد الأرقام» جرت على خير، ولم تحمل في طيّاتها أي مفاجآت غير متوقّعة. كما أنّها لم تُظهر أنّ ثمّة فارقا كبيرا بين المرشَحَين، إذ حاز أزعور على 59 صوتاً، في حين نال فرنجية 51 صوتاً، خصوصاً مع بقاء «فئة ثالثة» غير موحّدة الموقف تألّفت من 18 نائباً، أظهرت من خلال انتخابها أنّها ضدّ فرنجية وضدّ أزعور، وفضّلت عليهما إمّا زياد بارود أو جوزف عون أو الورقة البيضاء أو عبارة «لبنان الجديد». علماً بأنّ مواقف بعض الكتل النيابية، فضلاً عن نوّاب هذه الفئة، قد تتبدّل في الجلسات اللاحقة في حال جرت الدعوة الى جلسة انتخاب قريباً، وهو أمر يُرجّح أنّه مستبعد.
فالنوّاب الذين انتخبوا الوزير السابق زياد بارود وعددهم 6 نوّاب، والذين صوّتوا بعبارة «لبنان الجديد» وعددهم 8، ومن انتخب جوزف عون وهو نائب واحد، فضلاً عن ورقة واحدة بيضاء وورقة مُلغاة حملت إسم «جهاد العرب»، وضياع صوت من أصوات النوّاب الـ 128 الذين شاركوا في الجلسة (أي ما مجموعه 18 صوتاً)، على ما أوضحت المصادر، لا يزالون غير مقتنعين لا بفرنجية ولا بأزعور. علماً بأنّه في حال تجمّعت هذه الأصوات وصبّت لصالح أي من المرشَحيَين، يُمكنها إيصاله مع أي من الفريقين الى قصر بعبدا في الدورة الثانية في أي جلسة إنتخاب، إذ يُكتفى عندها بالغالبية المطلقة، في حين أنّ الدورة الأولى تتطلّب غالبية الثلثين من مجلس النوّاب أي 86 صوتاً، وأي من المرشَحَين غير قادر على تحصيلها.
وذكرت المصادر نفسها بأنّ فريق المعارضة و»التيّار الوطني الحرّ» اعتبر أنّه خرج من الجلسة الـ 12 للإنتخاب منتصراً، رغم أنّه لم يتمكّن من تحصيل 60 صوتاً أو أكثر لمرشّحه أزعور، خلافاً للبوانتاجات التي كان يُعلن عنها، كونه يجد بأنّ الأصوات الـ 18 التي بقيت حائرة، لم يستطع الفريق الآخر استمالتها لانتخاب فرنجية. في الوقت نفسه يجد فريق «الثنائي الشيعي» والحلفاء أنّه حافظ على ماء الوجه، كونه استطاع تخطّي «البوانتاجات» التي كانت تشير الى أنّ مرشّحه فرنجية لن يتمكّن من تحصيل 44 صوتاً وقد يصل الى 47 على أبعد تقدير، وذلك من خلال وصول عدد أصواته الى 51 صوتاً. علماً بأنّ أحد أصوات النوّاب قد ضاع في الجلسة، عن قصد أو عن غير قصد، لم يتمّ التوقّف عنده كونه لن يُغيّر في مسار الجلسة، رغم أنّه كان أضاف صوتاً إمّا لأزعور فوصل الى الستين صوتاً.
وبرأي المصادر، إن برّي قد لا يدعو قريباً الى جلسة انتخاب، وإلّا لكان فَعَل لدى اختتام الجلسة. مع العلم أنّه أصدر بياناً بعد الجلسة جاء فيه أنّ «انتخاب رئيس الجمهورية لن يتحقّق إلّا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار». غير أنّ هذا الأمر، يبدو صعباً في المرحلة الراهنة، وفق المصادر، سيما وأنّ كلّ من الفريقين يتمسّك بمرشحه، وهو غير قادر على إيصاله الى قصر بعبدا. وحتى لو تمكّن أي من الفريقين من تحصيل 65 صوتاً لمرشّحه في الدورة الثانية، يحتاج الى عدم «تطيير» النصاب القانوني للوصول اليها. ما يعني أنّ تأمين ثلثي أعضاء المجلس (86 صوتاً) يحتاج الى توافق ما بين الفريقين، أو بين أحدهما و»الفئة الثالثة» في حال التزم كلّ فريق بعدد أصواته، ولم تقم أي كتلة بالإنتقال الى الفريق الآخر، سيما وأنّه في أي جلسة مقبلة، إذا ما اقترب أي من المرشَحَين من الـ 65 صوتاً، فإنّ الفريق الآخر سوف يُعطّل النصاب، ما دام التوافق بينهما غير قائم.