جلسة انتخاب رئيس الجمهورية السادسة امس، لم تخرج عن اطار اجواء ونتائج الجلسات السابقة، وبقيت المراوحة سيدة الموقف للاسباب المعلومة، ولعل ابرزها غياب التوافق وعجز اي فريق عن فرض ايقاعه في انجاز هذا الاستحقاق الرئاسي.
لكن البارز امس، هو محاولة رئيس كتلة “الكتائب” سامي الجميل خوض معركة دستورية في غير محلها، بطريقة اقرب الى الاستعراضية حول النصاب الدستوري للجلسة، مطالبا المجلس بتفسير المادة ٤٩ من الدستور.
ولم يكن الجميل موفقا في خوض هذه المعركة التي وصفتها مصادر نيابية بانها دونكيشوتية لانه لم يلق تجاوبا يذكر، ولاسباب عديدة ابرزها:
١- تأكيد الغالبية العظمى من المجلس على ما اكد عليه الرئيس بري اكثر من مرة، بان النصاب هو الثلثان دائما. واعلن تكتل “الجمهورية القوية” الذي تقوده “القوات اللبنانية” على لسان النائب جورج عدوان تبنيه لوجهة نظر رئيس المجلس، وكذلك فعل النائب هادي ابوالحسن باسم كتلة “اللقاء الديموقراطي”، الى جانب تبني هذا الموقف من قبل كتلتي “التنمية والتحرير” والوفاء للمقاومة، وكذلك “المردة” ونواب السنّة وآخرين مستقلين. وعبّر النائب سليم عون عن موقف تكتل “لبنان القوي” مذكرا انه في كل مرة كنا نصل الى النتيجة التي يطبقها رئيس المجلس.
٢- ان تفسير المادة الدستورية يحتاج الى ثلثي اعضاء المجلس، وهذا الامر غير متوافر في هذه الحالة بالوقت الحاضر، ما يعني ان الجميل اثار زوبعة غبار في اجواء الجلسة، لانه لم يحظ موقفه باي تأييد يذكر.
٣- جاء رد بري واضحا وحاسما، عندما اكد استنادا الى تفسير المادة ٤٩، ان النصاب هو الثلثان دائما. وارفق ذلك بشهادات من الجميل نفسه في ايلول ٢٠٠٧، ومن والده الذي قال انه يقبل بما يقوله في هذا الشأن، ومن البطريرك صفير الذي كان اتخذ موقفا جازما لصالح اكثرية الثلثين.
وفي جلسة الامس، برز ايضا تراجع المؤيدين لميشال معوض ليقترع له ٤٣ نائبا، بدل ان يزيد رصيده كما اوحى هو وفريقه عشية الجلسة. وفشلت كل المحاولات لاستمالة اصوات اضافية لصالحه من “التغييريين” باستثناء وضاح الصادق ومارك ضو.
وبقيت الاوراق البيضاء مرتفعة العدد ٤٦، واقترع ٩ نواب معظمهم من السنة ل “لبنان الجديد”، و٧ من نواب “التغيير” لعصام خليفة، و٣ لزياد بارود من نائب رئيس المجلس الياس بو صعب والنائب الياس جرادة وآخر لم تعرف هويته. كما وجدت ورقة باسم سليمان فرنجية، واخرى باسم النائب الكاثوليكي ميشال ضاهر. واعتبرت ورقتان ملغاتان كتب فيهما: “دستور جديد للبنان جديد”،”فالج ما تعالج” (كتبها النائب جميل السيد).
الجلسة
افتتح بري الجلسة، وتليت اسماء النواب بعذر وهم : ابراهيم كنعان، ادغار طرابلسي، كريم كبارة، اديب عبد المسيح وعلى عسيران.
وبعد تلاوة مواد انتخاب رئيس الجمهورية، اعطى بري الكلام للنائب الجميل الذي قال: اتمنى ان تتقبل كلامي وتتحمل الملاحظة، من حقنا ان نسألك عن اي مادة تستند في تفسير النصاب، وان ناخذ جوابا دستوريا في موضوع اعتماد نصاب الثلثين، فالمادة ٤٩ تكلمت عن الانتخاب بالثلثين في الدورة الاولى وبالاكثرية المطلقة في الجلسات التالية ولم تتكلم عن النصاب. اتمنى ان نفسر الدستور في هذا الموضوع ونفتح نقاشا في المجلس. اتمنى ان نناقش بطريقة موضوعية وهادئة، لان الطريقة في الجلسة الماضية لم تكن مقبولة وغير لائقة بك دولة الرئيس.
- وقاطعه عدد من النواب معترضين بشدة على مخاطبته رئيس المجلس بهذه الطريقة. وقال النائب علي خريس: اقعد اقعد.
*ثم قال النائب قبلان قبلان “بالـ٨٢ جابوهم بالدبابات والملالات ليكملوا النصاب وينتخبوا الجميل”. ثم كرر ذلك ردا على تعليق للجميل “جابوهم بالملالات”
ورد نديم الجميل: “حاج بقى بالنصاب وبالملالات. خلصنا من طق الحنك”
قبلان: “نحن من زمان خلصنا، بس انتو ما خلصتو ومش رح تخلصو”.
وتدخل بري لوقف السجال.
بري: النصاب اكثرية الثلثين
ورد بري على مداخلة الجميل حول نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قائلا: “كل شيء حكيتو بالاول مقبول، وكل شيء حكيتو بالآخر مرفوض”. الدستور اللبناني ايها الزميل الكريم ينص على أكثريتين، أكثرية نصاب الجلسات شيء، والدورات شيء آخر، فالجلسات دائما يجب ان تكون بنصاب الثلثين، هذا الامر كان دائماً موضع نقاش منذ العام 1927 وحتى الآن، وأكبر دليل على ذلك ان الشيخ سامي الجميل نفسه في 1 ايلول 2007 قال حرفياً: ندعو المسيحيين الى المشاركة بجلسة إنتخاب رئيس الجمهورية، وعدم ضرب نصاب الثلثين، وأن الخطر الاكبر في تخطي المؤسسات.
أضاف بري: هذا تصريحك في واحد ايلول 2007، اولا: ورجاء لا تقاطعني “بيّك الله يطول بعمرو طيب روح إسالوا شو بيقول انا بقبل بدك اكثر من هيك”؟
وتابع: ثانياً البطريرك صفير رحمه الله إتخذ موقفاً حاداً وجازماً ونهائياً في هذا الامر، النص واضح هو بأكثرية الثلثين للنصاب، في الدورة الاولى ينتخب الرئيس بأكثرية الثلثين، وفي الدورة الثانية بالاكثرية المطلقة، فهل المطلوب إنتخاب رئيس في 33 صوتاً؟
- وتكلم النائب هادي ابوالحسن باسم “اللقاء الديموقراطي” فقال: من حق النواب ان يناقشوا في هذا الامر وهو يحتاج الى تفسير للدستور وقد ياخذنا لتعديل دستوري. ان كل مسيرة المجلس كانت تقوم على نصاب الثلثين في هذا الشأن. واذا ناقشنا الان هذا الموضوع سندخل في المتاهات ونكون نساهم في تعطيل انتخاب الرئيس. اننا نؤكد على نصاب الثلثين.
- جورج عدوان: اتمنى ان نتعاطى بهذا الموضوع بهدوء ولدينا ملاحظتان: اولا ان الكلام عن ان كلام رئيس المجلس لا يليق به هو ليس بمحله. وثانيا ان الزميل قبلان قال كلاما ليس بمحله ولكل واحد رأيه. اتمنى ان نطوي هذه الصفحة، واقول لا مانع اطلاقا في عقد جلسة لتفسير الدستور ولكن في هذا الموضوع لا بد ان نميز بين بين النصاب والانتخاب، والدستور تكلم عن الانتخاب بالثلثين وهذا ينعكس على النصاب وكل الذين تناولوا هذا الموضوع ربطوا بين الاثنين من منطق ميثاقي ولاهمية موقع رئيس الجمهورية واعتمدوا نصاب الثلثين بشكل دائم، ونحن كتكتل هذا هو موقفنا.
- سليم عون: نجد بكل استحقاق دستوري تفسيرات نختلف عليها. وفي قلب الاستحقاق يصبح التفسير صعب لان الاراء تصبح سياسية اكثر من دستورية. وفي كل الاستحقاقات كنا نصل الى النتيجة التي يطبقها دولة الرئيس.
وطالب بالاطلاع على محاضر الطائف.
- الياس جرادة: الوطن فوق الدستور، واعتقد لا وقت الان للتراشق بالدستور في وقت الانتخاب. ولتكن الجلسات مكانا للحوار من اجل انتخاب الرئيس. واتمنى دولة الرئيس ان تكون راعيا لهذا الحوار.
- ملحم خلف شدد استنادا للمادة ٧٤ على استمرار انعقاد المجلس في جلسات متتالية الى حين انتخاب الرئيس.
- جميل السيد اعتبر اننا سنبقى على هذا الحال وهذا الانقسام لان الانتخاب يحصل بناء لتدخل خارجي وتسوية. وقال ان النقاشات تبقى تقنية لا تؤدي لانتخاب الرئيس لان لا مجال لتعديل الدستور من دون وجود رئيس جمهورية او حكومة اصيلة.
- بري: قلنا يجب ان يكون هناك توافق.
- كميل شمعون طالب بحلسات متتالية حتى انتخاب الرئيس.
- وضاح الصادق وفراس حمدان طالبا بان يناقش المحلس في الجلسة موضوع المادة ٤٩ والنصاب.
- بري: التفسير يحتاج الى الثلثين. وكما قلت النصاب هو الثلثين في كل الدورات.
- علي حسن خليل اوضح كيف انه في الماضي استدرك النائب انور الخطيب خطأ اعتباره النصاب الاكثرية المطلقة وعاد لاحتسابه الثلثين.
الجلسة المقبلة يوم الخميس القادم
ثم جرت عملية الاقتراع بمشاركة ١١٢ نائبا، فنال ميشال معوض ٤٣ صوتا، وبلغ عدد الاوراق البيضاء ٤٦، ولبنان الجديد ٩، وعصام خليفة ٧، وزياد بارود ٣، سليمان فرنجية صوت واحد، وميشال ضاهر واحد، وورقتان ملغتان.
وبعد ذلك تبين ان النصاب لم يعد مؤمنا وبلغ عدد النواب ٦٧، فتلي محضر الجلسة، واعلن بري عن الجلسة المقبلة يوم الخميس القادم.