جلسة الانتخاب تحرّك الملف وتدفن الإصلاحات… بري يُبلّغ شيا بضرورة «اللعب على المكشوف»

Share to:

الديار – ابراهيم ناصرالدين

ستكون دعوة الرئيس نبيه بري اليوم لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية «خطوة» في رحلة «الالف ميل»، في ظل عدم وجود تفاهمات مسبقة داخليا وخارجيا على هوية الرئيس الجديد، وهذا يعني حكما تأجيل الجلسة الى موعد آخر بانتظار الوصول الى تسوية تبدو ضرورية ، في ظل برلمان «تعطيلي» لا يملك فيه أي طرف القدرة على ايصال من يريده الى سدة الحكم. واذا كانت اجواء «عين التينة» تروّج لفوائد ايجابية عديدة وراء هذه الدعوة، الا ان اطرافا عديدة اخرى ترى فيها انعكاسات سلبية حكوميا واصلاحيا.

وبعيدا عن الواجبات الدستورية التي بررت فيها اجواء الرئاسة الثانية الدعوة الى الجلسة الرئاسية، يبدو ان الهدف الرئيسي لبري في تحريك «المياه الراكدة» في الداخل والخارج قد اصاب في «اول الغيث» الولايات المتحدة الاميركية التي «هرولت» سفيرتها دوروثي شيا الى عين التينة لاستطلاع الموقف والبحث عن الاهداف غير «المرئية» في الدعوة الى الجلسة.

ووفقا للمعلومات، ارادت السفيرة الحصول على تفسيرات لتوقيت الدعوة وسط غياب احتمالات «ولادة» رئيس اليوم، طبعا الامر يحتاج الى معجزة بحسب بري الذي عاد واكد انه متمسك بالتوافق بين الكتل النيابية على هوية الرئيس المقبل، ويأمل في ان تفتح هذه الدعوة «كوة» في الجدار السميك الذي يحول دون الجلوس حول «طاولة» حوار جدية لرسم معالم الرئيس المقبل ومعه المرحلة المقبلة. وعلم في هذا السياق، ان شيا لم تحمل معها اي جديد الا التذكير بموقف بلادها من انتخاب رئيس لا يشكل تحديا لاحد، وقادر على مخاطبة المجتمع الدولي وبعيدا عن الفساد، وقد فهم بري ان الشرطين السياسيين يقولان صراحة بعدم القبول برئيس يشبه الرئيس عون بقربه من حزب الله، وقد كان بري صريحا في مقاربته وكررالتأكيد بان المجلس سيد نفسه وعليه اختيار الافضل للبلاد، لكنه المح الى السفيرة الاميركية بان الوقت قد حان للخروج من الغموض والاستمرار في تكرار مواصفات تنطبق على اكثر من شخصية تعتبر «مرشحة طبيعية» وغير «طبيعية» للرئاسة، مطالبا بمواقف صريحة وشفافة كي يصبح «اللعب على المكشوف»!

وفي هذا السياق، ابلغ بري شيا انه في حال تعذر انتخاب الرئيس في الجلسة الأولى، فهو لن يقبل فراغا رئاسيا وسيحدد موعدا لالتئام البرلمان في جلسات مفتوحة قبل انتهاء ولاية الرئيس عون في 31 تشرين الأول المقبل. اما داخليا، فيبدو ان بري قد «حشر» الجميع بمن فيهم فريقه السياسي في «الزاوية»، وتعتبر هذه الجلسة كـ «حض» على حسم المواقف وتحديد عنوان المعركة بصراحة كي تبدأ من بعدها التسويات. وهو في هذا السياق، يريد اولا، اخراج رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «رسميا» من السباق، ويريد من حزب الله فتح قنوات الاتصال الجدية لحسم مسألة التوحد وراء رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية من عدمها لفتح «بازار» المقايضات والتسويات، علّ الامور تؤتي ثمارها قبل الدخول في الفراغ للتوافق على انتخاب رئيس توافقي وفق صيغة «رابح رابح» للجميع.

وفي المقابل، لا يبدو وضع المعارضة مريحا، فهي باقرار رئيس «القوات» سمير جعجع لم تتمكن من التوصل الى تفاهم بعد على هوية مرشحها الرئاسي، وتأتي دعوة بري لتدفع هؤلاء اضافة الى النواب «التغييريين» الى تسريع الحراك للوصول الى اتفاق او الى «الفراق» الذي سيسمح بدخول اسماء جديدة على قائمة الترشيحات بعد «خلط الاوراق» المفترض.

وعلى المستوى الحكومي، تطرح الكثير من الاسئلة حول مصير الاتصالات الجارية لتعويم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ففي حال التئام البرلمان في جلسته الأولى بتأمين النصاب القانوني المطلوب بمشاركة أكثرية ثلثي النواب في الجلسة ، يتم قطع الطريق على تعويم الحكومة، لأن البرلمان يتحول حُكماً إلى هيئة ناخبة إلى حين انتخاب الرئيس، حتى لو تعذر انتخابه في الجلسة الأولى بحصول المرشح على تأييد أكثرية الثلثين أي 86 نائباً . ولهذا تعتقد تلك المصادر ان بري يخاطر بالدعوة الى الجلسة، لكن عدم انعقادها يفتح المجال واسعا امام استئناف المساعي المعطلة حاليا بفعل عودة الشروط المتبادلة الى الواجهة من جديد.

ووفقا للمعلومات، فان ميقاتي أرجأ زيارة القصر الجمهوري، بعد أن تسلم عبر وسطاء لائحة «رئاسية» تقيد عمل الحكومة الجديدة و»تكبلها» بمطالب اهمها إقرار قانون التجنيس، واقرارالتعيينات في الفئة الأولى، وإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو الامر الذي يرفضه ميقاتي. اضافة الى العودة عن الاتفاق السابق بتعويم الحكومة واعادة طرح تبديل بعض وزرائها، لكن المصادر تنفي عودة الرئاسة الاولى للمطالبة بتعيين ستة وزراء دولة سياسيين. وقد تكون الدراسة الدستورية الخاصة التي أعدها أمين عام مجلس الوزراء اللبناني القاضي محمود مكية والتي «تفتي» بامكان تولي حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي مهمات رئيس الجمهورية، في حال لم يتمكن البرلمان اللبناني من انتخاب خلف للرئيس ميشال عون مع انتهاء ولايته في آخر تشرين الاول المقبل، قد منحت بري ومعه ميقاتي «ورقة رابحة» لمزيد من رفع سقف التفاوض مع عون في «ربع الساعة الاخيرة».

وفي سياق التداعيات السلبية للدعوة، تأتي تأجيل الاصلاحات المطلوبة من السلطة التشريعية والتي تجمدت بعد تحول المجلس الى هيئة ناخبة لا تستطيع التشريع الا بعد اتمام العملية الانتخابية. وفي مقدمة الامور العالقة المطلب الملح لإعادة هيكلة المصارف الذي يحول تأخير اقراره دون ايجاد حل لموضوع الخسائر وتحديد الجهة التي ستتكفل بتحمل عبء سدادها ان كانت الدولة اللبنانية او مصرف لبنان والمصارف او المودعين… وكانت هذه الخطوة مرتقبة بعد اقرار الموازنة، لكن بري باغت الجميع باقفال الباب اما دراسة واقرار القوانين الاصلاحية وارجأها الى «اجل غير مسمى» وبالتالي ستتوقف حكما المفاوضات مع صندوق النقد بإنتظار العهد الجديد وتشكيل حكومة جديدة!

في الخلاصة، دخلت البلاد رسميا «معمعة» الانتخابات الرئاسية دون ان تكون الخواتيم السعيدة على «الابواب»، دعوة بري جزء من المناورات السياسية الداخلية لدفع كل الجهات الى «كشف اوراقها» والتفاوض على المكشوف، رئيس المجلس قام بواجباته الدستوري ورمى «الكرة» في «ملعب» الآخرين، والآن بات الجميع امام مسؤولياتهم.

Exit mobile version