لا شيء من شأنه ان يبدل موقف الثنائي الشيعي في شأن مرشحه لرئاسة الجمهورية، فالثنائي لن يبادل مرشحه سليمان فرنجية الذي يرى فيه الرئيس الآمن الذي لا يطعن ظهر المقاومة، خصوصا انه سلك طريق الإليزيه، وموضوع وصوله الى قصر بعبدا مسألة وقت فقط.
في الجهة المقابلة، جبهة سياسية مسيحية غير موحدة تقف في مواجهة الثنائي، وترفض علنا وصول رئيس «تيار المردة» الى سدة الرئاسة.
ترشيح فرنجية بعد زيارة فرنسا لا يزال حديث الساعة، وسط جدل داخلي وتكهنات حول حظوظه الرئاسية، اذ يعتقد كثيرون ان عقبات فرنجية خارجيا تتعلق بالموقف السعودي، وداخليا بـ «الفيتو» المسيحي من قبل «التيار الوطني الحر» و»القوات». فترشيح فرنجية أدى الى فرز كبير على الساحة الداخلية، تمثل باستمرار رفض النائب جبران باسيل لمعطيات تتعلق بحسابات سياسية وحزبية ومناطقية والخلاف على الزعامة المسيحية، فيما موقف سمير جعجع لا يقل صلابة بالمجاهرة برفض وصول مرشح تحد من فريق الممانعة.
جعجع علّى سقف الممانعة ضد فرنجية، بتأكيده عدم القبول برئيس الممانعة في قصر بعبدا، وقد شكل موقفه مفارقة بعد ارتفاع منسوب التوقعات قبل فترة بتأمين «القوات» النصاب لجلسة انتخاب فرنجية، فإذا بموقف جعجع واضح «سنمنع بأي وسيلة وصول سليمان فرنجية الى بعبدا».
موقف «القوات» وانضمامها الى نادي الرافضين زاد المشهد الرئاسي تعقيدا، لكن وفق مصادر مقربة منها، ان موقفها ثابت كون تأمينها نصاب أي جلسة ينتخب فيها رئيس من فريق ٨ آذار يضعها في موقف مسيحي محرج، ويكسب خصمها «التيار الوطني الحر» المعارض لهذا الترشيح، وعليه فان القوات فضلت عدم الوقوع في الفخ المسيحي، بحسب المصادر نفسها، خصوصا انها رأس حربة القوى المعارضة لجلسات الحكومة ومجلس النواب قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى الأرجح فانها لن تغامر بقناعتها السياسية وموقفها امام الرأي العام المسيحي، وهذا ما ظهر في التباعد بين معراب وعين التينة في العديد من الملفات، وبعد رد جعجع على رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مسألة التعطيل المسيحي للانتخابات الرئاسية بقوله لبري: «بدك تروق علينا دولة الرئيس».
ومع ذلك، تقول مصادر سياسية ان بقاء القوتين المسيحيتين على موقفهما في الملف الرئاسي بمخاصمة فرنجية، لن يؤدي الى تقارب بينهما، او نشوء معادلات سياسية جديدة من جراء تلاقي «القوات» و»الوطني الحر» تحت عنوان الضرورة الرئاسية، فما يفرق «الوطني الحر» عن «القوات» هو أكبر بكثير مما يجمعهما، فالتيار قضى سنوات حليفا لمحور الممانعة، ولا يمكنه ان يصبح في لحظة في المحور السيادي لـ١٤ آذار.
علاقة «القوات» و»الوطني الحر» اليوم موضوعة تحت المجهر، لكن التقاءهما غير وارد مجددا كما حصل في تفاهم معراب، ولو انهما في الخندق نفسه الذي يعمل على إسقاط فرنجية، حيث تتقاطع مصالحهما لهذا الغرض. مع العلم ان دوافع «القوات» لرفض هذا الترشيح تختلف عن التيار، فـ «القوات» يعارض وصول مرشح محسوب على الممانعة ولو حصل ذلك بطلب سعودي لأسباب مبدئية وسياسية، فيما التيار يضع «الفيتو» على فرنجية لحسابات محض شخصية وحزبية، خصوصا ان فرنجية من المحور السياسي نفسه.
كلام جعجع في ذكرى شهداء زحلة، برأي المصادر المقربة من «القوات»، حسم الجدل الحاصل حول عودة تفاهم معراب بنسخة ثانية، فجعجع أسقط امكان قيام «معراب ٢» بقوله «ان هناك حزبا من الحزبين لا طائفة له، ورأينا ممارساته وفساد وزرائه فعلى ماذا نتفق معه… ان مقولة الاتفاق لا أساس لها»، وبذلك يكون جعجع نعى اي تقارب او تفاهم.
ووفق المصادر نفسها، ان الطموح بالتقارب ينسحب على «التيار الوطني الحر»، فيما صار مؤكدا ان «القوات» لا ترغب ولا مصلحة لها فيه، إلا ضمن شروط معينة تتضمن الاعتراف بالأخطاء السياسية في سني العهد، وفك الارتباط كليا بالمحور السياسي الذي ينتمي إليه التيار.
بجسب المصادر ليس صحيحا ان الخطوط مفتوحة بين معراب وميرنا الشالوحي، فعلى الأرجح ان هناك طرفا يختبىء بالتفاهمات ليصل الى أهدافه المتعلقة بعزل فرنجية مسيحيا، وعلى طريقة «حب» من طرف يطمح «التيار» اليه، ويسعى للتلاقي مع «القوات» من دون ان يمر هذا السيناريو او تجوز الحيلة على أحد.