عاشت الجبهة الجنوبية مساء أمس «توتراً عالياً» وضعها على مدى ساعتين ونصف الساعة في أجواء توحي بأنها متجهة الى الاشتعال على خلفية أخبار عن دخول مسيرات وطائرات شراعية من لبنان، ما أثار الهلع في شمال اسرائيل. وأظهرت أشرطة مصورة اندفاع هستيري للسكان في حيفا نحو الملاجئ، لكن بعد مرور الوقت تبيّن أنّ لا صحة لهذه المزاعم، التي رافقتها صفارات إنذار انطلقت في شمال إسرائيل، وتبيّن أنها «إنذارات كاذبة»، كما أعلن الجيش الاسرائيلي.
وعكس هذا الاختبار التوتر الشديد على الحدود التي باتت مسرحاً لمواجهات محدودة بين «حزب الله» واسرائيل، وتشترك فيها أيضاً من الجانب اللبناني حركتا «حماس» و»الجهاد» الاسلاميتين. وكان أبرز التوترات تبنّي «الحزب» أمس إطلاق صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي، رداً على مقتل ثلاثة من عناصره قبل يومين، في استهداف ردّت عليه إسرائيل بقصف مكثف طال جنوب لبنان وأوقع ثلاثة جرحى مدنيين.
وانطلق التوتر عبر الإعلام الإسرائيلي الذي قال إنه «يجري التحقق من اختراق 15 إلى 20 مسيّرة من لبنان نحو مستوطنة أفيفيم وجوارها». وتحدثت «القناة 12» الإسرائيلية عن «الاشتباه باختراق 15 طائرة شراعية على متنها مقاتلون من لبنان إلى منطقة أفيفيم». ولفتت الى أنّ هناك «عملية إنزال شراعي نفذه كوماندوس».
وسارعت واشنطن عبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الى الاعلان «أنّ الولايات المتحدة تراقب التطورات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية عن كثب، ولا ترغب في تفاقم الصراع أو اتساع نطاقه». وقال: «نرى صواريخ تنطلق من جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل. نتابع هذا بقلق بالغ بكل تأكيد. لا نرغب في أن نشهد تفاقم هذا الصراع أو اتساع نطاقه». وأوضح أنه «لا يعتقد أنّ من مصلحة إسرائيل أن تقاتل في جبهة ثانية وتدافع عنها».
في المقابل، انتقد «حزب الله «المواقف السياسية والإجراءات الميدانية التي اتخذتها الإدارة الأميركية دعماً لإسرائيل. وقال إن «إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة بهدف رفع معنويات العدو وجنوده المحبطين تكشف عن ضعف الآلة العسكرية الصهيونية»، وبالتالي «حاجتها إلى الدعم الخارجي المتواصل». وأكد أنّ الخطوة «لن تخيف فصائل المقاومة المستعدة للمواجهة».
وفي سياق متصل، صرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري :»نحن مستعدون لأي سيناريو. يراقب «حزب الله» ما تفعله إسرائيل في غزة، ويرى حجم الدمار»، معرباً عن اعتقاده بأنّ «حزب الله» «يرى ذلك ويفهمه» .
وفي موازاة هذه التطورات المتسارعة، غاب لبنان الرسمي على كل المستويات عن إعلان أي موقف أو القيام بتحرك ما، وكأن ما يجري في الجنوب منذ الأحد الماضي، يحصل في بلد آخر، علماً أنّ حكومة تصريف الأعمال ستعقد جلسة اليوم، لا يؤمل في أنها ستغيّر نهج دفن الرأس في رمال التجاهل والتخاذل.
كيف تسلسلت التطورات الميدانية أمس؟
بداية المسلسل كانت باطلاق «حزب الله» صاروخاً موجهاً على موقع عسكري اسرائيلي قبالة بلدة الضهيرة الحدودية في قضاء صور. وتولى تصوير الإطلاق. ثم أعلن في بيان استهدافه «موقع الجرداح الصهيوني»، في ما وصفه بأنه «ردّ حازم على الاعتداءات الصهيونية (…) التي أدّت إلى استشهاد عدد من الإخوة المجاهدين».
وفي المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرة تابعة له «قصفت موقع مراقبة عسكرياً» تابعاً لـ»حزب الله»، بينما قصفت مدفعيته المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ «رداً على إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على جنود جيش الدفاع الإسرائيلي» .
وتعرّضت أطراف بلدات حدودية عدة، بينها الضهيرة ويارين، لقصف مدفعي إسرائيلي. وبدت الضهيرة ظهراً شبه خالية من سكانها، بعد نزوح غالبيتهم على وقع القصف الذي أدى الى أضرار في الممتلكات وحريق في منطقة حرجية. وتفقدت دورية للجيش المنازل التي طالها القصف الاسرائيلي وطلبت من المواطنين إخلاء المكان خوفاً من تجدد القصف وحفاظاً على سلامتهم.
واعترف الجيش الإسرائيلي أنّ التنبيه الذي يطلب من السكان الاحتماء كان إنذاراً كاذباً، وقال