طبول الحروب الانتخابية في كل الدوائر باستثناء الشيعية منها، لم تحجب «كرات النار» المعيشية بسبب الازمات المالية الخانقة وتبخر الوعود التي قطعتها الحكومة للموظفين باعطائهم نصف راتب كمساعدة اجتماعية شهرية ورفع بدلات النقل الى ٦٤ الفا وتقديمات بالدولار، وهذا ما دفع النقابات خلال سلسلة اجتماعات في اليومين الماضيين الى التلويح مجددا بالعودة الى الاضرابات خلال الاسابيع المقبلة والتهديد بمقاطعة الانتخابات اذا لم يتم الايفاء بالوعود التي قطعتها الحكومة للموظفين بشأن المساعدات الاجتماعية ودفعها فورا، وسيناقش مجلس الوزراء في جلسته اليوم الملفات الاقتصادية والمعيشية وفتح الاعتمادات للمساعدات الاجتماعية لموظفي القطاع العام والمتقاعدين، بالاضافة الى تأمين الاعتمادات للطحين والفيول والامراض السرطانية ومعالجة النفايات، كما سيناقش خطة التعافي المطلوبة من صندوق النقد الدولي وسط خلافات عاصفة بين الوزراء على المسودة المسربة لوسائل الاعلام، ونسبة الاقتطاع من الودائع، وحسب الخطة المسربة فان نسبة المودعين الذين يملكون ودائعا تقل عن١٠٠ الف دولار يشكلون٨٥ ٪ من مجموع المودعين، وهذه الودائع لن تمس وستعود لاصحابها، فيما الامور غير واضحة بالنسبة للمودعين الذين يملكون ودائعا تفوق الـ 100 الف دولارا ويشكلون نسبة١٥ ٪؟ وهؤلاء غير معروف كيفية التعامل معهم، ونسبة الاقتطاع و حجم توزيع الخسائر؟ خصوصا ان خطة التعافي تتضمن شطب ٦٠ مليار دولار من ديون الدولة لمصرف لبنان دون تحديد الالية؟ والسؤال، هل يشمل توزيع الخسائر ودائع كبار القوم الذين هربوا اموالهم الى الخارج وتقدر بـ ٢٢ مليار دولار بقوة مواقعهم السياسية؟ وماذا عن ودائع رجال الاعمال العرب والاجانب وكيف سيتم التعامل معها؟
وحسب المصادر العليمة، المخارج الداخلية مقفلة ومصرف لبنان لا يستطيع تأمين كل ما تريده الحكومة من اموال، ويبقى الباب الوحيد للحل، توقيع الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي بشروطه واهمها: توقيع الرؤساء الثلاثة على الاتفاق، اقرار رفع الدعم عن جميع المواد وعدم التدخل في سوق القطع، و تصديق المجلس النيابي على الكابيتال كونترول، لكن الشرط الاخير يواجه حسب المصادر برفض مطلق من نقابات المهن الحرة والمودعين الذين اعتصموا امام المجلس النيابي وحاولوا منع وصول النواب الى جلسة اللجان النيابية لمناقشة مشروع الكابيتال كونترول، وحصلت بعض الاشكالات، وعقدت الجلسة على وقع اصوات المعترضين، وشهدت مزايدات انتخابية «بالفصحى» وعلقت اللجان درس المشروع وربطته بانتظار وصول خطة التعافي من الحكومة الى المجلس النيابي التي تتضمن طريقة التعامل مع اموال المودعين، ورفض النواب المس بها، واللافت انه لم يتم تحديد موعد جديد للجان، وعلم ان رئيس الحكومة سيوضح الامور وكل الالتباسات في كلمة يلقيها في افتتاح جلسة الحكومة اليوم والتأكيد على حفظ اموال المودعين والحاجة الى اقرار الكابيتال كونترول المطلوب من صندوق النقد الدولي.
في المقابل هددت النقابات الحرة والمودعين بسلسلة اضرابات واعتصامات تصعيدية وصولا الى شل كل مؤسسات الدولة عشية الانتخابات النيابية اذا أقر الكابيتال كونترول، وتمكنت هذه النقابات من تكوين رأي عام واسع معارض للمشروع كما استطاعت تشكيل حالة ضغط على الكتل النيابية عشية الانتخابات لترحيل المشروع الى ما بعد ١٥ ايار، أسوة بالموازنة والترسيم والتعيينات والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية وغيرها من الملفات، وهذا ما أثارغضب ميقاتي الذي طلب دعم بري للضغط على اللجان النيابية في ظل الحاجة لأقرار المشروع في الجلسة العامة الاخيرة للمجلس الحالي الاسبوع القادم قبل دخول البلاد المرحلة الجدية للتحضيرات الانتخابية.
وفي ظل هذه الاجواء، يدفع المواطن وحده الثمن مع تجاوز سعر صرف الدولار الـ ٢٦ الفا مصحوبا بارتفاع جنوني لاسعار المواد الغذائية، وكل هذه الازمات تعود لممارسات خاطئة من قبل طبقة سياسية اوصلته الى «الحضيض «وتحاول العودة بكل الوسائل دون الاكتراث لما سببته من ويلات ونكبات، وهذا يفرض محاسبتها في صناديق الاقتراع اذا كان اللبنانيون يريدون فعلا الخروج من النفق المظلم الى رحاب مرحلة جديدة مغايرة للظروف السائدة حاليا.
الاوضاع الامنية
وفي ظل الازمات المعيشية الخانقة التي بدأت تنعكس على كل المناطق عبر «موجات مرعبة»من الفلتان الامني عزتها بعض المصادر الامنية الى حدة الازمة الاجتماعية التي باتت تشكل الخطر الاول على الاستقرار الامني، وحسب المصادر المتابعة، فان معظم عمليات القتل الاخيرة التي شهدتها معظم المناطق ووصلت الى اكثر من ٦٠ عملية قتل كانت دوافعها مالية ومعيشية، بالاضافة الى ارتفاع معدلات عمليات الانتحار والخطف مقابل الفدية، كما تحتل سرقة «الكابلات الكهربائية» المرتبة الاولى ولم تسلم قرية في لبنان من هذه الحوادث، ويبلغ يوميا عن عشرات السرقات لمحطات المياه الرسمية والخاصة، بالتزامن مع عمليات تشليح للمواطنين واستهداف المحلات التجارية، ووصول سرقة السيارات الى مستويات عالية، بالاضافة الى سرقة «جزادين» النساء من عصابات يستقلون الدراجات مما دفع قوى الامن الى اصدار بيانات تنبيه وتحذير النساء من لبس المجوهرات والحلي، علما ان القوى الامنية تتعامل مع العديد من هذه الحوادث كأنها غير موجودة وتكتفي بتسجيل المحاضر فقط، حتى ان العديد من البلديات تشتكي من طريقة التعامل مع السارقين، وتجنب المخافر احيانا عمليات التحقيق والطلب من شرطة البلديات معالجة الامور وتقدير الظروف بسبب النقص في المعدات «وكورونا» واماكن التوقيف. لكن الخطر الاكبر يبقى في ارتفاع نسب المتعاطين للمخدرات في صفوف الشباب والفتيات.
وفي هذا الاطار، علم ان الجيش اللبناني يقوم بمداهمات واسعة مع قوى الامن الداخلي في الضاحية الجنوبية، تطال معظم المخلين بالامن وعصابات السرقة، وتحظى العملية بغطاء من حزب الله وحركة امل، وقد تجاوز عدد الموقوفين الـ ٦٠ شخصا من الرموز الذين يديرون هذه العمليات، كما تطال المداهمات المروجين لكافة انواع الممنوعات.