تتوسّع إسرائيل في انتهاكاتها اليومية جنوب لبنان، حيث تواصل منذ أيام «أعمال بناء إضافية لجدار» بالمنطقة تجاوز جزء منه جنوب شرقي بلدة يارون، أي «الخط الأزرق»، وفق ما سبق أن أعلنت عنه قوات الطوارئ الدولية العاملة جنوب لبنان (اليونيفيل)، التي تعرضّت الأحد إلى إطلاق نار مباشر من القوات الإسرائيلية، واصفة الحادث بأنه «انتهاك خطير لقرار مجلس الأمن رقم (1701)».وهذه ليست المرة الأولى التي يسجل فيها اعتداء إسرائيلي على «اليونيفيل» في جنوب لبنان، حيث تقول تل أبيب دائماً إن ما يحصل لم يكن مقصوداً.وفي وقت لاحق أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه لم يطلق النار «عمداً» على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، إذ اعتقد أن الجنود الأمميين «مشتبه بهم».
وقال في بيان إنه «تم تحديد اثنين من المشتبه بهم في منطقة الحمامص في جنوب لبنان. ثم أطلقت القوات طلقات تحذيرية… وبعد التحقق، تبيّن أن من اشتبه بهم هم جنود من الأمم المتحدة كانوا يقومون بدورية في المنطقة»، مضيفاً أن الأمر «قيد التحقيق».
استباق المفاوضات
في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى الحدود اللبنانية الجنوبية، حيث تستمر إسرائيل في بناء الجدار، ضاربة بعُرض الحائط كل التحذيرات، ومنها التي صدرت عن قوات «اليونيفيل»، إضافة إلى توجه لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وذلك في وقت يدعو فيه لبنان إلى إجراء مفاوضات لإنهاء الوضع القائم، وترسيم الحدود البرية.
وفي هذا الإطار، يرى اللواء الركن المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي الذي شغل منصب رئيس الوفد اللبناني للمفاوضات البحرية بين لبنان وإسرائيل، أن الأخيرة تستبق أي مفاوضات قد تحصل بين البلدين حول الحدود البرية لتكريس الخط الأزرق.ويقول شحيتلي لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2022 بدأت إسرائيل بناء حائط على طول الحدود، ولم تأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات اللبنانية، وها هي اليوم تستكمل بناءه لتكريس أمر واقع، انطلاقاً من أن الخط الأزرق لم يكن ترسيماً نهائياً، بل سيكون قابلاً للتعديل في أي مفاوضات مقبلة وهو ما يطالب به لبنان، وذلك بعد الذي عدّته انتصاراً لها في الحرب الأخيرة، ويحق لها بالتالي فرض ما تريده بالقوة».
ويضيف شحيتلي: «من هنا، إذا استمرت تل أبيب في بناء هذا الحائط الأسمنتي بعلو 20 متراً، فسيصبح موضوع الحدود البرية أمراً أكثر تعقيداً وشائكاً عند البدء في أي مفاوضات جديدة»، مشيراً إلى أنه «إذا أجريت المفاوضات فسوف نكون على الأرجح عند خط أزرق معدل، في بعض الأماكن لصالح لبنان، وفي أماكن أخرى لصالح إسرائيل».ويتابع شحيتلي: «بعدما كنا نخاف أن تقوم تل أبيب بضم قرى الحافة الأمامية التي قامت بتدميرها، يؤشر بناؤها هذا الحائط أنها لن تقوم بعملية الضم، ولكن ستكون المنطقة خاضعة لإجراءات أمنية خاصة، بحيث يكون لإسرائيل يد فيها على المنطقة التي قامت بتدميرها بشكل كامل عند الحافة الأمامية».
كارولين عاكوم – الشرق الاوسط


